أحمد القاضي
10 سنوات مرّت على اندلاع الاضطرابات في سوريا ولا يزال الوضع كما هو عليه، وسط محاولات إقليمية ودولية لإنهاء الأزمة في البلد الذي أنهكه الحرب، وتشرد الملايين من سكانه بسبب العنف.
وبالتزامن مع الذكرى العاشرة للأزمة السورية، قالت وزارة الخارجية الروسية إنه بسبب التدخل الخارجي تحولت الاضطرابات في سوريا إلى صدام مسلح، مؤكدة أن تدخلها في حل الصراع ألحق الهزيمة بالإرهاب الدولي ووضع أساساً للانتقال إلى العملية السلمية.
واعتبرت الخارجية الروسية أن منصة أستانة أرست الأساس لإنهاء العمليات العسكرية والانتقال إلى الحل السلمي الذي لا بديل له.
فتح الحوار السياسي
من جانبه، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أنَّ بالتأكيد فهناك حلول للأزمة السورية الراهنة وفقًا للقواعد والمواثيق الدولية والعربية، تقوم بالأساس على فتح الحوار السياسي مع أطياف المعارضة السلمية بشكل يجمع الكلمة.
وأضاف حجازي أن الحوار مع المعارضة السورية لا يتضمن بشكل تأكيدي الميلشيات والجماعات الإرهابية المسلحة، حتى يكون الوطن السوري ممهدا لاحتواء كل أبناءه دون إقصاء ودون التورط في أعمال عنف.
وشدد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق على أن سوريا عانت لعقد من الزمن من التدخلات الخارجية، ومنها التدخلات التركية في حدودها الشمالية، كما تعاني من دور إيراني متزايد، ولابد من صياغة المستقبل بعيدا عن التدخلات الإقليمية وفي إطار الوطن السوري الواحد ووفقا لقرارات مجلس الأمن.
واعتبر حجازي أنه من الأهمية بمكان عودة سوريا لشغل مقعدها في الجامعة العربية، بالتزامن مع المطالباتن الإماراتية والمصرية في هذا الشأن
وأثارت دعوة وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، بشأن ضرورة عودة سوريا لشغل مقعدها بجامعة الدول العربية، اهتماما بارزا في وقت تعاني فيه البلاد من وضع مضطرب.
وكان الشيخ عبد الله بن زايد، قد قال الثلاثاء في مؤتمر صحفي عقده مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، بالعاصمة أبوظبي قبل أيام، إنه من الأدوار المهمة لعودة سوريا هو أن تعود لجامعة الدول العربية، وهذا يتطلب جهدا أيضا من الجانب السوري كما يتطلب جهدا من “الزملاء في الجامعة العربية”.
وأضاف أن الأمر يتعلق بالمصلحة العامة، أي مصلحة سوريا ومصلحة المنطقة، لافتا إلى أن هناك “منغصات” بين الأطراف المختلفة، لكن لا يمكن سوى العمل على عودة سوريا إلى محيطها.
وأكد حجازي أن ضرورة عودة سوريا للجامعة العربية باعتبارها ركنا أساسيا من أركان الجامعة، وإحدى الدول الفاعلة سواء في تاريخ العمل العربي المشترك أو في تاريخ الجامعة نفسها.
وقال إن عودتها ستكون بداية لاستعادة الصف العربي بعد المصالحة الخليجية. وتابع: “علينا أن نسعى من أجل مساعدة سوريا في استعادة لحمتها الوطنية والحوار بين أطرافها السياسية حتى تتبوأ مقعدها وفقا للشروط المعلنة وقرارات مجلس الأمن”.
ويعتقد الدبلوماسي المصري أنّ هناك نيّة لدى النظام السوري للمضي قدمًا في تحقيق الاستقرار السياسي داخل البلاد، موضحًا أن هناك تطورات ومطالب دولية واتصالات وقرارات لمجلس الأمن وحوار مع أطراف إقليمية وعربية بهذا الصدد، وبالتالي يمكن توقع ذلك في المستقبل.
