مراقبون يعتبرون أنه غير دستوري و120 منظمة أهلية طالبت عباس بتعديله
خليل موسى مراسل
أثار عدم استجابة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتوصيات “الحوار الوطني” الذي جرى في القاهرة قبل أكثر من شهر، بتعديل قانون الانتخابات، رفضاً شعبياً وحقوقياً وفصائلياً باعتباره “انتهاكاً دستورياً وقانونياً لممارسة الحقوق السياسية”. وعلى الرغم من أن عباس استجاب لتوصية الحوار الوطني في القاهرة باصدار مرسوم “بتعزيز الحريات والإفراج عن المعتقلين السياسيين”، ومرسوم آخر بتشكيل محكمة قضايا الانتخابات، إلا أنه لم يصدر قراراً بتعديل قانون الانتخابات على الرغم من التوجه إلى فتح باب الترشح للانتخابات التشريعية في الـ 20 من الشهر الحالي، ولمدة 12 يوماً.
وتتعلق التعديلات المفترض إدخالها على قانون الانتخابات بإلغاء اشتراط قبول استقالة المرشحين من الوظيفة العامة أو المؤسسات الأهلية والمجتمع المدني، بخلاف المادة السابقة من القانون التي كانت تطالب بتقديم الاستقالة من دون اشتراط قبولها.
ويمكن أن يؤدي ذلك الشرط إلى تقييد أو حرمان أكثر من 200 ألف فلسطيني من الترشح للانتخابات، في خطوة تشكل “ابتزازاً وضغطاً على المرشحين”، بحسب الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، الذي دعا إلى “ضروة الإسراع بإلغاء تلك المادة تنفيذاً لحوار القاهرة”.
ويُفترض أن “يشارك المستشار القانوني للرئيس عباس، علي مهنا، في اجتماعات القاهرة مع كل الفصائل الفلسطينية ولجنة الانتخابات المركزية، في الـ 18 من الشهر الحالي للبحث في تلك التعديلات، إضافة إلى آليات تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني.
ليس حكراً على فلسطين
إلا أن الرئيس التنفيذي للجنة الانتخابات المركزية، هشام كحيل، أشار إلى أن “اشتراط الاستقالة وقبولها للترشح للانتخابات ليس حكراً على فلسطين، لكنه موجود في دول عربية مجاورة، وإن بأشكال متفاوتة”، مضيفاً أن “توصية رُفعت إلى الرئيس عباس لتعديل قانون الانتخابات لكنه لم يقرر بشأنها بعد”.
وبشأن شهادة عدم وجود حكم قضائي بارتكاب المرشح “جريمة أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة”، أوضح كحيل أن “تلك المادة كان موجودة في القوانين السابقة وليست جديدة”، مضيفاً أن “التعديل الجديد حذف المطالبة بتقديم شهادة حسن سيرة وسلوك من شروط الترشح”.
غير دستورية
واعتبر أستاذ القانون الدستوري في جامعة الخليل، بسام القواسمي أن تلك المادة حول قبول الاستقالة “غير دستورية، وتنتهك المادة (26) من القانون الأساسي (الدستور)، لأنها تحرم الفلسطينيين من حقوقهم السياسية في الترشح والانتخاب”، مضيفاً أن ذلك الشرط “يضع الفلسطينيين أمام ممارسة حقوقهم السياسية في الترشح للانتخابات أو ترك مصدر رزقهم”.
توصية الحوار
ونصّ البيان الختامي للحوار الوطني في القاهرة في الثامن من فبراير (شباط) الماضي، على “رفع توصية للرئيس عباس للنظر في تعديل النقاط التالية لقانون الانتخابات، وخفض رسوم التسجيل والتأمين وطلبات الاستقالة وعدم المحكوميات ونسبة مشاركة النساء وخفض سن الترشح”.
وفي دلالة على الاعتراض الواسع على قانون الانتخابات، طالبت أكثر من 120 منظمة أهلية فلسطينية عباس بتعديل القانون “لضمان المشاركة الأوسع لكل المواطنين، وإلغاء كل القيود المفروضة على الترشح في انتخابات المجلس التشريعي”.
وفي رسالة إلى عباس، طالبت تلك المنظمات “بإلغاء الشرط المتعلق بقبول الاستقالة لرؤساء وموظفي المنظمات الأهلية وغيرها من الهيئات العامة، وخفض سن الترشح إلى 23 عاماً، ورفع الكوتا النسوية إلى 30 في المئة، وخفض رسوم التسجيل والتأمين وحل قضية المحكوميات”.
ورأت تلك المنظمات أن عدم مصادقة عباس على تلك التوصيات “يشكل تجاوزاً للإجماع الوطني والإرادة المجتمعية، وسيؤدي إلى إرباك قطاع الناخبين وتعميق حال التهميش لديهم بشكل أكبر”.
ومع أن قانون الانتخابات السابق كان يشترط حصول المرشح على شهادة “حسن سيرة وسلوك” من الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لكن التعديل الجديد اشترط تقديم شهادة “عدم صدور حكم قضائي بارتكاب جرائم أو جنح مخلفة بالشرف والأمانة”، لكن البرغوثي طالب بتوضيح تلك المادة كي لا تُستغل سياسياً وتُستخدم ضد المعارضين السياسيين لمنع ترشحهم للانتخابات التشريعية المقررة في 22 مايو (أيار) المقبل.
وستُجرى تلك الانتخابات وفق نظام التمثيل النسبي الكامل على مستوى الأراضي الفلسطينية لاختيار أعضاء المجلس التشريعي الـ 132 الذين سيصبحون تلقائياً أعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني الذي يُعتبر برلمان “منظمة التحرير”.