حان الوقت لوضع حد لهذا العبث، وأفضل طعم يمكنك الحصول عليه هو المتاح لك اليوم
جيمس مور كاتب @JimMooreJourno
و كان للفيروس ذكاء جماعي، لضحك الآن بشدة. كان سيقول ربما “أنتم يا جماعة، علماؤكم الذين حرقوا أعصابهم ليُنتجوا لقاحات عدة، وكلها قادرة على إفساد الأمور عليَّ وعلى تحولاتي، في وقت قصير وبشكل مذهل. كانت هذه الأشياء تستغرق 10 سنوات حتى تنتج. لكن بدلاً من أن تحتفلوا، أخذتم تتأسفون على عدم الحصول على النوع الذي تريدونه؟ كنت أعتقد أنّ الدمى النشطة في “الحركة” المناهضة للقاحات هي التي تقف فحسب إلى جانبي، لكن يبدو أن لديّ حلفاء أكثر مما كنت أتوقع. إنهم بالتأكيد سيساعدون في نشر الطفرة الأخيرة التي انتجتها”.
لست متأكداً مما إذا كان يجب أن نشير إلى هذه الظاهرة بـ “تباهي اللقاح” vaccine snobbery أو بالغباء السافر الذي يشبه لمس سلك كهربائي نشط أو الذهاب للسباحة مع قنديل البحر. ومهما يكن، فإن هذه الظاهرة موجودة وهي مصدر كل أشكال الصداع.
ويبدو أن لقاحات أسترازينيكا – أكسفورد هي الأكثر معاناة من هذه الظاهرة، التي بدأها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما شكّك في ملاءمة اللقاحات لمن هم فوق 65 سنة، قائلاً إنها “غير فعالة تقريباً”، من دون أن يقدم أي دليل علمي يدعم مزاعمه.
ولقد حصل بعد ذلك تغيير مفاجئ في موقف فرنسا، لكن الضرر كان قد حدث، حيث كانت لكلمات ماكرون عواقب عالمية حقيقية، وليس فحسب بين الحمقى على الإنترنت الذين يقضون أيامهم في تأجيج خطاب المؤامرة السام.
وتعد الوتيرة البطيئة لبرنامج التطعيم في أوروبا مشكلة كبيرة لقادتها، ومع ذلك، تتسوّل الآن لقاحات أسترازينيكا – غير المرغوب فيها بشكل مثير للدهشة – بعد أسابيع قليلة من اندلاع خلاف بين ضفّتي المانش على من يجب أن يحصل على الإمدادات المنتجة في بريطانيا.
في خضم هذا، وضع وزير الصحة الألماني ينس شبان نفسه على رأس القيادات العقلانية التي لا يزال عددها كبيراً في القارة الأوروبية، بالقول إنه لن يتردد في أخذ لقاح أسترا، في محاولة لإقناع مواطنيه من الرجال والنساء بفعل الشيء نفسه. ولكن نظراً لأنه يبلغ من العمر 40 فقط، سيتعين عليه الانتظار بعض الوقت لدعم ذلك بنشر صورة إلزامية له على “تويتر” وهو يتلقى اللقاح.
وقبل أن يبدأ أشباه “داعمي بريكست” في الانخراط في تصرفاتهم الصبيانية، مثل الاستهزاء ببروكسل وما شابه ذلك، تنبغي الإشارة إلى أنّ هذا النوع من التكبر- والغباء يسري في ديارنا كذلك. فعدما ذهبت لتلقي لقاح أسترا، تحدثت أنا وزوجتي إلى أحد العاملين الصحيين، وأخبرونا بأن هناك أشخاصاً يُقدِمون على إلغاء مواعيدهم إذا لم تُقدم لهم لقاحاتهم المفضلة.
لكن يبدو أن “قومية اللقاح” vaccine nationalism البليدة جعلت لقاحات أسترا أكثر شهرة هنا لأنها من صنع فريق محلي. ويبدو أن كل حملات “شراء المنتج البريطاني” البائسة التي كانت تنخرط فيها الحكومات، أصبح لها تأثير في نهاية المطاف. وهذا في الحقيقة ليس مدعاة للاحتفال.
يبدو هذا كأنه نسخة اليوم الأخير من حروب المشروبات الغازية، حيث تلعب لقاحات فايزر دور كوكا كولا، ولقاحات أسترا دور بيبسي. ولو أمكن فحسب “تحرير بريتني” من قبل القضاء الأميركي [رفع وصاية والدها عنها]، ربما يدفعون لها بضعة ملايين من الدولارات لتغني أغنية تمجد فضائل لقاحات أسترا، بعنوان “إنه جيل أسترا… لقحني حبيبي مرة أخرى! Jab me baby one more time!”
أنا أمزح، لكن لست متأكداً من أنهم سيقدّرون المزاح هذا في الأجزاء الأقل ثراء من العالم حيث يكتسي الجدل حول فايزر/ أسترا/موديرنا/سبوتنيك 5 (الذي وجدت دراسة نُشرت في مجلة The Lancet الطبية أنه فعّال للغاية) طابعاً أكاديمياً.
وعلى سبيل المثل، لم تتسلم مولدوفا أول شحنة لها من رومانيا المجاورة برعاية المفوضية الأوروبية سوى قبل أيام قليلة. وتواجه بلدان أخرى وضعاً صعب مماثل. لذا من حق البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط أن تغضب علينا جميعاً لأننا نتصرف مثل أطفال مدلّلين.
لقد قرأت مقالات متنوعة تقارن مزايا اللقاحات المختلفة. ولحسن الحظ، استنتجت أغلبها أن أفضل لقاح يمكنك الحصول عليه هو اللقاح المتاح لك اليوم، لأن الفيروس لا يزال منهمكاً في قتل الناس، ولا تخدم العجرفة أمام اللقاح إلا في تعزيز انتشاره المميت.
© The Independent