شخصيات فلسطينية تعود إلى السياسة من بوابة غزة


وعود حل أزمات القطاع إحدى وسائل التقرب من سكانه

عز الدين أبو عيشة مراسل

مع انطلاق قطار الانتخابات التشريعية، والانتهاء من تسجيل القوائم الخاصة بها، بدأت شخصيات فلسطينية مسؤولة غائبة عن الساحة السياسية منذ سنوات التقرب من قطاع غزة بشعاراتها، والدعوة إلى ضرورة إنصاف سكانه الذين ذاقوا الويلات على مدار السنوات الماضية، ضمن المساعي للظفر بعضوية البرلمان (المجلس التشريعي).

وعادت أنظار المسؤولين الفلسطينيين إلى التوجه للقطاع، كونه يضمن قرابة نصف المسجلين للاقتراع، وتعد غزة منطقة مؤثرة وحاسمة في تحديد نتائج الانتخابات المقبلة، المقرر إجراؤها مايو (أيار) المقبل.

أصوات حاسمة

فبحسب بيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية)، فإن عدد سكان غزة يزيد على مليونين و48 ألف نسمة، ويشكلون 49.7 في المئة من إجمالي عدد سكان الأراضي الفلسطينية، بينهم مليون مواطن مسجل ومؤهل للاقتراع في الانتخابات المقبلة، من أصل مليونين و34 ألف نسمة، أي يشكلون تقريباً 49.6 في المئة من إجمالي عدد الناخبين الفلسطينيين.

وعلى الرغم من أن قطاع غزة فيه أقل من نصف عدد الناخبين، فإن مشاركتهم وصلت إلى 51 في المئة في الانتخابات التشريعية الأخيرة المبرمة عام 2006، ويتوقع مراقبون أن تشكل مشاركتهم هذه المرة النسبة ذاتها، لذلك يراهن المسؤولون الفلسطينيون عليهم، ويجب كسب أصواتهم باعتبارها حاسمة للنتائج.

ويعتقد مراقبون سياسيون أن غزة تعد بوابة الدعاية الانتخابية لجميع القوائم المرشحة، تحديداً عن طريق حقوق سكانها والظلم الذي عانوه خلال فترة الانقسام الفلسطيني، ومن هذا الإطار بدأت شخصيات فلسطينية غائبة منذ سنوات عن المعترك السياسي، بالعودة إليه من جديد ومن بوابة غزة تحديداً.

عودة فياض

وكان أولهم سلام فياض، الذي شغل منصب رئيس الوزراء (رئيس حكومة الطوارئ) منذ عام 2007 ولمدة ستة أعوام، وبعدها غاب كلياً عن المشهد السياسي، وبات يرفض حتى الإدلاء بأي تصريحات.

عودة فياض إلى الحياة السياسية بدأت بتقديمه دراسة وخطاباً مطولاً عن واقع الحياة في قطاع غزة، ومعاناة السكان فيه والأوضاع المالية لديهم، إلى جانب التحصيل الحكومي الذي لا تعرف به السلطة الفلسطينية.

ومدافعاً عنها قال “غزة ليست حمولة زائدة، قلنا ذلك سابقاً ونؤكده اليوم، لذلك من الضروري أن نعمل على حل مشكلاتها والخلافات الدائرة بالأساس على التنازع المباشر على السلطة بين فتح وحماس، من دون مراعاة هموم الناس، لذلك من المهم التطلع إلى رغبات مواطنيها في أي حكومة مقبلة”.

بعدها مباشرة، سجل فياض برفقة عدد من الشخصيات السياسية قائمة “معاً قادرون” الانتخابية، للدخول إلى المجلس التشريعي، علماً أنه تمكن في الانتخابات السابقة (جرت عام 2006) من الحصول على مقعدين في البرلمان ضمن حزب “الطريق الثالث”.

محاسبة سبب المعاناة

وإلى جانبه، نبيل عمرو عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وشغل منصب مستشار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لشؤون الثقافة والإعلام حتى عام 2019، ومنذ تسعة أعوام غائب عن المشهد السياسي، خصوصاً في شؤون قطاع غزة.

لكن، من بوابتها عاد إذ قال “غزة لن تنتقم حتى اللحظة من الأطراف التي تسببت في معاناتها، ومن خلال الانتخابات ستحاسب كل من تسبب في معاناتها وقصر في حقها وظلمها طويلاً”. مضيفاً، “عندما يشكل المجلس التشريعي المقبل، ويصدر قراراً بحل جميع مشكلات القطاع، لن تبقى هناك حجة لأي مسؤول، ونرفض سماع شعار لا يوجد أموال”.

ويرغب عمرو في الترشح للانتخابات التشريعية في قائمة حركة “فتح” أو بعيداً عنها في تحالف انتخابي مستقل، ويطمح لدخول مظلة المجلس التشريعي، مؤكداً أنه سيشارك في العملية الديمقراطية المقبلة.

حل إشكاليات غزة 

أما أحمد مجدلاني، الذي يشغل منصب الأمين العام لجبهة النضال الشعبي، فليس منقطعاً عن الحياة السياسية، لكنه كان بعيداً عن قطاع غزة فترة طويلة، ومع اقتراب الانتخابات، بدأ يصرح بضرورة حل مشكلاتها.

يقول مجدلاني، “الظروف والبيئة السياسية مواتيتان أكثر من أي وقت مضى لمعالجة الإشكاليات في القطاع، ويجب ترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني، ومعالجة القضايا الخاصة بغزة وإلغاء جميع القرارات ضدها التي هي في الأساس غير قانونية”.

وأيضاً سمير المشهراوي، رجل القيادي المفصول من حركة “فتح” محمد دحلان، ونائبه في التيار الإصلاحي الديمقراطي، ومنذ خروجه من القطاع بعد أحداث الاقتتال الفلسطيني عام 2007، غاب عن المشهد السياسي جزئياً، وبقي حضوره مقصوراً على تصريحات إعلامية فقط.

وفي خضم موجة التحضير لعملية الاقتراع، عاد إلى الواجهة من جديد، يترأس قائمة “المستقبل” التي قدمها التيار الإصلاحي للجنة الانتخابات في القطاع، كونه ممنوعاً من دخول الضفة الغربية.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأسير أحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية، على الرغم من أنه بعيد عن السياسة، لكن تنظيمه اختاره ليكون على رأس قائمتهم الانتخابية، ليعود بذلك إلى ممارسة نشاطه السياسي.

التقرب لدغدغة حاجات غزة

يقول الباحث السياسي طلال عوكل، إن تقرب القيادات الفلسطينية من غزة يأتي في إطار “استقطاب أصوات الناخبين”، خصوصاً أن القطاع يعد بؤرة مهمة مليئة بالأحداث السياسية، وكسب موقفهم يؤثر بشكل إيجابي على تقربهم من الفوز والدخول في مظلة المجلس التشريعي.

ويضيف، “سكان غزة متعطشون لمن يحل مشكلاتهم، لكن تقرب المسؤولين يأتي لدغدغة حاجات المواطنين فقط، الذين يدركون حجم المعاناة ويرغبون في حلول، وحتى اللحظة لم يقدم أحد حلولاً عملية”.

ويرى عوكل أن التقرب من غزة مجرد مواقف، لكن الواقع الفعلي كما هو، والحل بيد المسؤولين المباشرين، إما في القطاع أو الضفة الغربية، ولا يعد ذلك في إطار الدعاية الانتخابية كونه “لا يحمل برنامجاً حقيقياً مبنياً على أسس التغيير وتقديم خدمات لجمهور غزة المؤثر”.