الغضب يتنامى في لبنان وسط انهيار اقتصادي بهبوط قيمة العملة إلى مستوى قياسي واستمرار الأزمة السياسية

مها الدهان

أغلق المحتجون بعض الطرق في لبنان لليوم الثاني على التوالي اليوم الأربعاء بعد هبوط قيمة العملة إلى مستوى قياسي جديد مما زاد من غضب المواطنين القلقين منذ فترة طويلة بسبب الانهيار المالي في البلاد.

وفي العام الماضي شهد لبنان انتفاضة شعبية ضد القادة السياسيين، وإفلاس الدولة والقطاع المصرفي، كما شهد تفشي جائحة كوفيد-19، وفي أغسطس آب وقع انفجار ضخم قتل 200 شخص ودمر أجزاء من بيروت.

وأطاحت الأزمة المالية بالوظائف وزادت القلق من تزايد الجوع ومنعت المودعين من الوصول إلى أموالهم في البنوك.

وقال الرئيس ميشال عون على تويتر إنه طلب من حاكم المصرف المركزي إجراء تحقيق في أسباب أحدث انخفاض للعملة، وأكد على أن السماح للمودعين بالوصول إلى أموالهم هدف رئيسي.

وشدد عون على أن “الهمّ الأساسي يبقى استعادة أموال المودعين وحقوق الناس التي لا يجوز إضاعتها، لا عن طريق المضاربات غير المشروعة ولا عن طريق التحويلات المشبوهة إلى الخارج”.

ومحا انهيار الليرة اللبنانية، التي هوت أمس إلى عشرة آلاف ليرة مقابل الدولار، نحو 85 بالمئة من قيمتها في بلد يعتمد بشكل كبير على الواردات.

وكانت هذه القشة الأخيرة بالنسبة لكثيرين شهدوا ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية مثل حفاضات الأطفال والحبوب إلى نحو ثلاثة أمثالها منذ بدء الأزمة. وأحرق المتظاهرون الإطارات وصناديق القمامة في العديد من أرجاء البلاد وأغلقوا الشوارع مساء أمس الثلاثاء.

* ساسة منقسمون

ذكرت وسائل الإعلام المحلية اليوم الأربعاء أن المتظاهرين واصلوا إغلاق أربعة شوارع رئيسية على الأقل في طرابلس، أفقر مدن لبنان، وكانت هناك احتجاجات على نطاق أصغر أمام متاجر الصرافة.

وقال جاد سليم أحد سكان بيروت “الحل يكون بحكومة إنقاذية خارج الطقم السياسي وتضع خطة اقتصادية لكيفية معالجة الوضع لأن الترقيعات والحلول المؤقتة لم تعد تجلب نتيجة مهمة”.

ولم يتمكن الساسة المنقسمون من الاتفاق على حكومة جديدة منذ استقالة الحكومة السابقة في أعقاب انفجار مرفأ بيروت يوم الرابع من أغسطس آب، مما ترك البلاد في مهب الريح مع انتشار الفقر.

وقال المحلل اللبناني سركيس نعوم معلقا على عدم تحرك المسؤولين منذ مساء الثلاثاء “لأن نحن دولة فاشلة منتظرين أن تحدث مآسي أيضا”.

وأضاف “حكامنا فقدوا منذ زمن طويل قرارهم الحر. هم رهن لدول خارجية بإرادتهم ورهن مصالحهم الشخصية. هذا محزن لكنه حقيقي”.

وتشكيل حكومة جديدة ضروري من أجل تنفيذ إصلاحات مطلوبة لفتح الباب أمام تدفق مساعدات دولية بمليارات الدولارات لإصلاح الاقتصاد.

وكُلف سعد الحريري في أكتوبر تشرين الأول بتشكيل حكومة جديدة، لكن التوتر بينه وبين الرئيس عون أوصل الوضع إلى حالة جمود سياسي.

وقال دان قزي المحلل الاقتصادي اللبناني “الوقت الذي يستغرقه تشكيل الحكومة يؤشر على كيفية اتخاذها القرارات بعد تشكيلها”.

* تآكل القوى الشرائية

تزامنت احتجاجات أمس الثلاثاء مع تخفيف طال انتظاره لقيود احتواء فيروس كورونا التي أبقت أغلب الشركات مغلقة لمدة شهرين حتى هذا الأسبوع.

وترك انهيار العملة أصحاب المتاجر، الذين يشكون من غياب الدعم الحكومي أثناء الإغلاق، في حالة معنوية أشد قتامة إذ تآكلت القوى الشرائية للزبائن بدرجة أكبر.

وقال أندريه أنتيبا، صاحب محل ملابس في منطقة برج حمود ببيروت، ” كما ترون، الشارع فارغ. الزبائن غير موجودين، إنهم يبحثون فقط عن الطعام والماء”.

“لا يوجد حل لهذا، الدولار عند 10 آلاف وسيصل إلى 15 ألفا و 20 ألفا، الكل يعلم.”

وقال سام يغيايان صاحب محل ملابس آخر إن زبائنه صرخوا عندما أبلغهم بسعر سروال من الجينز.

وأضاف “لا يمكننا الاستمرار إذا لم يكن هناك حل لمشكلة الدولار. ستغلق الكثير من المتاجر وسنكون نحن من الأوائل”.

(رويترز)