هيثم تميم
مشكلة نفسية قد تساهم في إبطاء جهود التطعيم ضد كوفيد-19، وذلك مع اقتراب تضاعف إمدادات اللقاحات في الولايات المتحدة والعالم، في حين تتكثف الجهود المبذولة لإقناع المترددين بالتسجيل للحصول على اللقاح.
وتظهر الأخبار التلفزيونية حول جهود التطعيم ضد كوفيد-19، كل ليلة تقريبا، لقطات لإبر تنغرس في الأذرع المكشوفة، لكن هذه الصور الروتينية قد تأتي بنتائج عكسية، إذ إن نسبة كبيرة من الناس تعاني من مشكلة “الخوف من الإبر”.
صور مرعبة لمحاقن كبيرة
وقالت جينين غيدري، الأستاذة المساعدة في جامعة “فرجينيا كومنولث”، وهي باحثة في الاتصال المرئي وأجرت في يوليو مسحا شمل 500 شخص، إن “الخوف من الإبر كان أحد الحواجز التي جعلت البعض يقولون: لا أعتقد أنني سأحصل على هذا اللقاح”.
وأضافت غيدري، خلال مشاركتها، الشهر الماضي، في ندوة افتراضية للجنة الاستشارية الوطنية للقاحات، والتي تقدم توصيات لمسؤولي الصحة الفدراليين، إن المعلومات المضللة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي غالبا ما تتضمن صورا لمحاقن عملاقة.
وكانت وسائل التواصل الاجتماعي مصدرا للكثير من المعلومات غير الصحيحة حول اللقاحات بشكل عام، وكوفيد-19 على وجه التحديد، بهدف ثني الناس عن الحصول على اللقاحات.
وحذرت غيدري من أن بعض الصور المخيفة “تحظى باهتمام أكبر” ويمكن تذكرها لفترة أطول من الأنواع الأخرى للرسوم التوضيحية، وحثت خبراء الصحة العامة على توخي الحذر في رسائلهم، وقالت إن الجهود المشروعة لتشجيع التطعيم ربما أثارت الخوف، عن غير قصد، من خلال إظهار محاقن كبيرة بصورة مبالغ فيها.
وتابعت غيدري “إذا كنتم تستخدمون صورة حقنة ضخمة تبدو ضعف حجم رأسي، فهذا يجعلك تقول: هذه كبيرة”، وتساءلت عما يمكن أن يفعله ذلك “لشخص يعاني من رهاب الإبر.”
ويقول خبراء الصحة العامة إن من المهم حصول على ما لا يقل عن 70 إلى 80 في المئة من الجمهور، على اللقاح المضاد لكوفيد-19، للوصول إلى ما يسمى بمناعة القطيع، لكن الخوف من الإبر يساهم في تردد بعض الناس في الحصول على لقاح.
وأظهر تحليل أجراه باحثون في جامعة ميشيغان، لمجموعة واسعة من الدراسات في الولايات المتحدة ودول أخرى حول هذا الموضوع، أن 20 إلى 30 في المئة من البالغين الذين تمت دراستهم أعربوا عن قلقهم من الإبر.
وأبدى هؤلاء ردود فعل تفاوتت بين القلق الخفيف، والرهاب الشديد، الذي قد يؤدي بالبعض إلى تجنب طلب الرعاية الطبية.
حتى أن العديد من العاملين في مجال الرعاية الصحية، أشاروا أيضا إلى خوفهم من الإبر، وفقا للبحث الذي نُشر في مجلة “التمريض المتقدم” في أغسطس 2018.
ويعد تصريح الاستخدام الطارئ، الذي منحته إدارة الغذاء والدواء للقاح الجرعة الواحدة من “جونسون آند جونسون”، قبل أيام، خبرا سارا لمن يخشون الإبر، إذ يتطلب لقاحا “فايزر” و”مودرنا”، المتاحان حاليا، أخذهما على جرعتين، يفصل بينهما أسبوعان، ما يعني مواجهة المخاوف مرتين.
نصائح للتغلب على المخاوف
وسواء كان اللقاح من جرعة واحدة أو جرعتين، فقد نقلت شبكة “إن بي سي” الأميركية، عن خبراء متخصصين، اقتراحهم عدة خطوات لمساعدة من يعانون من “الخوف من الإبر”، وهي:
-أحضر شخصا تثق به لمرافقتك خلال تلقيك اللقاح.
-خذ نفسا عميقا قبل تلقي الحقنة.
-يمكنك طلب تلقي اللقاح في وضعية الاستلقاء إذا كنت تفضل ذلك.
-حافظ على روح إيجابية.
-أخبر المسؤولين عن التطعيم بحقيقة مخاوفك.
بدائل موعودة
وتعمل عدة جهات على تطوير لقاحات على شكل رذاذ، يمكن تلقيها عن طريق الأنف، أو على شكل أقراص يمكن ابتلاعها مباشرة.
وقالت أستاذة علم الفيروسات بجامعة أوكسفورد، التي أنتجت أحد اللقاحات المضادة لكوفيد-19، البروفيسورة سارة غيلبيرت: “نفكر في تركيبات الجيل الثاني من اللقاحات التي يمكن أن تحل محل الحقن، لكنها ستستغرق وقتا لتطويرها”.
وأشارت غيلبيرت أمام لجنة العلم والتكنولوجيا في البرلمان البريطاني، مؤخرا، إلى لقاحات الأنفلونزا، التي يتم إعطاؤها عن طريق رذاذ الأنف، وقالت إنها “قد تكون نهجا جيدا جدا في المستقبل لاستخدام لقاحات ضد فيروس كوفيد-19”.
وأوضحت أن من الممكن أيضا التفكير في التطعيم عن طريق الفم، “حيث يتعين عليك تناول قرص يمنح الحصانة، وسيكون لذلك الكثير من الفوائد لإطلاق اللقاح، إذا لم تكن بحاجة إلى استخدام الإبر للناس”.
ولفتت غيلبيرت إلى أن “جرعات اللقاح الحالية تـُعطى في الذراع، وهذه الطريقة ليست الأفضل للتحصين والحماية من فيروس تنفسي في الأصل”، وشددت على أن الهدف هو إطلاق هذا التحصين في الجزء العلوي من المسار التنفسي، ثم المرور إلى الجزء السفلي الذي تحدث فيه الإصابة.
سكاي نيوز