وعن استمرار التدخلات الأجنبية، أوضح أنه عندما تستقر الأوضاع في سوريا وتصبح دولة ذات سيادة، ستتحدث عن شكل تحالفاتها، ولن تكون هناك حاجة لعلاقات إقليمية ودولية تتعدى على سيادة أراضيها.
أفضلية الوضع الراهن
يقول عضو مجلس الشيوخ المصري والمحلل السياسي البارز، الدكتور عبد المنعم سعيد، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أن الأزمة السورية بشكل عام أفضل مما كانت عليه منذ 5 سنوات.
وأضاف أن الحرب تتركز حاليا في منطقة الشمال الغربي، وتحتاج إلى حلحلة بمشاركة الجامعة العربية، وعلى الدول العربية أن تنتزع دورها وتعمل على ذلك لأنه الأطراف الخاصة بالأزمة أصبحت مُرهقة، ولا تزال هناك مشكلة مع الإرهابيين من بقايا داعش الموجودين في المدن السورية.
عودة سوريا للجامعة العربية
اعتبر “سعيد” أن دعوة الإمارات ومصر لعودة سوريا لشغل مقعدها بالجامعة العربية، بأنها رغبة للبلدين في استقرار الأوضاع، وتمثل نوعا من تقديم الحوافز للحكومة السورية الحالية باعتبار أنها لا تزال الممثل الشرعي لسوريا في الأمم المتحدة وبالتالي فعودتها للجامعة العربية منطقية في المرحلة الراهنة.
وأوضح أن عودة سوريا للجامعة العربية قد تساهم في جعل مفاوضات حل الأزمة أكثر واقعية وملائمة للوضع على الأرض.
وعن التدخلات التركية في الأزمة السورية، قال سعيد إن تركيا تريد أن تكون المنطقة الحدودية مع سوريا مستقرة وألا يصبح للأكراد دولة مستقلة وهو الأمر الذي يجعل الأكراد الأتراك يطالبون بنفس الأمر، لكني أعتقد أن الأكراد في سوريا على وعي بذلك خاصة أن الأكراد في العراق استقروا على أن يكونوا إقليما له حكم ذاتي تحت السيادة العراقية والنموذج العراقي مفيد في الحل.
“تسكين الأزمة”
يصف استاذ العلوم السياسية في القاهرة، الدكتور طارف فهمي، سوريا بعد 10 سنوات من اندلاع الاحتجاجات بأن الوضع الراهن أصبح أفضل الأوضاع السياسية والجيوستراتيجية للأطراف المنخرطة في الملف السوري.
وقال إن “سوريا تمر الآن بمرحلة تسمى “تسكين الأزمة” والتعامل معها، خاصة وأن هناك استحقاق سياسي متعلق بإجراء انتخابات الرئاسة، ورغبة روسيا في إعادة تقديم النظام السوري مرة أخرى للواجهة العربية والدولية”.
وأضاف أن الجميع أصبح متعايشا مع الأزمة في روسيا، فعلى سبيل المثال فهناك تمركز للقوات الروسية في طرطوس والقواعد الفرعية بمناطق التماس السورية، ومعنى ذلك أن موسكو ستظل هناك بصورة كبيرة، كما لا يوجد تصور في الوقت الراهن بخروج قوات حزب الله أو قوات الحرس الثوري الإيراني، ومن ثم يجب البحث عن حلول جذرية لعلاج كل هذه الأزمات.
وبحسب فهمي فإن حل الملف السوري يخضع لعدة سيناريوهات على رأسها “المقايضة الدولية” وهو يعتمد على فكرة أن تدخل روسيا في رهانات مع الجانب الأمريكي وتتم التسوية بملف مقابل ملف، أما السيناريو الثاني هو التوافقات بالاحتفاظ لروسيا وأمريكا بمناطق النفوذ الموجودة والتعامل معها دون صدامات وبالتالي يتم التعايش مع حدود الأزمة وعدم تفجرها وإبقاءها في دائرتها.