فهد الخيطان
كانت المؤشرات الاحصائية كلها تفيد بأن المنحنى الوبائي يمضي إلى ارتفاعات شاهقة، وأن السلالة البريطانية انتشرت على نطاق واسع في أنحاء المملكة كافة، ورغم ذلك اكتفينا بإجراءات محدودة تحت ضغط التجار واعتبارات اقتصادية.
اليوم القطاع الصحي بشقيه العام والخاص بدأ يعاني بشدة، وقد يجد نفسه غير قادر على استيعاب الزيادة المطردة في أعداد المصابين. أول من دفع ثمن خضوع القرار الصحي للاعتبارات التجارية، آلاف مؤلفة من المواطنين غير المصابين والذين هم في أمس الحاجة لمراجعة المستشفيات وإجراء العمليات الجراحية، حيث اضطرت معظم المستشفيات الحكومية إلى تعليق خدماتها الاعتيادية.
الوضع في المستشفيات الخاصة أكثر خطورة، بعد أن بلغت طاقتها الاستيعابية القصوى. من يفكر بدخول مستشفى خاص حاليا،لأي سبب يواجه صعوبة بالغة في الحصول إلى غرفة أو سرير. ثمة قصص لمواطنين تدمي القلب بهذا الخصوص.
مهما بلغت المشكلات الاقتصادية تعقيدا، فإن الحكومة ملزمة بمعالجتها، ولديها الأدوات النقدية لفعل ذلك، لكن تفشي الوباء على نطاق واسع، وخروج الوضع عن السيطرة، وانهيار القطاع الطبي، سيؤدي لكارثة وطنية لا يمكن تدارك خسائرها. فكيف لنا أن نعوض البشر إذا ما فقدوا حياتهم، ناهيك عن المعاناة طويلة الأمد للمتعافين من الإصابة وهم بالآلاف، وما يترتب على ذلك من تعطل القوة الإنتاجية.
لقد كان معلوما منذ البداية أنه وبدون برنامج تطعيم واسع النطاق لا يمكن الحد من انتشار السلالة البريطانية، إلا بتدابير احترازية مشددة.
حملة التطعيم بدأت تتحسن تدريجيا لكنها تحتاج لشهرين على الأقل حتى تترك أثرا مباشرا على الوضع الوبائي، وفي المقابل، ما تزال النشاطات الاجتماعية تتحايل على تعليمات أوامر الدفاع، إذ تشير المعلومات الميدانية إلى أن مناسبات العزاء والأفراح المستمرة دون توقف، تعد سببا رئيسا لانتشار الفيروس وبسرعة في مجاميع عائلية كاملة، مثلما تساهم التجمعات الرياضية في النوادي المغلقة بانتقال العدوى بين الصغار، إضافة للمدارس التي تعتمد نظام التعليم الوجاهي لبعض الصفوف.
التردد والحيرة في اتخاذ القرارات الشجاعة وضعتنا على حافة الخطر المميت، ولن نستطيع تجاوز الأسابيع الصعبة القادمة إذا لم نغادر بسرعة هذه المساحة.
في المعلومات، أن لجنة الأوبئة قدمت توصياتها لتشديد تدابير الحظر، ومن المفترض أن تكون اللجنة الإطارية العليا قد اجتمعت مساء أمس للتوصية بقراراتها لمجلس الوزراء.
كل يوم من التأخير في تنفيذ التوصيات، يبعدنا أسابيع عن احتواء الوباء. ينبغي أن نتصرف بسرعة وشجاعة.