إكرام صعب – بيروت
ينجرف لبنان بشدة نحو هوة أزمة عميقة، ويلاحقه الفشل في كل خطوة يخطوها لمداواة جروح عملته المنهارة والإفلات من انهيار مالي واجتماعي أوسع، وسط مخاوف أمنية مقلقة.
ينجرف لبنان بشدة نحو هوة أزمة عميقة، ويلاحقه الفشل في كل خطوة يخطوها لمداواة جروح عملته المنهارة والإفلات من انهيار مالي واجتماعي أوسع، وسط مخاوف أمنية مقلقة.
ولم تنفع الزيارات الـ18 التي قام بها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري إلى بعبدا في حلحلة العقد الوزارية بين الطرفين، فيما يصر رئيس الجمهورية على الثلث المعطل ويقول إنه لا يريده، والحريري ثابت على موقفه: تشكيلة من 18 وزيراً لا يكون فيها ثلث معطل لأي أحد.
الزيارة الـ18 كانت مفصلية للبنان، لأنها أتت بعد نهاية أسبوع كان حافل بالرسائل السياسية بين أطراف التشكيل، وأصبح الوضع أكثر تعقيداً.
تطورات متوقعة
ويرى رئيس تحرير صحيفة اللواء اللبنانية صلاح سلام، أن “ما حصل كان متوقعاً ، فبعد خطاب الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، كان واضحاً أن مسيرة التأليف تعطلت، خاصة أن الشروط التي اتفقوا عليها في فترة سابقة تغيرت اليوم” .
وشرح سلام، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أن الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري لقام بإٕرسال وفود من تيار المستقبل الى كل الكتل السياسية، بما في ذلك الثنائي الشيعي من أجل الاستفسار عن المبادرة، فكان الجميع متفقا على المبادرة الفرنسية، لكن تم التخلي عنها فجأة وحلت مكانها فكرة حكومة “تكنو – سياسية” أي سياسية مطعمة بوزراء إختصاص .
وراهن رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، على هذه الصيغة، أي الثلث المعطل لعمل الحكومة بـ 6 وزراء، وفي هذه الحالة لن يتخذوا أي إجراء في حال منعهم من المشاركة في الجلسات.
وتتعارض هذه الصيغة مع خطوط المبادرة الفرنسية، والتي كانت أساسا لترشح الرئيس سعد الحريري “، ويشير إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون اتبع نهجا استفزازيا مع الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة سعد الحريري، سواء من خلال دعوته عبر شاشات التلفزة، أو عبر إرسال لائحة يوم الاثنين، بتوزيع الحقائب على الطوائف، فضلا عن التمسك بالثلث المعطل.
ويرى الباحث أن هذا النهج قاد إلى احتمالين اثنين، فإما تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال أو التلويح بقصة تعديل الدستور، فكان رد تيار المستقبل هو الاستقالة من مجلس النواب في حال طرح تعديل الدستور”.
انتخابات نيابية مبكرة
وأردف سلام “هنا تطرح أزمة ميثاق ويمكن أن توصل الى انتخابات نيابية مبكرة، وهكذا يكون البلد فقد السلطتين معاً التنفيذية والتشريعية، في حال استقال نواب المستقبل، وحينها طريقنا سيكون ألى ما يسمى بالدولة الفاشلة بجميع المقاييس، وقد يكون هناك تدخلاً خارجي لإعادة تكوين السلطة في لبنان.
وتطرق سلام “إلى مؤشرات للتدخل، من بينها دور القمة الأوروبية، كاشفاً عن الاتصال الذي جرى أمس بين البابا فرنسيس والرئيس الفرنسي ماكرون حول الوضع اللبناني”.
أما خليجياً، فقال “الموقف الخليجي يعتبر السلطة الحالية تحت سيطرة حزب الله، وعليه لا يريد أي طرف خليجي التدخل، وأكد سلام أن كل ما قيل عن تخل هو كلام لا أساس له من الصحة، و لم ينف سلام تخوفه من تداعيات اجتماعية معيشية وأمنية خصوصاً بعد تحذير حسن نصرالله من قطع الطرق “هذه من الخيارات التي قد تؤدي إلى فتنة، ورأى لأن قطع الطرق لعبة مبرمجة (لأجهزة) هدفها تنفير الناس وإبطال تحقيق أهداف الجمهور المنتفض”.
ويضيف “أن تفاقم الوضع الاجتماعي سيد الموقف حالياً خصوصا، لا سيما من ناحية الارتفاع السريع لسعر للدولار، مشيراً إلى أنه لن يتوقف عند رقم 15 عشر ألف ليرة للدولار الواحد فيما لم يستطع مصرف لبنان السيطرة على الدولار والتأزم حاصل والاتجاه بلبنان نحو وضع صعب للغاية والآتي أكثر فداحة، على مختلف الصعد الأمنية والمعيشية والاجتماعية، وباعتراف وزير الداخلية الذي قال إن القوى الأمنية منهكة وفعاليتها لا تتجاوز 50 في المئة.
وقال سلام “سيمر لبنان بفترة أقلها 3 أشهر صعبة ريثما تنتهي الانتخابات في سوريا واليمن ويتضح حكم الملف النووي”.
استقالة نواب المستقبل
وقال نائب رئيس تيار المستقبل، مصطفى علوش، في تصريح صحفي، “نحن نعمل بناء على المعطيات التي تسجل والآن الرئيس سعد الحريري هو الرئيس المكلف ومن هو منزعج فليستقل”.
وعن احتمال توجه كتلة “المستقبل” إلى الاستقالة، أكد علوش أن الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، وحتى الآن البرنامج القائم هو الاستمرار في السعي للوصول إلى نتيجة في تشكيل الحكومة.
صراعات إقليمية
وبدوره، قال الخبير في الشؤون الاقتصادية، أنطوان سعد، ل”، إن ما حصل أمس يندرج تحت خانة خلافات سياسية ظاهرها مشاكل لبنانية وباطنها تعقيدات إقليمية دولية، وبدا واضحا أن ثمة طرحين دوليين إقليميين يتصارعان على الساحة اللبنانية، فأصبح لبنان ساحة صراع إقليمي دولي، الأمر الذي يعقد الحلول والمطلوب هو مبادرة دولية سريعة أو محلية “.
وشدد الخبير سعد على ضرورة البدء بنقاط التوافق وتدعيمها كعملية عزل للنقاط الخلافية، لأن لبنان برمته أصبح اليوم رهينة الفوضى، وأضاف أن الطريق مخيفة، “نتجه نحو أزمات إقتصادية كبيرة، لأن ما يخرج من الدولار أكثر مما يدخل، سواء عبر التهريب أو غيره، ومخزون الدولار يقل يوما بعد يوم ونعاني من تهريب المواد المدعومة من الدولة إلى خارج لبنان؛ مثل المواد الغذائية التي وصل دعمها إلى 80 ومئة مليون دولار شهريا بينما حاجتنا الحقيقية هي 30 مليون دولار”.
ويختم بالقول “الحل سياسي بامتياز للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة “.
وفي تطور سياسي لافت مساء الثلاثاء، زار سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بن عبدالله بخاري، قصر بعبدا ودعا بعد لقائه الرئيس اللبناني، ميشال عون “جميع الفرقاء اللبنانيين إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا”، مضيفاً “نؤكد على مضامين قرارات مجلس الأمن رقم 1701 و1559 والقرارات العربية من أجل الحفاظ على استقرار لبنان، وشدد على أن “اتفاق الطائف هو المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان”.
سكاي نيوز