بقلم: د. زيد احمد المحيسن
عمان مدينة قديمة موغلة في التاريخ الحضاري الانساني شهدت خلال سنوات عمرها المديد فترات تقدم وفترات انحسار، ولكنها ومع كل اشراقة صباح تنهد في تجديد ذاتها وتنفض الغبار عن كاهلها وتعود تستنهض شبابها – عملا مجديا وانجازا يبنى على انجاز- تعلي البناء وتساهم في نهضة الوطن وتقدمه.
في كل عام وبالتحديد في الخامس عشر من شهر اذار تشارك عمان وبقية المدن الاردنية شقيقاتها المدن العربية الاحتفال بيوم المدينة العربية، ففي مثل هذا اليوم تاسست منظمة المدن العربية عام 1967 وكانت عمان اول المشاركين في تاسيس هذه المنظمة غير الحكومية والتي اتخذت من مدينة الكويت مقرا دائما لها، ومنذ التاسيس اخذت المنظمة على كاهلها العمل على الحفاظ على هوية المدينة العربية وتعزيز العمل البلدي والسعي لتقديم الخبرات الفنية والقروض المالية للنهوض بواقع المدن العربية والعمل على نقل التجارب الناجحة من مدينة عربية الى الاخرى، وعملت على فتح العضوية لكافة المدن العربية وتعدى ذلك الموسسات التى تعمل في الادارة المحلية علاوة على الافراد اصحاب الاهتمام بالعمل البلدي للاستفادة من جهد الجميع في خدمة المدن العربية اينما وجدتـ، واستطاعت مدينة عمان ومدينة اربد وبدعم من بقية المدن الاردنية والعربية ان تتمثلا في عضوية المكتب الدائم من خلال الانتخابات العامة التي تعقد كل عامين من قبل الموتمر العام، ولازالت عمان واربد تمارسان هذا الدور التقدمي حتى تاريخه.
خلال فترة عمر المنظمة قامت منظمة المدن العربية بانشاء العديد من المؤسسات الرافدة لعمل المنظمة حيث تم انشاء صندوق تنمية المدن، وهو الممول لكافة مشاريع المدن العربية ومقره مدينة الكويت، والمعهد العربي لانماء المدن وهو الذراع التدريبي للمنظمة والرافد الحقيقي للبرامج التدريبية ونقل الخبرات في المجال البلدي للمدن الاعضاء ويتخذ من مدينة الرياض مقرا له، اما موسسة الجائزة للمدينة العربية فهي الذراع التحفيزي والتطويري للمدن العربية من خلال تقديم الجوائز لمشاريع المدن، وقد نالت مدينة عمان العديد من الجوائز في مجال الاعمار والتجميل والثقافة العربية، كذلك تستضيف امانة عمان – المنتدى العربي للمدن الذكية –وهو معهد تدريبي يسعى الى تحويل البلدية العربية الى المدينة الالكترونية وسنويا يقوم بعقد العشرات من الدورات التدريبية للمدن العربية الاعضاء، كذلك يوجد مركز البيئة الذي يتخذ من دبي مقرا له يسعى الى المحافظة على البيئة لدى المدن العربية من خلال برامج البيئة التوعوية للمدن الاعضاء واعداد ورش العمل المتخصصة في هذا المجال، وكذلك فان المرصد الحضري العربي والذي يتخذ من مدينة الكويت مقرا له ويسعى الى بناء شبكة من المعلومات والمعايير العالمية التي تصب في صالح العمل البلدي العربي، اما الذراع الاخير للمنظمة فهو – موسسة المدن التراثية – ومقرها تونس والتى تعني بالارث التاريخي والحضاري للمدينة العربية.
لقد استطاعت منظمة المدن العربية وخلال 54 عاما من عمرها المديد ان تبني شبكات من التعاون والتواصل الاقليمي والدولي مع منظمات العمل البلدي – عربيا وخليجيا واوروبيا وامريكيا وعضوية عاملة في الاتحاد الدولي للسلطات المحلية، واستطاعت هذه المنظمة ان تنهض بالعمل البلدي العربي – انجازا يصب في صالح المواطن العربي تنمية وتقدما، وكان لمدينة عمان الدور الريادي والسبق في دعم برامج المنظمة من خلال المشاركة واستضافة العديد من المؤتمرات وورشات العمل العربية.
وما زالت عمان تعمل- بوحي من ايمانها الصادق بدورها في هذا المجال وبوحدة هذه الامة من المحيط الى الخليج وكجزء من رسالتها القومية التي نذرت نفسها لها- بان تبقى في عملها اردنية الوجه، عربية العمق، انسانية البعد مستمدة عزمها من عزائم عبدالله الثاني وابنائها البرره الساهرين على الوطن وخدمة المواطن، المؤمنين بان تبقى عمان العاصمة العربية واحة امن واستقرار تسير بخطى ثابته وراسخة للولوج الى المستقبل المشرق بكل عزيمة واقتدار، يحتضن صدرها الروؤم كل ابناء الضاد من اجل غد افضل لامتنا واسرتنا العربية الاردنية الواحدة .