يأمل المسؤولون العراقيون بأن ينشّط هذا القرار حركة السياح والمستثمرين
مؤيد الطرفي مراسل عراقي
اتخذت الحكومة العراقية خطوةً يرى البعض أنها تأخرت كثيراً، من خلال السماح لمواطني 36 دولة بالحصول على سمات دخول سريعة عبر المطارات والمنافذ الحدودية العراقية، لتسهيل قدوم المستثمرين ورجال الأعمال والسياح.
واتُخذ القرار الذي كشفت عنه مديرية الإقامة في وزارة الداخلية العراقية، بعد سلسلة اجتماعات في مجلس الوزراء، عقدتها لجنة عليا للتخفيف من الإجراءات المعقدة للحصول على سمات الدخول للراغبين بزيارة البلاد. كما يمثل هذا القرار بداية خريطة طريق لحل هذه العقدة التي كلفت الدولة العراقية خسائر ومشكلات عدة، شكّلت بوابةً للفساد الإداري.
ويُعدّ القرار الأول من نوعه في تاريخ الدولة العراقية منذ تأسيسها، إذ ستُمنح سمات دخول سريعة على المطارات والمنافذ الحدودية، بعدما كان العراق يُعرَف بإجراءاته المعقدة حتى بالنسبة إلى السياح القادمين لزيارة الأماكن والعتبات الدينية في البلاد. والدول التي سيُسمح لمواطنيها بالحصول على سمات دخول سريعة هي أميركا، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، فنلندا، النمسا، سويسرا، كندا، هولندا، بلجيكا، إسبانيا، السويد، الدنمارك، اليونان، بولندا، أيرلندا، فضلاً عن روسيا، الصين، اليابان، كوريا الجنوبية، قبرص، التشيك، إستونيا، المجر، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبورغ، مالطا، البرتغال، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، نيوزيلندا وأستراليا.
وإذا ما نُفِّذ القرار فسينهي ملف تعدد الجهات التي تعطي سمات الدخول من خلال السفارات العراقية ويزيل عقبةً رئيسة تعرقل توجهات الدولة الهادفة إلى تسهيل هذه العملية والاستفادة منها في تفعيل حركة العمل والتجارة وتنشيط المهن الفردية في المدن العراقية.
يخدم بعض القطاعات
وصرح رئيس “مؤسسة المستقبل للدراسات الاقتصادية” منار العبيدي أن “تسهيلات الفيزا التي قدمتها الحكومة العراقية ستُيسّر دخول المستثمرين إلى العراق، ما ينعكس إيجاباً على حركة الاستثمار”، مستبعداً أن يلعب القرار دوراً إيجابياً في مجال السياحة الدينية.
كما استبعد العبيدي أن “ينشّط القرار الحركة السياحية الأثرية، لعدم امتلاك العراق المقومات والخدمات، مثل الفنادق والبنى التحتية أو حتى المطارات الكبيرة التي بدورها تعمل على جلب السياح”، مرجحاً في الوقت ذاته أن “يسهم القرار في قدوم الجاليات المسلمة لزيارة المراقد الدينية بالعراق”.
ورأى أنه “من الممكن تشجيع السياح الأجانب من خلال إقامة وتأهيل البنى التحتية لتلك المواقع، سواء الأثرية أو الدينية المسيحية وبناء فنادق جيدة، مما سينعكس إيجاباً على تنشيط الحركة السياحية في البلد، مما سيجلب النفع للعراق”.
رفع مرتبة الجواز العراقي
وتعتقد لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي أن للخطوة الحكومية أثاراً إيجابية واضحة أهمها تشجيع المستثمرين والسياح على المجيء إلى البلاد.
وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان مثنى أمين أن “هذا الإجراء سيعمل على تشجيع المستثمرين والسياح وتقوية العلاقات مع الدول المشمولة بالتسهيلات”، مؤكداً أن “اللجنة لا تعلم الأسباب الحقيقية التي دفعت الحكومة العراقية إلى تقديم هذه التسهيلات لهذه الدول”.
