معركة الكرامة”وتفجر زئير الأسود”

بقلم المقدم المتقاعد الدكتور يحيى الكعابنة

بعد خسارة الجيوش العربية عام 1967م وخسارة الأردن الضفة الغربية بعد اعتماده على غطاء جوي من الجيوش العربية، ونتيجة لذلك بدأت القيادة السياسية والعسكرية في الأردن بقيادة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، التخطيط لمرحلة مقبلة بحنكة وبُعد سياسي ومعرفة بأن حرب 1967م ما هو إلا جزء من سلسلة حروب سوف تقوم بها إسرائيل نتيجة لأطماعها التوسعية على حساب الدول العربية، ومن هنا بدأت القوات المسلحة الأردنية الجيش العربي التخطيط والاعتماد الكلي على جنودها ومعداتها القتالية المتوفرة بين يديها.
وأخذت القيادة العامة استراتيجية قتالية لتأخذ بعين الاعتبار كافة ظروف القوات المسلحة الأردنية بعد حرب 1967م، وكان من اهمها التفوق الجوي للعدو وإمكانياته القتالية المدعومة من الدول الغربية، وأهم ما نذكر من هذه الاستراتيجية التي اتخذتها القوات الأردنية هو تحقيق المفاجئة التعبوية واستغلال أعمال الخداع والتمويه على نطاق واسع لتجنب التفوق الجوي للعدو الإسرائيلي.
وبهذا بدأت القوات المسلحة الأردنية الجيش العربي تستعد للقتال وإعادة التموضع على طول الواجهة الغربية؛ رغم حرب الاستنزاف التي قامت بها إسرائيل وقصف المواقع الأردنية من وقت لآخر بالمدفعية والرشاشات المتوسطة.
بدأت القوة الاستخباراتية الأردنية بجمع المعلومات الاستخباراتية عن العدو الصهيوني وتحديثها على مدار الساعة، لذلك بدأت القيادة التعبوية بتوزيع القوات على الواجهة الغربية وتحديد نطاق المسؤولية لكل وحدة عسكرية، وفرز قوات الحجابات الأمامية لإعاقة تقدم العدو، وتمرير المعلومات الأوليةعن العدو.
وهكذا لعبت القوة الاستخباراتية الأردنية دورًا في تحقيق النصر الاستخباراتي على قوات العدو الصهيوني واجهزته الاستخبارية، حيث كانت القوة التعبوية الأردنية على علم تام بما يخطط له العدو نتيجة للتقارير الاستخباراتية الواردة من القيادة العامه.
وفي تمام الساعة (0:500) من فجر يوم 21 آذار 1968م، بدأت قوات العدو الصهيوني بقصف شديد على طول الواجهة الغربية مركزة على قوات الحجاب الأمامية، وبهذه الأثناء بدأت هجوم قوات العدو على مواقع قوات الحجاب الأمامية، حيث بدأت قوات الحجاب بالانسحاب التكتيكي بالتنسيق مع القوة الضاربة الرئيسية، وجر العدو لمنطقة التقتيل المنتخبة من قبل قواتنا.
ومن هنا أخذ الموقف يتضح حيث استخدم العدو ثلاث مقتربات رئيسية للهجوم ومقترب ثانوي لتشتيت فكر القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية.
المقترب الأول: جسر الأمير محمد / مثلث العارضة / المرتفعات الشرقية/ عمان.
المقترب الثاني: جسر الملك الحسين/ الشونة/ وادي شعيب/ المرتفعات الشرقية/ عمان.
المقترب الثالث: جسر الأمير عبدالله/ مثلث الرامة/ ناعور/ المرتفعات الشرقية/ عمان.
المقترب الرابع: غور الصافيلتضليل القيادة العامة الجيش العربي.

وبعد تقدم قوات العدو واجتياز قوات الحجاب على جميع المحاور الرئيسية أصبحت القوات متقاربة من بعضها البعض، أفقدت العدو إمكانياته الجوية، حيث أصبحت السيطرة الميدانية للقوات الأردنية، وتمكن الجيش العربي من محاصرة قوة مظليين للعدو في سهول منطقة الكرامة وتثبيت جميع القوات على المحاور الرئيسية تحت القصف المدفعي الأردني، وأسلحة قنص الدروع الأردنية، حيث بدأت حرية الحركة للقوات الأردنية متجنبة بذلك السيطرة الجوية الاسرائيلية.
وبعدها بدأت البطولات الفردية لقواتنا الباسلة، فمنها من قاتل بالسلاح الأبيض، ومنهم من صعد على دبابات العدو وقذف فيها القنابل اليدوية، ولا ننسى ضابط الملاحظة المدفعي الذي طلب قصف موقعة هو وزملائه بعد أن وصلت الى موقعه طلائع قوات العدوالمدرعة.
حيث طلبت القيادة الصهيونية وقف اطلاق النار نتيجة لفقدانها الكثير من افرادها والياتيها ولكن جلالة المغفور له الحسين بن طلال رفض وقف اطلاق النار وهناك جندي صهيوني شرقي النهر وهكذا انسحبت القوات المعادية وهي تحت القصف الشديد تجر اذيال الخيبة والهزيمة .
وبهذا اتحدت قوة الإرادة الأردنية السياسية والاستخباراتية والعسكرية التعبوية كصخرة صماء تحطم عليها مقولة الجيش الإسرائيلي الذي لا يهزم.
سائلين الله عز وجل أن يغفر لشهداء الأردن وشهداء معركة الكرامة والمغفور له جلالة القائد الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، وأن يحفظ الأردن تحت ظل الراية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده الميمون.