قال مستشرق إسرائيلي، إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بادين تقوم بتنسيق سري مع السلطة الفلسطينية، تمهيدا لتأسيس دولة فلسطين مهما كانت معارضة إسرائيل.
ويقول المستشرق الإسرائيلي اليميني مردخاي كيدار، إن إدارة بايدن اليوم معنية أن تعيد المسألة الفلسطينية إلى مركز الأحداث السياسية. معتبرا أن المشكلة من ناحية إدارة بايدن ليست إسرائيل، إذ أن هذه أسيرة لتعلقها العميق بالولايات المتحدة: المساعدة الاقتصادية، توريد السلاح، قطع الغيار للطائرات والذخيرة الخاصة، الحماية السياسية في مجلس الأمن، التهديد على المحكمة الدولية وغيرها. زاعما أن مشكلة أكبر من ناحية الإدارة، وهي السلطة الفلسطينية، ذلك الجسم السياسي الجنيني الذي ترك طاولة المفاوضات منذ الولاية الأولى للرئيس السابق باراك أوباما.
ويمضي كيدار في محاولة إلقاء الكرة في الملعب الفلسطيني قائلا: “لذا فإن الإدارة الأمريكية ترى في إعادة السلطة الفلسطينية إلى المسيرة التفاوضية مهمة أصعب من إعادة إسرائيل، وتستثمر كنتيجة لذلك وقتا وجهدا أكبر بكثير في هذه السلطة”. ويدّعي المستشرق الإسرائيلي أن القرار بإجراء الانتخابات الفلسطينية جاء ببساطة لأن إدارة بايدن تريد تهيئة الأرض لإقامة دولة فلسطينية رغم أنف إسرائيل، ولا يوجد شيء أفضل من عرض الدولة على الطريق كديمقراطية تماما، بشكل يشارك في الانتخابات كل أجزاء الشعب الفلسطيني، أي حماس أيضا.
ويتابع: “من شبه المؤكد أن فكرة الانتخابات كوسيلة لخلق الشرعية جاءت من واشنطن“. ويقول إن كبار المؤيدين لحماس هم منظمات الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة، وهي بالأصل ذراع الإخوان المسلمين في فلسطين، وحظي رؤساؤها بزمن نوعي مع باراك أوباما على مدى السنوات الثمانية التي تولى فيها رئاسة الولايات المتحدة، ولكنهم طردوا تماما من واشنطن خلال وجود دونالد ترامب. زاعما أنهم الآن يعودون بقوة إلى نفوذهم في أروقة الإدارة الأمريكية، التي ترغب بتسويغ حماس وعرضها كمنظمة مدنية وحزب سياسي شرعي، وذلك لتسويغها في وسائل الإعلام الأمريكية وفي السياسة الدولية.
التعامل مع عباس وحماس
يستذكر كيدار أنه في 20 فبراير/ شباط الماضي، بعثت قيادة السلطة الفلسطينية رسالة رسمية إلى إدارة بايدن، قالت فيها إن منظمات فلسطينية بما فيها حماس أعربت عن التزامها بإقامة دولة فلسطينية على أساس خطوط 67 وعاصمتها القدس الشرقية. ويتابع: “لا شك أن هذه الرسالة صيغت بشكل مشترك من الإدارة الأمريكية والسلطة قبل النشر عن إرسالها، مثلما لا شك أن حماس أعلنت عن استعدادها للمشاركة في الانتخابات الفلسطينية، ولوجود إسرائيل بحدود 67، بعد اتصالات بين قيادتها ورؤساء الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة، في ظل مشاركة الإدارة الأمريكية في هذه الاتصالات”.
