قالت وزارة الخزانة الأميركية، الأربعاء، إن عجز ميزانية الحكومة الاتحادية بلغ 311 مليار دولار في فبراير، مسجلاً ذروة قياسية للشهر، ومرتفعاً 76 مليار دولار عنه قبل سنة، في ظل استمرار تنامي نفقات مكافحة جائحة فيروس كورونا.
وزادت إيرادات فبراير 32% على أساس سنوي إلى 248 مليار دولار، في حين ارتفع الإنفاق بالنسبة ذاتها إلى 559 مليار دولار، بفعل تكاليف إعانات البطالة والإنفاق على الصحة، بحسب وكالة “رويترز” للأنباء.
ارتفاع العجز
وفي الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية 2021، ارتفع العجز 68% إلى مستوى قياسي يبلغ 1.047 تريليون دولار، متجاوزاً الذروة السابقة 652 مليار دولار المسجلة في الفترة من أكتوبر إلى فبراير من السنة المالية 2010.
وصادق الكونغرس الأميركي، الأربعاء، على خطة جو بايدن الاقتصادية الضخمة، في انتصار كبير للرئيس الديمقراطي، بعد 50 يوماً من وصوله إلى البيت الأبيض.
الخطة التي تبلغ قيمتها 1900 مليار دولار، وتطلّب إنجازها أشهراً، هي إحدى أكبر حزم الإنقاذ الأميركية على الإطلاق، وستؤثر على جوانب أكبر اقتصادات العالم لأعوام مقبلة.
ورغم توحد الجمهوريين على معارضة الخطة، وانضمام نائب ديمقراطي لهم، نجحت الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب في المصادقة على الخطة بـ220 صوتاً مقابل 211 آخرين، وفقاً لما أوردته وكالة “فرانس برس”.
ومن المقرر أن يوقّع الرئيس الأميركي، الجمعة، على الخطة لتتحول إلى قانون، وذلك في الوقت المناسب لتجنب تعليق مخصصات البطالة الاستثنائية.
وقال بايدن في بيان بعد دقائق من مصادقة مجلس النواب: “يوفر هذا القانون لأولئك الذين يشكلون العمود الفقري لبلدنا، العمال الذين بنوها ويحافظون على استمرارها، فرصة للمقاومة”.
منعطف حاسم
وقالت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي، في قاعة الجلسة: “نحن في منعطف حاسم في تاريخ بلادنا”.
وأضافت: “لدينا فرصة حقيقة للتغيير”، مكررة الرسالة التي يبعثها جو بايدن للأميركيين منذ أشهر: “الدعم آت”.
وتموّل الخطة اللقاحات ضد (كوفيد-19) وتبقي على مخصصات البطالة لملايين الأشخاص، وترفع إلى 1400 دولار قيمة شيكات الدعم لأغلب الأميركيين، وتوسع نطاق التمويل الفدرالي لقطاع الرعاية الصحية.
كما أنها تمدد تعليق عمليات الإخلاء وحبس الرهن وتزيد المعونة الغذائية وتخصص 130 مليار دولار للمدارس.
ويعتبر الديمقراطيون أن توسيع الإعفاء الضريبي بناء على عدد الأطفال سيقلّص فقر الأطفال بالنصف.
وقال النائب الديمقراطي حكيم جيفريز في قاعة مجلس النواب: “سنتحرك باستعجال شديد الآن وسننعش الاقتصاد”.
وأضاف: “سنعيد البناء بشكل أفضل للناس. المساعدة في الطريق”.
“أجندة اشتراكية”
من جهتهم يندّد المشرّعون الجمهوريون بـ”الأجندة الاشتراكية” للخطة وكلفتها الباهظة، ويشددون أن أكثر من 90% من قيمتها لن تخصص لمكافحة (كوفيد-19) بشكل مباشر.
وقال زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب كيفين مكارثي، إنّ خطة التعافي الاقتصادي ليست سوى “قائمة أولويات لليسار” ولا تستجيب للجائحة.
وأضاف في قاعة المجلس: “لنكون واضحين، هذه ليست خطة إنقاذ. إنها قائمة طويلة لأولويات اليسار سابقة للجائحة ولا تستجيب لحاجيات الأميركيين”، مشدداً على أن فقط “تسعة بالمئة من 1900 مليار” هي قيمة البرنامج، “تتعلق بمكافحة كوفيد”.
أما النائبة الجمهورية مارغوري تايلون غرين، التي حاولت من دون نجاح، عرقلة التصويت في وقت مبكر الأربعاء، فقالت إن إنفاق هذا المبلغ الكبير “متهور وغير مسؤول ومن الخاطئ القيام به”.
لكن يرى الأميركيون خارج واشنطن المسألة بشكل مختلف. إذ تظهر استطلاعات الرأي دعماً هائلاً من أنصار الحزبين للخطة التي تشمل أيضاً تمديد دعم الإيجار والرهون العقارية، ودعماً للشركات الصغيرة والمدارس، ومليارات الدولارات للسلطات المحلية وعلى مستوى الولايات.
“لا تفقدوا الأمل”
مع ذلك، أشار بايدن إلى أنه سيبدأ قريباً في جولة لترويج الحزمة في صفوف الشعب الأميركي. وقال في تغريدة الأربعاء: “لا تفقدوا الأمل”، وأضاف: “سنتجاوز هذا”.
قبل يوم من ذلك، زار الرئيس الأميركي متجراً يوصف بأنه أقدم محال بيع الأجهزة في واشنطن، وكان قد استفاد من برنامج حماية الرواتب الذي بدأ في ولاية دونالد ترمب بهدف دعم الأنشطة التجارية خلال الأزمة.
وقال بايدن: “سنواصل القيام بذلك”، في إشارة إلى البرنامج، عند حديثه مع صاحب المتجر مايك سيغل.
لكن أفادت إدارة الرئيس بأنها ستغيّر البرنامج للتركيز على دعم الأنشطة التجارية التي توظّف 20 عاملاً أو أقل.
وصدرت آخر خطة دعم لمكافحة كورونا في ديسمبر، فيما أودى الفيروس بحياة 527 ألف أميركي، وألحق أضراراً كبيرة بالاقتصاد.
ووسعت تلك الخطة مخصصات البطالة ومددتها حتى 14 مارس. واقترب موعد انتهاء سريانها مع إسراع بايدن والديمقراطيين في الكونغرس، بوضع آخر تفاصيلها، لكنهم لم يتجاوزوه مع نجاحهم في تمديد المساعدات حتى بداية سبتمبر.
“خطة تاريخية”
وأشاد قادة ديمقراطيون بخطة الانقاذ الاقتصادي، واعتبروا أنها “تاريخية وستحدث تحولاً”.
وسعى الديمقراطيون التقدميون إلى زيادة مخصصات البطالة لتصل إلى 400 دولار، لكن بعد جدل مع الديمقراطيين المعتدلين، أبقى مجلس الشيوخ على قيمتها في حدود 300 دولار أسبوعياً.
على وقع الخطة، رفعت منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي الثلاثاء، توقعات النمو لعام 2021 في ظل التحسن الكبير للآفاق الاقتصادية.
وقالت المنظمة، إنها تتوقع تحقيق نمو اقتصادي عالمي بنسبة 5.6%، أي بزيادة 1.4% عن آخر توقعاتها في ديسمبر.
كما توقعت نمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 5.6% هذا العام، أي نحو ضعف توقعها السابق.