لماذا يعجز الديمقراطيون عن تقييد السلاح رغم أغلبيتهم بالكونغرس؟

لوّح البيت الأبيض بلجوء الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى “خطوات تنفيذية” لفرض قوانين فيدرالية تقيد حيازة السلاح، بعد هجومين دمويين الأسبوع الماضي، أسفرا عن 18 قتيلا.


وجاء ذلك بعد تجديد بايدن مطالبته الكونغرس باتخاذ خطوات عملية في هذا الإطار، ولا سيما من خلال تبني قانون لمنع المخازن التي تحوي عددا كبيرا من الذخيرة، وفحص التاريخ الشخصي لمن يريدون شراء السلاح، بالنظر إلى أن كثيرا من الولايات لا تمنع ذوي السوابق، بل وحتى من يعانون من أمراض نفسية وعقلية، من اقتناء السلاح.

لكن الكونغرس لم يستجب لمطالبات بايدن، رغم أن استطلاعات الرأي تظهر تأييدا لفرض قيود على حيازة السلاح- مقابل رفض لمنعه تماما-، ما يطرح أسئلة عن تردد الديمقراطيين، رغم سيطرتهم على مجلسي النواب والشيوخ، فضلا عن البيت الأبيض.

قانون “التعطيل”

ولفتت تقارير أمريكية إلى أن قانون “التعطيل”، المعمول به تاريخيا في مجلس الشيوخ، يتيح للأقلية إطالة أمد النقاشات حول أي قانون “إلى ما لا نهاية”، ما يعرقل الوصول إلى مرحلة التصويت.

وبموجب القانون، فإن إنهاء النقاش، والانتقال إلى مرحلة التصويت، يتطلب موافقة 60 من أصل الأعضاء الـ100.

ويتقاسم الحزبان مقاعد المجلس مناصفة، وتمتلك نائب الرئيس، الديمقراطية بطبيعة الحال، كامالا هاريس، حق إنهاء التعادل، باعتبارها رئيسة المجلس، لكن ذلك يجري لدى الوصول إلى مرحلة التصويت على التشريعات، لا إنهاء “التعطيل”.

وبحسب تقرير لموقع “فوكس” (Vox)، ت فإن قانون التعطيل، الذي أريد به منح الأقلية حقا بإعلاء صوتها في المجلس، لطالما استخدم، فعليا، ضد الأقليات العرقية في الولايات المتحدة، ولصالح خيارات البيض، بما في ذلك تقييد السلاح وتشريعات الرعاية الصحية.

ووفق التقرير، فإن هنالك طرقا للاتفاف على التعطيل، ومنها إدراج القوانين في بنود غير خاضعة له، مثل الموازنات الفيدرالية، لكن ذلك يتطلب صياغة دقيقة لإثبات أن البند ينتمي للتشريع بالفعل، لتفادي لجوء المعارضين إلى المحكمة العليا.

خلاف ديمقراطي.. وسجالات

وبالفعل، طالب تقدميون بالبحث عن طرق إلتفافية، لكن السيناتور الديمقراطي “جو مانشين” قنبلة قبل أيام بإعلانه رفض مساعي حزبه بشأن اقتناء الأسلحة، ما جعل المشهد أكثر تعقيدا.

وأوضح موقع “ذا هيل” أن السيناتور مانشين يرى أن المساعي الديمقراطية مبالغ فيها، ويريد استثناء في تشريع “التحقق من السجل” لصالح من يحصلون على أسلحة من أقاربهم وأصدقائهم.

وأكد مانشين أنه سيواصل مناقشة الأمر مع زميله الجمهوري، بات تومي، حيث اشتركا عام 2013 بمقترح لرفض التحقق من السجل على الأسلحة التي يتم بيعها عبر الإنترنت أو في المتاجر.

لكن ديمقراطيين آخرين أبرزهم السناتور كريس مورفي، اعتبروا أن أمر تحديد ما هو “تجاري” من غيره في عمليات البيع والشراء أمر في غاية الصعوبة.

واتهم مورفي كلا من مانشين وتومي بالخضوع لتأثير”الرابطة الوطنية الأمريكي للأسلحة”، أكبر لوبي داعم لحيازة السلاح في البلاد؛ موضحا أنهما قدما تنازلات بعد مفاوضات مع الاتحاد على أمل أن يحظا مقترحهما بدعمه، وهو ما لم يحدث رغم ذلك.

