لماذا لم يعقد بايدن أي مؤتمرات صحافية حتى الآن؟

العاصمة ترتعد لكننا نحن في الغرب الأوسط نملك نوعاً ما مختلفاً من الإحساس في شأن بقاء الرئيس الجديد على مسافة من شاشاتنا

ستيفن ليونز

يا للهول! يا للهول! لقد مضى خمسون يوماً على توليه منصب الرئيس، ولم يعقد جو بايدن مؤتمراً صحافياً بعد!

يوم السبت الماضي، قفز بيتر بيكر مراسل البيت الأبيض في “نيويورك تايمز” ومحلل قناة “أم أس أن بي سي” MSNBC إلى “تويتر” كي يبلغنا أنه “في هذه المرحلة من المنصب، عقد ترمب خمسة مؤتمرات صحافية، وأعطى أوباما اثنين، وجورج دبليو بوش ثلاثة، وكلينتون خمسة. لقد أعطى بايدن حتى الآن صفراً”.

يبدو أن رئيسنا السابق المخزي الذي تسبب في محاولة انقلاب، وتعامل مع جائحة “كوفيد” كجرح بسيط، ويغش في لعبة الغولف، وربما في دفع الضرائب، يتقدم بخمس مرات على الرئيس بايدن في الحضور على وسائل الإعلام . لم تكن لديّ أدنى فكرة، لم أكن أحسب.

في السياق نفسه، أشار عنوان خبر من قناة “أي بي سي نيوز” التلفزيونية إلى أن “تأخر بايدن في عقد مؤتمر صحافي رسمي يثير تساؤلات حول قضية المساءلة.” وكتب صاحب التقرير أسفل العنوان “على الرغم من أن البلاد تمر بأزمات متعددة، جائحة فتاكة وتداعيات اقتصادية مدمرة، فإن بايدن استغرق وقتاً أطول دون مواجهة أسئلة تفصيلية من الصحافيين أكثر من أي من أسلافه الخمسة عشر على مدى المئة عام الماضية”.

في يوم الأحد الماضي، بدأت “بوليتيكو” نشاطاتها الصباحية بتعليق حول حقيقة أنه على الرغم من تمرير مشروع قانون تاريخي للإغاثة من تبعات كوفيد، لم يتحل سوى مسؤول كبير في إدارة بايدن بالشجاعة للظهور في برامج حوارية ليوم الأحد. وقال أحد كبار المنتجين الإخباريين “إنهم (إدارة بايدن) يتركون فراغاً في برامج يوم الأحد”، واصفاً الأمر برمته بأنه “محير”.

حقاً، إنه محير. لماذا لم ينحنِ بايدن أمام الصحافيين بعد؟ ماذا يعني غيابه بالنسبة للوباء والاقتصاد وتغير المناخ والسلم العالمي؟ متى سنحصل على فرصة لسماع ما يفكر فيه في شأن اتهامات ميغان ماركل لأفراد العائلة المالكة؟ ما القصة الحقيقية المتعلقة “بحالة العض” الشهيرة لكلبه السيئ “ميجور”؟

في نهاية الأسبوع نفسه الذي شهد كل هذا اللغو، ذهبت مرتين إلى النادي الرياضي، على الرغم من مجهودي المتخيل (للمحافظة على لياقتي)، إلا أنني أحاول. وعلى أي حال، هناك ما يشبه مجتمعاً فرعياً هنا في بلدتي الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 5000 نسمة في وسط ولاية “إلينوي”، وهو مكان أسمع فيه الكثير من الآراء. لدينا عديد من عناصر شرطة ولاية “إلينوي” الذين يترددون على حمل الأوزان الثقيلة (في النادي الرياضي) ويناقشون أموراً أكثر إلحاحاً كالوفيات الناجمة عن القيادة عكس اتجاه السير. ويمكن سماع أحدهم مثلاً يقول “لم أرَ من قبل سائقاً يقود عكس الاتجاه وهو غير مخمور”.

خلال موسم الزراعة، يدور الحديث حول هطول أمطار غزيرة أو أمطار قليلة جداً، أو متى خرج قطيع جواميس جيك في جولة إلى غابات المقاطعة (وعادت أخيراً إلى المنزل بعد أسبوع). وفي الآونة الأخيرة، يعبر الجميع عن آرائهم حول فرص إلينوي في دوري “أن سي أي أي”NCAA  لكرة السلة.

ما لم أسمعه من زملائي في النادي الرياضي هو صخب جماعي في شأن المؤتمرات الصحافية الرئاسية أو أي شيء سياسي بشكل عام. على العكس تماماً. منذ الانتخابات الأخيرة المثيرة للجدل، من المألوف سماع أحدهم يقول “لقد سئمت السياسة، حتى إنني لم أعد أشاهد الأخبار”.

في العالم الحقيقي، غرب نهر بوتوماك، هنا في وسط “إلينوي”، نعرف شيئاً حول عدم المساءلة، والماكينات السياسية وفساد الدفع مقابل اللعب، وأكياس النقود في علب الأحذية، لكننا الآن بخير؛ إذ بفضل تخفيف حكم من قبل رئيس سابق غادر منصبه حديثاً، ليس لدينا حاكم سابق في السجن للمرة الأولى منذ أكثر من 15 عاماً.

في العام الماضي، حينما أطلق سراح الحاكم السابق رود بلاغوجفيتش بموجب قرار تخفيف الحكم عنه، وقد دِينَ بـ17 من 20 تهمة فيدرالية، من سجن فيدرالي، عقد مؤتمراً صحفياً (أخيراً) قال فيه “لم أفعل الأشياء التي قالوا إنني فعلتها. لقد كذبوا في شأني. سأعود اليوم إلى بيتي من منفى طويل كسجين سياسي أطلق سراحه”.

كيف تبدو هذه المساءلة؟

(ستيفن جيه ليون، مؤلف أربعة كتب من المقالات والصحافة. سيصدر كتابه القادم “غرب الشرق” في شهر مارس (آذار) من قبل دار النشر “فينشينغ لاين إكسبرس” Finishing Line Press)

© The Independent