يُستخدم لإنتاج قارورة بيرة سعة 500 ملليتر 148 ليتراً من الماء وكأس واحدة من النبيذ سعة 125 ملليتراً 110 ليترات
إيان هاملتون كاتب @ian_hamilton_
نحن جميعاً أكثر إدراكاً للأثر البيئي الذي قد يخلفه إنتاج الطعام الذي نأكله والطريقة التي نسافر بها والملابس التي نشتريها، لكن العديد منا لن يعيروا بالاً للكحول التي نستهلكها.
وهذا ليس بالأمر المستغرب، إذ يجري تجاهل الآثار التي يخلفها في المناخ إنتاج وتصدير شرابنا المفضل والمؤثر على حالتنا النفسية، حتى على الرغم من أن صناعة المشروبات تعرف هذه الآثار جيداً.
تخلف كل مرحلة من مراحل إنتاج الكحول بصمة بيئية: من زراعة المكونات الخام إلى التصنيع؛ إلى تغليف المنتج النهائي ونقله. ومع نمو سكان العالم، يتعاظم الطلب – على أرض الواقع– لإنتاج المواد الغذائية للناس.
لذلك، عند تخصيص أراض لزراعة محاصيل بغرض إنتاج الكحول، من الواضح أن من شأن ذلك أن يقلل من القدرة على زراعة المواد الغذائية. وعلى النقيض من المواد الغذائية، ليس الكحول ضرورياً للحياة، ما يؤدي إلى حالة غير سوية إذ تُعطَى الأولوية لزراعة الأرز والبطاطس بغرض إنتاج الكحول على حساب إمداد أولئك الذين يحتاجون إلى هذه المواد الغذائية في العديد من الدول في أنحاء العالم.
ولا يقتصر الأمر على قلة الأراضي الزراعية، فإمدادات المياه شحيحة أيضاً في العديد من المناطق في مختلف أنحاء العالم. ومع تزايد الاستهلاك العالمي للكحول، يزداد الطلب على المياه المستخدمة في ري المحاصيل، وفي صنع الكحول. فقارورة بيرة سعة 500 ملليتر تستخدم 148 ليتراً من الماء، وكأساً واحدة من النبيذ سعة 125 ملليتراً 110 ليترات. ذلك أن الكحول منتج متطلب للماء.
وتُرَش معظم المحاصيل بمبيدات للآفات لتحسين الغلة وتقليل الأمراض، وهذا بدوره يستخدم الموارد الطبيعية ويساهم في تلوث المجاري المائية المحلية، إذ تجد المواد الكيماوية في هذه المبيدات طريقها إلى المسارات المائية القريبة، ناهيك عن الطاقة الكبيرة المستخدمة في تخمير البيرة وتقطير المشروبات الروحية.
وتشكل النفايات السامة الناتجة عن إنتاج الكحول مصدراً للقلق. ففي مقابل كل ليتر من شراب التيكيلا المنتجة tequila، هناك خمسة كيلوغرامات من اللب و11 ليتراً من النفايات الحمضية– ما يؤدي إلى تلوث التربة والمياه في مناطق المكسيك المشاركة في الإنتاج.
كذلك ولأن التيكيلا لا يمكن إنتاجها إلا في المكسيك، على الرغم من توفرها على نطاق واسع حول العالم، يستخدم التوزيع المادي للمشروب طاقة مهمة تساهم في التلوث والدمار البيئي.
وثمة تكلفة بيئية أيضاً لتوضيب المنتجات الكحولية وتبريدها. ففي حين يتوفر بوضوح مجال لإعادة تدوير علب الألمنيوم وقوارير الزجاج، ينتهي 50 في المئة منها في المملكة المتحدة (مثلا) في مطامر، وينتهي الأمر بـ50 مليار علبة في وجهات مماثلة بأميركا.
وعموماً من المعروف بحكم التجربة أن البصمة الكربونية تكبر كلما ازداد المحتوى الكحولي للمشروب. لذلك فأي تغيير في الاتجاهات أو التفضيلات الخاصة بأنواع الكحول يرتبط بأثر بيئي. وفي المملكة المتحدة، كانت للشعبية المتزايدة للنبيذ والمشروبات الروحية في السنوات الأخيرة تكلفة بيئية أكبر مقارنة بتفضيلنا السابق للمشروبات الكحولية الأدنى، مثل البيرة ونبيذ التفاح.
وكما هي الحال مع العديد من جوانب استهلاكه، قلما يولى الكحول اهتماماً على صعيد السياسات ما خلا استكشاف السبل الكفيلة بتحسين القدرة على الوصول إلى (المشروب) المخدر، إما من خلال خفض الرسوم الجمركية (على تجارته)، أو تمديد ساعات العمل في المتاجر (التي تبيعه) و(المصانع التي توفر) إمداداته. نحن الآن في المملكة المتحدة نعاني فراغا على صعيد السياسات الخاصة بحماية البيئة – و(نعيش) في حالة من الإنكار في شأن الأثر الكبير الذي يخلفه الكحول في بيئتنا.
ومن السهل نسبياً تغيير هذا الوضع، فعلى غرار الملابس أو المواد الغذائية، نستطيع الإصرار على المصنعين ليوفروا للمستهلكين معلومات عن البصمة الكربونية لمنتجاتهم، لكي نتمكن من القيام باختيار مستنير. وهذا سيوفر حافزاً فورياً للقطاع لتقليص التكلفة البيئية في كل مرحلة من مرحلة إنتاجه من المحاصيل إلى المستوعبات.
لكن من المؤسف فلا تزال الإرادة السياسية غائبة في محاولة تغيير العلاقة المريحة بين الحكومة والقطاع: فهو تحالف يكتسب قوة بالسرعة نفسها تقريباً التي نرغب فيها بشرب أنواع أقوى أكثر فأكثر من الكحول.
© The Independent