ولا تتوقف الخلافات الديمقراطية عند ذلك الحد، إذ هنالك التقدميون الذي يطالبون بقيود أكبر من تلك التي اقترحها بايدن.

ماذا عن “الأمر التنفيذي”؟

سلط تقرير لـ”فوكس نيوز”،21″، الضوء على إمكانية أن يتخذ بايدن أمرا تنفيذيا بشأن السلاح، وما إذا كان ذلك يصطدم بالتعديل الثاني للدستور، الذي يحفظ لجميع الأمريكيين الحق بحمل السلاح والدفاع عن أنفسهم.

ووفق التقرير، فإن الخبراء يؤكدون أن بايدن يمكنه استخدام السلطة التنفيذية لفرض عمليات التحقق من الخلفية وإبطاء مبيعات الأسلحة.

لكن بايدن أظهر ترددا واضحا، فقد أصدر دفعة من القرارات التنفيذية التي أنهى من خلالها أوامر لسلفه الجمهوري دونالد ترامب. ولم يكن من بينها أي شيء يتعلق بالسلاح، إلى أن وقعت أعمال القتل الجماعي الأسبوع الماضي.

وستدخل الإدارة في معارك قضائية في حال اتخذ بايدن قرارات تنفيذية بهذا الخصوص، ما قد يدفعه إلى خطوات بسقف منخفض، من قبيل منع استيراد الأسلحة من الخارج للاستخدام الفردي، والأسلحة المصنوعة من خلال طابعات ثلاثية الأبعاد، أو جميع الأسلحة التي ليست لها أرقام تسلسلية، ما يصعب تعقب أصحابها.

“خيبة أمل”

ودعم بايدن إجراءات لتقييد السلاح خلال عضويته في مجلس الشيوخ، وذكر بذلك مرارا خلال الأيام الماضية، لكنه تذرع بـ”الوقت المناسب” عندما تعرض لضغوط متزايدة لإصدار قرار تنفيذي.

ووفق تقرير لموقع “الإذاعة الوطنية العامة” (أن بي آر)، الأحد، فقد أدى تردد بايدن إلى “خيبة أمل” في صفوف الجماعات المطالبة بتقييد السلاح، لا سيما وأن الرئيس الديمقراطي قال مرارا خلال الأيام الماضية إنه “لن ينتظر حتى تقع جريمة قتل جماعي أخرى”.

ويأتي جزء خيبة الأمل تلك، بحسب التقرير، ، بسبب تاريخ بايدن الطويل، المشار إليه، في العمل ضد فوضى حيازة السلاح، بينما هو اليوم يظهر ترددا كبيرا مع وصوله لسدة الحكم.

وكان بايدن رئيسا للجنة القضائية في مجلس الشيوخ قبل نحو 30 عاما، عندما حدثت المرة الأخيرة التي أقر فيها الكونغرس تشريعا مهما بشأن مراقبة الأسلحة، بعد معركة طاحنة مع الجمهوريين والرابطة الوطنية للأسلحة.

واستهدف القانون الأسلحة ذات الطابع العسكرية، لكنه تبدد إثر مراجعة بعد 10 سنوات على سنّه.

وبالعودة إلى الحاضر، وبعد أن بات اقتناء السلاح مشكلة أكثر تعقيدا مما مضى مع انخفاض الأسعار وتعدد الأنواع وإمكانية الشراء عبر الإنترنت؛ قال بايدن في مؤتمره الصحفي الخميس إن “السياسة فن الممكن”.

ولامتصاص غضب التقدميين إزاء الانهيار السريع لموقف بايدن، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، إن الأمر يتعلق باعتبارات “البنى التحتية” لأي قرار.

وقالت إنه يتفهم الإحباط الذي يشعر به الرافضون لفوضى السلاح، مذكّرة بـ23 إجراءا تنفيذيا اتخذها الرئيس الأسبق باراك أوباما عندما فشلت الجهود التشريعية.

وتابعت بأن هنالك مراجعة جارية الآن للإجراءات التي يمكن أن يتخذها بايدن، وألمحت في الوقت ذاته إلى ضرورة تحميل حكومات الولايات المسؤولية أيضا.

لكن تقرير “أن بي آر” استبعد أن تتمكن أي من تلك التصريحات والتبريرات من إرضاء النشطاء، فضلا عن ذوي الضحايا

عربي ٢١.