بقلم: د. زيد احمد المحيسن
بالرغم من الفزع الذي احدثته ايها الفيروس اللعين , وبالرغم من الضحايا والابرياء الذين كنت السبب في وفاتهم , وبالرغم من ان ملايين من البشر لايزالون يعانون من جرائك ومتواجدون على اسرة الشفاء , وتحت معاناة اجهزة التنفس الاصطناعي , وبالرغم من حالة الجوع والنقص في الانفس والثمرات التي احدثتها في الاقتصاد العالمي , وبالرغم من اثرك الاجتماعي والنفسي في تفتيت العلاقات الاسرية والاجتماعية بين الناس, وفرض قانونك وبروتوكولاتك الخاصة بين الناس – قانون التباعد الجسدي – الا ان لك فضلا كبيرا بعد فضل الله اولا, فقد كرست فينا حالة القلق والخوف، سيدي فيروس كورونا، ولكن كشفت لنا الطابق المخفي والمستور في ادق تفاصيله المملة عن هذه الانظمة العربية الممتدة من المحيط الاطلسي غربا الى خليج عمان شرقا ومن البحر الابيض المتوسط شمالا الى الصحراء الكبرى جنوبا.
لقد اثبت بلا ادنى شك ان ال 22 دولة عربية ماهن الا اشكال و عناوين لدول ولكن بدون محتوى او مضمون، وان ابسط مقومات الدولة الصحية وهي الكمامة كانت غير متوفرة لديهم اثناء الجائحة، وفشلوا فشلا ذريعا في توزيع رغيف الخبز على الناس، وان اعلامهم الرسمي الذي اشبعنا صباح مساء تطبيلا وتزميرا بالانجازات والمشاريع التنموية والخدمية قد تمخض عن انجازات ملحية هبائية و هوائية ليس لها اساس من الصحة والواقع، وان جهازنا الاداري شاخ قبل ميعادة وكان اخر اوراق التوت التي كان يستر بها عورته – ماساة مستشفى السلط الكارثية – وما جرى فيها من استهتار بالنفس البشرية التي كرمها الله من فوق سبع سماوات في كتبه وتعاليمه المقدسة …
نعم لقد انتشر فايروس كورونا القاتل في كل دول العالم واصيب العالم بحالة من الذعر والهلع والخوف الشديد، واغلقت الدول حدودها البرية والبحرية والجوية وانعزلت خوفا من هذا القاتل غير المرئي والمتنقل بخفية بين البشر، وانقسم العالم الى فئتين: فئة تملك ادوات العلم والمعرفة تعمل ليلا ونهارا لأكتشاف العلاج والترياق الواقي من خطره، والفئة الثانية ومنهاعالمنا العربي والاسلامي، وللاسف نحن منهم، تنتظر مصيرها المحتوم كونها متخلفة عن الركب علميا ومعرفيا واداريا واخلاقيا وقيميا،
لقد قدم الفيروس اللعين دروسا مجانية علينا ان نتعلمها ونحول هذا التهديد الوجودي الذي جاء معه الى فرصة يقظة وتفكير ونهوض ونجاح، فالازمات مثل طوب الاجر(الطابوق ) اما ان يتفترت الطوب او يزداد صلابة اذا وضع في – الفرن – من هنا فان الدرس الاول الذي تعلمناه من فيروس كورونا هو ان حكوماتنا التي صدعت روؤسنا بالتنمية والتطوير والانجازات وبناء دولة المؤسسات عبر عقود خلت ظهرت سوءاتها وعوارها في اول اختبار حقيقي، وتبين مدى عنكوبتية و هلامية هذه المؤسسات وتخلفها علما ومعرفة ومعدات، والدرس الثاني ان على حكوماتنا ان تدرك ان العملية التعليمية لاتهاون ولا تساهل فيها وليست محط تجارب واجتهادات فالعلم والمعرفة ليسا ترفا بل وسيلة للحياة بدون خوف وخط احمر يجب ان يكون على اولويات اجندة حكوماتنا الرشيدة تطويرا وتحديثا واهتماما، والدرس الثالث انه لا يوجد شىء اسمه بلد فقير بل يوجد نظام فاشل وفاسد في ادارة موارد البلاد الطبيعية والبشرية يحيدها عن مسارها و يبذرها ويصرفها في غير موقعها دون حسيب او رقيب او وازع اخلاقي او قيمي يمنعه من ذلك.
لهذا ، علينا ان نعي ونفهم منذ الان انه ما حك جلدك مثل ظفرك، علينا ان نعتمد على انفسنا ما استطعنا اليه سبيلا – واخيرا فما اصعب على الانسان ان يكون مبصرا في مجتمع اعمى – يخفي عماه خلف نظارة شمسية – في وضح النهار و يحاججك بانه البصير العليم .