عدم ارتداء الكمامة.. توصيات أميركية جديدة للتخفيف من قيود كورونا بعد تلقي اللقاح

مع تسارع وتيرة حملات التلقيح ضد فيروس كورونا، وتراجع أعداد الإصابات والوفيات جراء الجائحة، بدأت السلطات الصحية في الولايات المتحدة، تخفيف بعض القيود على الاختلاط الاجتماعي، وأبرزها ارتداء الكمامات، في توصيات طال انتظارها.

وأصدر مسؤولو الصحة الفيدراليون توجيهات، الاثنين، تمنح الأميركيين الذين حصلوا على جرعتي اللقاح مزيداً من حرية التواصل الاجتماعي والمشاركة في الأنشطة اليومية الروتينية، ما أمد البلد الذي أنهكه الوباء بلمحة أولى عما قد تبدو عليه الحياة الطبيعية في الشهور المقبلة، حسب صحيفة “واشنطن بوست”.

عدم ارتداء الكمامات

وقال مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة CDC، إن الأشخاص الذين مر أسبوعان على تلقيهم الجرعة الثانية من اللقاح يمكنهم إجراء زيارات منزلية لأفراد أسرة واحدة غير ملقحين دون ارتداء كمامات أو الالتزام بالتباعد الاجتماعي بـ”معدل خطر إصابة شديدة منخفض”، ما سيمنح العديد من الأجداد الملقحين حرية زيارة أبنائهم وأحفادهم غير الملقحين، الذين يعيشون بالقرب منهم، لأول مرة منذ عام.

لكن تلك التوجيهات لا تشجع على الزيارات التي تعتمد على السفر لمسافات طويلة، بحسب الصحيفة الأميركية.

وأضاف المركز أن الأشخاص الذين حصلوا على جرعة لقاح كاملة يمكنهم التجمع “في الداخل” مع أقرانهم الذين حصلوا أيضاً على جرعة اللقاح كاملة، وأنهم لا يحتاجون إلى الإقامة في حجر صحي، أو الخضوع لاختبارات بعد التعرض لفيروس كورونا، طالما لم تظهر عليهم أي أعراض.

حافز للتطعيم

من جانبه، أشاد بيتر هوتيز، المدير المشارك في مركز تطوير اللقاحات التابع لمستشفى الأطفال في تكساس، بهذه التوجيهات، لكنه اعتبر أن مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC، استغرق وقتاً طويلاً للغاية لإخبار الجماهير المنهكة متى يستطيعون خلع الكمامات عن وجوههم.

وقال هوتيز: “كلما أسرعنا في إخبار الناس بأنه لا حاجة لارتداء الكمامات ما داموا تلقوا تطعيماتهم، فسيكون ذلك حافزاً للآخرين على الحصول على اللقاح”.

وأشارت “واشنطن بوست” إلى أن التوجيهات التي تقع في خمس صفحات تقدم للأميركيين الذين نجحوا في الحصول على اللقاح رغم ظروف توزيعه الشائكة، خارطة طريق من نوع ما، لاستئناف أوجه الحياة اليومية التي كانت معلقة منذ أكثر من عام.

تسارع وتيرة التطعيمات

يتزامن صدور هذه التوجيهات مع إعادة فتح ولايات أميركية عدة، لمرافقها، ودخول مسؤولي الحكومة والصحة العامة في سباق مع الزمن لتطعيم الأميركيين بأقصى سرعة ممكنة، لتجاوز النسخ الفيروسية سريعة الانتقال التي تنتشر في جميع الولايات تقريباً. 

وبعد بداية بطيئة، تتسارع وتيرة التطعيمات، حيث تلقى 60 مليون أميركي الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لفيروس كورونا، وأكثر من 31 مليون الجرعتين كاملتين اعتباراً من الاثنين، بحسب مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن تعهد بتوفير كمية كافية من اللقاحات لجميع البالغين بحلول نهاية مايو، ما استحث الآمال للعودة إلى الحياة الطبيعية.

وقالت روشيل والينسكي، مديرة مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، إن التوصيات وازنت بين المخاطر المحتملة على أولئك الذين لم يتلقوا التطعيم وتأثير انتقال العدوى في المجتمع من ناحية، وفوائد “العودة إلى بعض الأمور التي نحبها في الحياة” لأولئك الذين تم تلقيحهم من ناحية أخرى. 

لكنها حذرت وآخرون من أن ملايين آخرين من الأميركيين لا يزالون بحاجة إلى التطعيم قبل أن يتوقف الجميع عن اتباع احتياطات فيروس كورونا.

