بقلم: د. زيد احمد المحيسن
النهج الديمقراطي يحقق الطمانينة للمواطن و يساهم في عملية الاستقرار للمجتمعات البشرية، لهذا فمفهوم الديمقراطية هو اكثر من العملية الانتخابية , فالديمقراطية تعني الحرية بكافة مسمياتها واشكالها من تعبير وحرية الصحافة وحرية عقد الاجتماعات وحرية التنظيم الحزبي والمسيرات في اطار سيادة القانون والنظام العام , وهي ايضا تعني المحافظة على حقوق الانسان وكرامته وتحقيق المساواة والعدالة التي ينعم بها الجميع في اطار سيادة القانون ,وكذلك تعني حرية المشاركة في العملية السياسية والايمان بالتعددية وقبول الاخر والتداول السلمي للسلطة والفصل بين السلطات، والالتزام القانوني والاخلاقي بمخرجات الانتخابات وبالشفافية والمساءلة.. فالدولة الديمقراطية دولة قانون ومساءلة، والمعارضة في النظم و النهج الديمقراطي هي جزء اصيل في العملية الديمقراطية , لهذا فنحن في العالم العربي نفزع من كلمة معارضة وفي نفس الوقت نزعم اننا دول ديمقراطية !
لكل هذه الاسباب يمكن القول وبوضوح تام انه لا توجد ديمقراطية حقيقية في بلادنا العربية انما توجد تجارب انتخابية , وحتى نتمكن من بناء نهج ديمقراطي في ديارنا العربية يتعين علينا ان نؤمن بالمعارضة كجزء اصيل في العملية الديمقراطية وليس” صفر حافظ منزلة”.
ان مشكلة امتنا العربية تكمن في انظمتها التي ولدت ليس من رحم العمل الديمقراطي بل كانت ولادتها في الاصل لاب غير شرعي حدد لها وظائفها وواجباتها لخدمته، فاصبحت مصالح هذه الانظمة ومصالح شعوبها في خطين متوازيين لا يلتقيان – لهذا زاد الشرخ بين الحاكم والمحكوم وتعذر على الانظمة رتق سوءاتها فتكرس الفساد بكافة اشكاله – وفي هذا الواقع الفاسد برز السياسي الخائن لوطنه والمطبع مع عدو الامة، والمترهل الاداري الفاسد الذي لا يقوم بواجبه خير القيام، واللص المالي الذي لا يحرم ولا يحلل صاحب اليد الطويلة على نهب المال العام، وفي نفس الوقت ظهر البرلماني المشرع الفاسد الذي لا يهمه حكم القانون وسيادته على الجميع بقدر ما يهمه افساد التشريع وتحقيق المكاسب المادية لصالح جيبه الخاص.
لهذا فالمعارضة في مجتمعاتنا العربية تغيب وتحارب وتلفق لها التهم الجاهزة من اجل تكريس دولة الاستبداد ودولة الرجل الواحد حتى يبقى الفساد هو سيد الموقف، فمثل هذه الحالات الاستبدادية في الحكم لا يمكن لاصحابها البقاء الى مالا نهاية – فأرادة الامة قادرة ان تحصد التغيير المنشود وتسقط كل ما علق بالعملية الديمقراطية من شوائب اذا ما توحدت الارادة الجمعية للامة صوب هدف و بوصلة الاصلاح والتغيير الجذري للنهج الاستبدادي، وتكريس خيار الديمقراطية الكاملة وغير المجتزأه كخيار وجودي وحياتي لا رجعة عنه، وذلك من مبدأ “نكون او لا نكون” .