كما يعتبر المستشرق الصهيوني كيدار أن هذا المخطط يقف خلف صدور “وثيقة الحرية” في إشارة للمرسوم الرئاسي الصادر عن الرئيس محمود عباس بشأن تعزيز الحريات العامة في أراضي دولة فلسطين، ينطبق على كل الأجسام السياسية، وضمنا أيضا على حماس والجهاد الاسلامي. منوها أن المرسوم يتطرق لتعزيز أجواء الحرية في كل أجزاء دولة فلسطين، أي في قطاع غزة أيضا، ويمنع ملاحقة الأشخاص، اعتقالهم، حبسهم أو التحقيق معهم لأسباب تتعلق بحرية التعبير عن الرأي والانتماء السياسي وإطلاق سراح المعتقلين والسجناء الذين اعتقلوا بسبب رأيهم او انتمائهم السياسي، وإعطاء حرية كاملة للدعاية الانتخابية، وإعطاء فرصة متساوية في وسائل الإعلام لكل القوائم، وحماية صناديق الاقتراع من الشرطة فقط، وليس قوات الأمن في كل أجزاء دولة فلسطين. ويضيف كيدار: “لضمان أن تصل هذه الوثيقة إلى العيون الصحيحة في واشنطن، نشر المرسوم في الصفحة الرسمية لمحمود عباس بالإنجليزية على موقع فيسبوك”.
من هو صاحب الأفكار الخلاقة؟
وبرأي كيدار، فإن السؤال الواجب هو “من في الإدارة الامريكية يقف خلف مراسلات محمود عباس ويعطيه هذه الأفكار البنّاءة؟”. وعن ذلك يقول: “الافتراض أن الحديث يدور عن واحد من احتمالين: أحد ما في وزارة الخارجية الأمريكية لديه ميل مؤيد للعرب معروف وموثق، أو ماهر البيطار، الفلسطيني النشط ضد إسرائيل والذي يتولى اليوم منصب المسؤول عن أسرة الاستخبارات في مجلس الأمن القومي الأمريكي. ومن شبه المؤكد أنه في منصبه هذا يرى المعلومات الأكثر حساسية التي جمعتها أسرة الاستخبارات الأمريكية بما في ذلك من شركائها في إسرائيل”.
ويخلص كيدار للقول: “إذا كانت محافل أمريكية توجه خطى قادة السلطة الفلسطينية في طريقها إلى إقامة دولة بدعم أمريكي، فإن محافل يسارية إسرائيلية تشارك بشكل شبه مؤكد في هذا الجهد، وتوصي الأمريكيين والفلسطينيين حول كيفية فرض دولة فلسطينية على إسرائيل رغم أنف الشارع في إسرائيل الذي يخشى من أن تتحول مثل هذه الدولة إلى كيان إرهابي خطير أكثر بكثير من ذاك الذي يوجد في قطاع غزة”.
محكمة الجنايات الدولية
في سياق آخر، ما زال رئيس حزب إسرائيلي يتعرض لهجمات متتالية من قبل جهات سياسية وإعلامية صهيونية، بعدما أكد شرعية قرار محكمة الجنايات الدولية بفتح ملف تحقيق مع إسرائيل بشبهة ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.
ويتعرض رئيس حزب “ميرتس” نيتسان هوروفيتس، لانتقادات واسعة النطاق من قبل الأوساط اليمينية الإسرائيلية، بعدما اعترف في مقابلة أجرتها معه القناة الـ13 الإسرائيلية بوجود أرضية لقرار محكمة الجنايات الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرا لها.
وتابع: “أقول بحزن بالغ إن هناك أرضية لقرار المحكمة. لا أريد أن تواجه إسرائيل مثل هذا الوضع، لكن عليها أن تسأل نفسها بشأن ما الذي تحتاج إليه لتفادي ذلك”. وحثّ هوروفيتس حكومة الاحتلال على التعاون مع المحكمة، مشددا على أن الحل بالنسبة لإسرائيل لا في نعت محكمة لاهاي بأنها “معادية للسامية”، كما فعل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بل في الدخول بمفاوضات مع الفلسطينيين من أجل إيجاد حل، كي لا يكون هناك سبب لمثل هذا التحقيق الدولي.
وأعرب رئيس “ميرتس” عن قناعته بأن إسرائيل هي من تسببت في صدور قرار المحكمة، من خلال رفضها التفاوض مع الفلسطينيين و”مواصلة بناء المستوطنات كما لو أنه ليس هناك يوم غد “. وأقر هوروفيتس بأن جيش الاحتلال قام خلال حرب غزة عام 2014 بأمور لا ينبغي فعلها. وأضاف: “لحقت أضرار هائلة بالسكان المدنيين، وتريد المحكمة (الدولية) فحص ذلك”. وانضم رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو أمس للهجوم على هوروفيتس، واتهمه بـ”التخلي عن جنود الجيش الإسرائيلي الذين يدافعون عنه وعنا جميعا” على حد تعبيره.