ورجّح أمين أن “يرفع هذا الإجراء مرتبة الجواز العراقي عالمياً لأن بعض الدول قد تتعامل بالمثل مع العراق في منح تسهيلات للعراقيين لدخول أراضيها”.
استثمار زيارة البابا
بدوره، قال رئيس “المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية” معتز محي عبد الحميد، إن “القرار أتى بوقته استثماراً لزيارة البابا إلى العراق”، مشيراً إلى أن “الحكومة ستواجه تحديات أهمها يتمثل بتأمين الحماية للسياح القادمين إلى العراق”. وأضاف عبد الحميد أن “زيارة البابا إلى العراق وتجواله بسهولة في المحافظات، ستعمل على جلب العديد من السياح، إذ تدل على مدى استقرار الوضع الأمني في البلاد”.
ولفت عبد الحميد إلى أن “قرار منح الفيزا ركّز على دول الاتحاد الأوروبي التي تملك تشريعات صارمة في مجال ملاحقة الإرهابيين، ولذلك سنوفّر نوعاً من الاطمئنان بشأن المحاذير الأمنية لمواطني تلك الدول”، مرجحاً أن “تقوم شركات خاصة باستقبال رعايا هذه الدول الراغبين بزيارة المعالم الدينية المسيحية أو المعالم الأثرية من أجل ضمان أمنهم”. وتوقع عبد الحميد أن “تعمل بعض تلك الدول على اتخاذ إجراء مشابه لما قام به العراق، وأن تقدم تسهيلات في منح الفيزا للعراقيين الراغبين بزيارتها”.
وعي سياحي
كذلك بيّن رئيس “المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية” أن “العراق يمتلك أماكن مقدسة إسلامية ومسيحية ويهودية، ويرغب الكثير من الأجانب بزيارة هذه الأماكن المنتشرة في جميع أنحاء البلاد”.
ودعا عبد الحميد الداخل العراقي إلى “تلقف هذه الزيارات واستثمارها اقتصادياً”، وأن يكون لديه “وعي سياحي لهذا الموضوع لأن هذه الأماكن تاريخية”، مشدداً على “ضرورة تأمين الأفواج السياحية المسيحية التي ترغب بالقدوم إلى العراق، لا سيما أن البابا شجع على الحج المسيحي”.
وتابع “يملك العراق إرثاً حضارياً ودينياً في كل مدنه، إلا أن المشاكل التي تواجه السائح في الحصول على سمة الدخول تعرقل قدومه”، مشدداً على “ضرورة أن تكون التسهيلات التي سيقدمها العراق متبادَلة، بحيث تتخذ تلك الدول التي سيقدم لها العراق تسهيلات، تدابير مماثلة للعراقيين الراغبين بالسفر إليها”.
وباستثناء عام 2020 الذي شهد توقفاً للسياحة الدينية في العراق بسبب انتشار فيروس كورونا، تستقبل البلاد نحو 5 ملايين زائر سنوياً من الخارج، وفق إحصائيات هيئة السياحة العراقية، قادمين من إيران والكويت والبحرين والسعودية وباكستان وتركيا وأذربيجان وأفغانستان وبعض الدول الأوروبية، لزيارة الأماكن الدينية والمراقد في بغداد وسامراء والنجف وكربلاء وبابل. ويدخل هؤلاء عبر مطارات بغداد والنجف والبصرة وأيضاً عبر المنافذ البرية في محافظات واسط وميسان والبصرة وديالى، ذات الحدود المشتركة مع إيران والكويت.
وتعتمد النشاطات الاقتصادية في كربلاء والنجف وبعض مناطق بغداد بشكل كبير، على السياح القادمين لزيارة المراقد الدينية، حيث تضررت بشكل كبير خلال عام 2020، وفقد الآلاف عملهم في الفنادق والمطاعم وفي مهن أخرى.