لعل الأردن أراد القول مجددا للإسرائيليين وبصورة علنية.. “لا نمزح بمسألة القدس ولا تفاوض أو تسهيلات” في مسألة “الوصاية الهاشمية” والدور الأردني في “رعاية الأقصى”.
تلك كانت الرسالة السياسية الأردنية بإمتياز التي يمكن فهمها من الرد الأردني على إجراء لليمين الإسرائيلي حاول “إعاقة” زيارة كان يخطط للقيام بها إلى المسجد الأقصى ولي العهد الأردني الأمير حسين بن عبدالله.
عمان أيضا وإستنادا إلى سياسيين تقصدت التأشير على أنها تستطيع “إعاقة ترتيبات سفر بنيامين نتنياهو عندما يعبث بملف القدس”.
طبعا الأزمة متفاعلة وقديمة ومتكلسة بين حكومة اليمين الإسرائيلي والسلطات الأردنية منذ عدة سنوات.
ووزير الخارجية الأردني أيمن صفدي أعلن من باريس أن الأمير الحسين قرر إرجاء زيارته “الدينية” للمسجد الأقصى حرصا على شعائر أهل القدس بمناسبة الإسراء والإعراج وبعد ترتيبات إسرائيلية حاولت التدخل.
دون ذلك لم يعلق الصفدي على قرار الأردن “عدم منح” طائرة نتنياهو التي كانت متجهة إلى الإمارات الإذن اللازم لإستعمال الأجواء الأردنية.
تلك بمواصفات اليمين الإسرائيلي “مناكفة كبيرة”.
لكن سياسيا يمكن وضع عدة خطوط تحت عبارة “زيارة دينية” في وصف الزيارة المؤجلة للأمير الشاب فالمقصود التأشير على عدم وجود “طابع سياسي” من أي نوع للزيارة وتقصد التحدث عن النشاط بإعتباره تعبير عن منظومة “الرعاية الهاشمية” لأوقاف القدس.
وبالتالي ينبغي للجانب الإسرائيلي أن “لا يتدخل بأي شكل” في التفاصيل خصوصا وأن أوقاف القدس الأردنية كانت قد أعدت الساحة لإستقبال شعبي حافل يليق بالمناسبة لولي عهد الوصي الهاشمي.
ويبدو أن حكومة نتنياهو تذرعت بالأسباب الأمنية وأبلغت رسميا بأنها ستغلق أبوب الحرم المقدسي من ثلاثة إتجاهات وقت تنفيذ زيارة الأمير الهاشمي وستعزز الأمن حرصا على نجاح الزيارة كما طالب مكتب نتنياهو بتقليص عدد المرافقين لولي العهد الأردني.
إلتقطت عمان رسالة نتنياهو هنا واعتبرتها محاولة للحيلولة دون “إحتفاء شعبي” من أهالي القدس بالزيارة الأميرية، كما وصفت مصادر خاصة الترتيبات الإسرائيلية بأنها “مكشوفة وإستفزازية ومن النوع الذي لا يمكن قبوله”.
إلتقطت عمان رسالة نتنياهو واعتبرتها محاولة للحيلولة دون “إحتفاء شعبي” من أهالي القدس بالزيارة الأميرية
منطقيا تتصرف المؤسسة الأردنية على أساس أن “اليمين الإسرائيلي” أصلا في أزمة مع الداخل والإقليم وحتى مع الإدارة الأمريكية الجديدة وعلى هذه الخلفية قابل مسئولون أردنيون مؤخرا قياديون منافسون لنتنياهو أو يخاصمونه مما إستدعاه لمحاولة “الشغب” على زيارة ولي العهد.
الأمير حسين كان قبل أقل من خمسة أيام فقط يصرح في مقابلة تلفزيونية قائلا: “القدس قضية شخصية لوالدي ولي وللهاشميين”.
وبالتالي اتخذ القرار فعلا ومن أعلى المستويات في الأردن بأن لا تمنح سلطة الطيران المدني طائرة نتنياهو الإذن للعبور مما دفع الأخير لإعلان تأجيل زيارته في محاولة لتحويل الإمارات حليف الأردن لموقف معاكس.
لكن الأزمة الأردنية مع نتنياهو “قديمة” وجذرية على الأرجح وإن كانت تغادر الصمت و”تتكلم” الآن بل توشك على الاندلاع على شكل مواجهة مفتوحة والسبب الرئيسي هو موقف الأخير من القضية التي أحرجت الأردنيين عندما استقبل وهنأ حارسا في سفارة الكيان في عمان قتل إثنين من المواطنين الأردنيين بدم بارد فيما عرف بقضية “جريمة الرابية”.
ثم شكل قرار الملك عبدالله الثاني “عدم تجديد” عقد تأجير منطقة الباقورة إنتكاسة لأي تفاهمات مع ظل اليمين الإسرائيلي في الوقت الذي يعرف فيه الجميع بأن عمان تشارك بفعالية وفي كل الكواليس الأمريكية والأوروبية التي تحاول تقلص فرصة نتنياهو بالاحتفاظ بموقعه الحالي في المحاولة الرابعة الوشيكة للإحتفاظ بالحكومة.
القدس العربي