حادثة السلط… تُعرّي كل شيء..!

د. مفضي المومني.
اولاً الرحمة لكل روح أزهقت بسبب الإهمال والإستهتار… وفشلنا، أقسم لكم أنه في مرضي بالكورونا حيث مررت بوضع صعب إلا أن الله لطف بي، وكنت اتواصل مع كبار الإطباء دون ذكر أسماء… وكانت نصيحتهم ( اوعى تروح عالمستشفى) ولا إخفيكم أنني كنت أحمل ذات الهاجس من حالات دخلت وتوفيت نتيجة الاهمال او عدم توفير العلاج المناسب، وهنا أبقى على شكر الكوادر الطبية والتي أُنهكت، في الفترة الماضية لأن اغلبها وخاصة في القطاع الحكومي يعمل ضمن إمكانات بشرية ومادية بحدها الأدنى أو أقل وأبقى ارفع القبعات احتراما لكل مخلص منهم وهم كثر.
قضية مستشفى السلط عَرّت كل شيء ، فنياً وأنا مهندس كهرباء وتعلمنا في التصميم الكهربائي للمستشفيات وضمن كودات عالمية، أن هنالك دوائر حيوية (Vital) مثل غرف العمليات وتزويد الاكسجين، لها خصوصية في التنفيذ والتحكم والمراقبة والإنذار واستدامة التغذية الكهربائية، ويجب أن تكون بأعلى درجات الموثوقية (Relaibilty) ومؤتمته، والأخطاء فيها بشرية بحته نتيجة الاهمال وسوء الاستخدام، إذ ان نظم المراقبة والتحكم بالاكسجين انظمة محكمة وفيها إنذار مسبق لكل مستويات الإدارة والمسؤولية، وببساطة وسنرى من التحقيق أن هنالك إهمال بشري في دورة الإدارة أدى للكارثة لأن هنالك تقصير في المتابعة والمراقبة لم تكشفه فوراً.
هذه الصورة الفنية، أما الصورة التي تعري كل شيء لدينا ، فهي النهج… نعم النهج في تعيين الإدارات الحكومية بدٱً بالوزارات وتشكيلها وتعديلها، وأنا لا أحمل جهة بعينها ذلك، القضية قضية نظام (System)، وكلنا نعرف أن نظام الإدارة والمهمات والمسؤليات والمراقبة المحكم يضبط الأفراد، لكن في واقعنا هذا النظام يُختزل لمزاجية فرد وإهماله او تسلط مدير غير كفؤ، للعلم حدثني عاملون في إحدى مستشفياتنا الحكومية بإنقطاع الاكسجين في آخر ثلجه 3 أيام ولكنهم دبروا حالهم وشفع لهم عدد المرضى القليل..! وحدثني آخرون أن مدير المستشفى عندهم كفاءه وجيد، ولكن تدخل وتوسط أقارب طبيب من الدرجة الخامسة عند وزير الصحة، جعله ينقل المدير الكفؤ ويعين غير الكفؤ، والذي سجله الإداري مثقل بالسلبيات، نعم هكذا تدار الأمور وماذا ننتظر من هكذا مدراء هو لطف الله فينا، وإلا حصلت عشرات الحوادث والكوارث وربما حصلت وتم الطبطبه عليها..!
خلاصة القول، شكلوا الوزارات صح… !، بالله عليكم في غضون أشهر يقال وزراء ويطرد آخرون ويعدل غيرهم بعد أيام من تعيينهم، ويستقيل بعضهم وتتأمل المشهد فلا تجد (حبة منطق بكل هالدويخه)، وزارات (سري مري)هل اصبحت الوزارة ومنصب الوزير بكل هذه البساطة والسذاجة والسطحية، ويمكن إشغاله من قبل كل عابر سبيل أو صديق قديم أو قريب أو متسكع سياسة أو طالب جاه، أو صاحب حظوه ومال أو بالوراثة، حيث أننا في الأردن أصحاب نظرية إنتقال المنصب بالوراثة والجينات…! المشهد يجب أن يُدرس من ذاته واصله، إدارة الفزعات لا تصنع نظام ولا أوطان،وتحميل الملك كل شيء خطأ فادح، من يُعين بمنصب يصبح مسؤولاً امام القانون والملك عن أداء مهامه، ويجب أن يتوقف كل مسؤول عن زج التوجيهات الملكية في كل ذات إستعراض أو تلميع لذاته، لو عملتم بتوجيهات الملك والقانون لما حصلت هذه الأخطاء الكارثية، وكان وضعنا صحيح، أقترح تغيير النهج كاملاً، وأستيراد خبير من تجربة دولية ناجحة ليضع لنا خطة إستراتيجية إدارية تصنع نظاماً يضبط الأفراد ويحدد المسؤوليات،(هل قرأتم من صنع الإدارة الصينية والسنغافوريه والتركيه والماليزية والكوريةوغيرها؟)، ما هو لدينا لتاريخة نظام عشوائي لا يخضع لمنطق أو أسس، صورته الظاهره جميله (كله تمام)، والداخل (سخام)، نظام وهيكله يفسدها أي مسؤول لأنه غير كفوء ولاننا نفتقد المؤسسية ونظام الرقابة والحساب والعقاب، ونمتطي الأنا الإدارية ولا نفوض الصلاحيات، ومؤسساتنا بالغالب تدار بشخص وعرض الرجل الأول او الاوحد، القضية أكبر من إقالة وزير ومدير وغيرهم، القضية أن نؤسس لإدارات كفوءة يحكمها النظام، ونتوقف عن كل (الهيلمانات والعرط) الإداري وإدارات (سارحة والرب راعيها)، الأردن زاخر بالكفاءات المُحيدة، ويعج بإدارات الإعاقات الإدارية غير الكفؤة، التي لا تعرف من الإدارة إلا إمتيازاتها.
(قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ… القصص26)… .حمى الله الأردن.