لامار أركندي
تتوالى انهيارات الليرة السورية أمام الضربات الاقتصادية والسياسية التي تتلقفها تباعاً نتيجة استغلال الورقة الاقتصادية في صراعات الأطراف المتناحرة على الجغرافية السورية.
وسجلت أسواق دمشق النقدية الجمعة سعر (4580) ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، فيما تخطت الليرة حاجز (5359) مقابل اليورو وبحسب موقع (الليرة اليوم) المخصص بمتابعة حركة الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية، فقد بلغ سعر صرف الريال السعودي (1222) ليرة، ووصل سعر بيع الدرهم الإماراتي (1247) ليرة سورية.
واعتبر الخبير الاقتصادي لؤي الضاوي الانهيار المتسارع لليرة السورية لمستويات قياسية لاسيما خلال الأيام القليلة الماضية، والتي شارفت حاجز الـ 5000 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد ينذر بمجاعة تهدد ملايين المدنيين لاسيما العاملين والمدرسين وموظفي الدولة ممن يعتمدون في معيشتهم على رواتبهم الحكومية.
وأوضح الضاوي في حديثه ” أن راتب الموظف ثابت بالليرة السورية لا يتجاوز الـ 60ألف ليرة ما يعادل 13 دولار تقريبا بينما قبل الأزمة كان الراتب يتراوح بين الـ 25ألفا إلى 30 ألف ليرة ما كانت تعادل الـ 600 دولار أميركي آنذاك.
وتوقع الخبير السوري ارتفاع صرف الدولار حتى نهاية العام الجاري إلى الـ 6000 دولار وحذر من استمرار انهيار العملة الذي ينذر بكارثة إنسانية تطرق أبواب السوريين وينبغي تكاتف الجهود لتداركها سريعاً.
ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة زاد عدد السوريين الذين كانوا يواجهون الجوع ثلاثة ملايين مقارنة بالعام الفائت وبلغ تعدداهم الـ(12.4) مليون مواطن سوري يكافحون اليوم ليسدوا حاجتهم من الطعام.
إغلاق محال تجارية
مع تدهور القوة الشرائية أغلقت العديد من متاجر بيع المواد الغذائية ومحلات الصرافة في العديد من المدن السورية أبوابها.
ويقول تاجر مواد غذائية من دمشق رفض الكشف عن اسمه تواصلت سكاي نيوز عربية معه عبر الهاتف إنه اضطر لإغلاق محله في سوق الحميدية هو وعدد من تجار الحميدية وبين في حديثه لموقع سكاي نيوز عربية: “أن الأسعار ترتفع خلال ثواني مما يثقل كاهل التجار الذين يشترون بضاعتهم بالليرة السورية “.
وأضاف: “تتضاعف خسارتنا في اليوم مرات عديدة فكيلو الشاي كان قبل أسبوع بـ 17ألف ليرة وارتفع لـ 35ألف ليرة منذ أمس وكيلو السكر كان بـ 1200 ليرة ارتفعت لـ 2500 ليرة فكل المواد ارتفعت خلال أيام لثلاثة أضعاف وقد تسجل لخمسة أضعاف وأكثر مع انحدار قيمة عملتنا المحلية”.
وأوضح دكتور العلوم المالية والمصرفية “صبري التاجي” أسباب إغلاق التجار لمحالهم وبين لسكاي نيوز عربية أن التجار يتعاملون بالليرة السورية ولا يمكنهم التعامل بالعملة الأجنبية بسبب قانون تجريم التعامل بالدولار السنة الماضية، ومع الهبوط المتسارع للعملة السورية تتضاعف خسائر التجار الذين يتعاملون بالليرة، فتتقلص أمامهم مساحة الحلول الإسعافية لاستمرارهم في تجارتهم مع عدم تثبيت صرف الليرة لقلة الواردات الأجنبية.
ومن جانبها طالبت هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية أواخر فبراير من الحكومة السورية تعديل المرسوم تجريم التعامل بالدولار، دون ورود أي بيان من حكومة دمشق بهذا الخصوص.
90 % تحت خط الفقر
ويعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر وبحسب ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، “أكجمال ماجتيموفا” تخطت سوريا قائمة الأكثر فقرًا في العالم.
فيما أكد تقرير لبرنامج الأغذية العالمية (WFP) أجري في أواخر 2020 أن سوريا تشهد أسوأ حالة أمن غذائي على الإطلاق وأن حوالي 60% من السوريين يعانون حالة من انعدام الأمن الغذائي.
وتتقشف الأسر السورية في احتياجاتها الأساسية مما دفع الكثير منهم إلى اتباع نظام الوجبات اليومية من مادة السكر والشاي والزيت والاستغناء عن شراء اللحمة والحلويات والفاكهة.
ويقول صافي خليل مدرس مادة التاريخ المتقاعد في مدينة الحسكة إنه يتقاضى 45 ألف ليرة كراتب تقاعدي شهرياً. وأكد في حديثه لسكاي نيوز عربية أن راتبه وراتب زوجته وبناته الثلاثة وابنه الوحيد الذين يعملون في السلك التدريسي ورواتبهم شهريا تبلغ 354 ألف ليرة ولا تصل لـ 100دولار وأضاف: “استغنينا عن شراء العديد من المواد الأساسية من اللحوم والفاكهة والحلويات ولا تسد رواتبنا نحن الستة حاجتنا من الطعام لنهاية الشهر”.
وفي ذات السياق قالت “سهير عادل” موظفة سابقة في دائرة المياه والري المتحدرة من حلب أنها تركت عملها في القطاع العام وتعمل مع مؤسسة خاصة وتتقاضى 150 ألف ليرة سورية لا تسد مصاريفها ووالدتها المريضة التي تعيش معها بعد وفاة زوجها. وقالت لسكاي نيوز عربية:” اشتريت أمس ليتراً واحداً من الزيت بـ 16 ألف ليرة واستغنيت عن شراء القهوة والزعتر واللبن والحليب واللحمة والرز وأقلل من وجبتي من السكر والشاي حتى يكفينا لآخر الشهر “.
وبحسب الخبير الاقتصادي لؤي الضاوي فإن العجر في موازنة العام الحالي قد بلغت نسبة 42% ويتطلب تعافي حجم الموازنة ضخ كميات كبيرة من العملة السورية وتنشيط الحالة الاقتصادية.
وارتفع الدين العام للبلاد بنحو 208% بالنسبة للناتج المحلي بحسب دراسة أعدها المركز السوري للبحوث والدراسات، وعلى مدار السنوات السابقة فقدت الليرة 97% من قيمتها وبلغت معدلات البطالة في البلاد نسبة 42%.
سكاي نيوز