وأوضحت والينسكي أن مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، سيواصل تحديث هذه التوجيهات الأولية، ربما بتخفيف قيود السفر في حال استمرار تراجع معدلات الإصابات الجديدة بالفيروس وزيادة عمليات التلقيح. 

لكن في ظل عدم حصول أكثر من 90% على جرعاتهم من اللقاح، فإنه “قد يحدث اختراق للعدوى بعدد أقل من الفيروسات”، حتى في حالة هؤلاء الذين تم تلقيحهم، حسبما قالت والينسكي.

عدم التشجيع على السفر

وحتى الآن، يواصل المسؤولون عدم التشجيع على السفر لأنه “في كل مرة تحدث فيها زيادة في السفر، تقابلها زيادة في أعداد الحالات”، كما حذرت والينسكي، مضيفة: “نعلم أن كثيراً من الفيروسات المتحورة جاءت إلينا من أماكن دولية، ونعلم أيضاً أن الناس يختلطون بدرجة كبيرة في أماكن السفر”.

وأفادت “واشنطن بوست” بأن هذه الإرشادات تحدد عدة طرق يمكن من خلالها عودة الأشخاص الذين تلقوا جرعاتهم كاملة إلى روتينهم الحياتي القديم، رغم أنها تتسم بقدر من العمومية ربما يتجاوز ما كان يأمله البعض.

على سبيل المثال، لم تذكر قائمة التوجيهات ما إذا كان بمقدور الأجداد المطعمين احتضان أو تقبيل أحفادهم غير المطعمين، برغم أنها تبدو مؤيدة لهذا السلوك، إذ تنص على أن المطعمين يمكنهم التجمع بأمان في أماكن داخلية مع أعضاء أسرة واحدة غير مطعمين دون ارتداء كمامات أو الالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي، شريطة أن يكونوا جميعاً غير معرضين لخطر الإصابة بحالة حادة من فيروس كورونا.

“شعرت بالرضا لأنني استطعت أن أحضر لهم بعض الأشياء”، بهذه الكلمات أعربت هيلين باوتشر، طبيبة الأمراض المعدية في مركز تافتس الطبي في بوسطن، التي تلقت تطعيمها في ديسمبر، عن سعادتها لأنها عاودت التسوق في إحدى متاجر البقالة، وقامت، من وراء كمامتها، بزيارة أهل زوجها، وأخذت لهم بعض المكرونة والجبن وعلبة شوكولاتة.
 
وقالت باوتشر في حديث للصحيفة إنها اقتصدت في زيارتها، لأن والدي زوجها، البالغين من العمر 88 و90 عاماً، لم يتلقيا سوى جرعة واحدة فقط من اللقاح قبل أسبوعين ونصف، مضيفة: “لم أرغب في تعريضهما للخطر”، كما قالت باوتشر. 

ويُعدّ الأشخاص محصّنين بالكامل ضدّ فيروس كورونا بعد مرور أسبوعين على تلقّيهم الجرعة الثانية من أحد لقاحي “فايزر” أو “موديرنا”، أو بعد أسبوعين على تلقيهم لقاحاً أحادي الجرعة على غرار “جونسون آند جونسون”.

تراجع الإصابات

وأظهر تحليل أجرته وكالة رويترز، لبيانات الولايات والمقاطعات والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، أن الولايات المتحدة سجلت تراجعاً نسبته 12% في حالات كورونا الجديدة الأسبوع الماضي، في حين تسارعت وتيرة التطعيمات إلى عدد جرعات قياسي بلغ 2.2 مليون يومياً.

وتنخفض الإصابات الجديدة للأسبوع الثامن على التوالي، متراجعة إلى متوسط 60 ألف حالة جديدة يومياً في الأسبوع المنتهي في السابع من مارس. 

وهبطت كذلك الوفيات المرتبطة بكوفيد-19 بواقع 18% الأسبوع الماضي إلى 11 ألفاً و800، في أدنى رقم منذ أواخر نوفمبر لتبلغ متوسط 1686 يومياً.

ويشير إحصاء لرويترز إلى أن متوسط مصابي كوفيد-19 في المستشفيات الأمريكية انخفض 16% إلى 44 ألفاً الأسبوع الماضي، في أقل عدد منذ أواخر أكتوبر.

وتوفي إجمالاً 525 ألف شخص، جراء الإصابة بالفيروس في الولايات المتحدة أو واحد من بين كل 621 شخصاً من السكان.