دعوات إلى الترويج للمواقع الأثرية وذهابه إلى النجف رسالة بأنها القائد الفعلي للشيعة في العالم لا حوزة قم
مؤيد الطرفي مراسل عراقي
تواصل السلطات العراقية استعداداتها لاستقبال بابا الفاتيكان البابا فرنسيس مطلع مارس (آذار) المقبل، في أول زيارة بابوية إلى البلاد منذ تأسيس الدولة الحديثة عام 1921، لتُمثل حدثاً تاريخياً يشهده العراق في وقت يمر بأزمة سياسية خانقة، مع استمرار هجمات الفصائل الشيعية الموالية لإيران على البعثات الدبلوماسية والمصالح الدولية وارتفاع معدلات الإصابة بكورونا.
وستحمل الزيارة رسائل مهمة لجميع الجهات داخل البلاد وخارجها، أبرزها ثقة المجتمع الدولي بالحكومة العراقية ومؤسسات الدولة، على الرغم مما تتعرض له من محاولات طهران وحلفائها من الفصائل الشيعية لجعلها تبدو ضعيفة دولياً، واستخدامها كورقة ضغط في مفاوضات طهران بشأن برنامجها النووي ورفع العقوبات عنها.
رسالة تعايش وسلام
يقول وزير الثقافة العراقي حسن ناظم، “زيارة البابا تمثل رسالة إلى العالم بما تحمله من دلالات تدعو إلى التعايش والسلم، وبث روح التسامح، وإبراز الوجه الحضاري للبلاد كبلد زاخر بالآثار، والمراقد الدينية، والكنائس”.
وذكر ناظم، في بيان خلال اجتماعه مع اللجنة المكلفة استقبال البابا، أن الوزارة استكملت جميع الاستعدادات، وتحضر حالياً مؤتمراً مصغراً لممثلي المكونات الدينية قبل مجيء قداسته، وستصدر طابعاً وبطاقة بريدية، وتقيم تراتيل كنائسية وفولكلوراً يعكس التنوع الديني والمذهبي.
دعاية إيجابية
يضيف رئيس كتلة الرافدين المسيحية يونادم كنا، “الزيارة ستمثل دعماً للعراق من قِبل المجتمع الدولي من خلال توجيه أنظار العالم إلى البلد”. مؤكداً أن الحكومة “اتخذت كل الإجراءات الأمنية لحماية البابا”. وتابع، “كما أنها رسالة تضامن مع الشعب العراقي ودعوة للتسامح والتصالح، وسيرافقه 75 صحافياً من أنحاء العالم، وبذلك ستتجه العيون إلى العراق خلال زيارته”.
وأوضح كنا أن الزيارة ذات طابع ديني، حيث سيزور البابا أور في ذي قار، ليلتقي بموطن أبي الأنبياء إبراهيم، وكذلك سيذهب إلى المرجع الأعلى للشيعة السيد على السيستاني وبعض المرجعيات الأخرى في أور، لافتاً إلى أن قداسته سيدعو المجتمع الدولي للتعاون مع العراق في إعادة الإعمار والمهجرين.
جدول مزدحم
ويرى المنسيور بيوس قاشا خوري، من كنيسة ماريوسف للسريان الكاثوليك في بغداد، أن الزيارة تمثل سلاماً ومحبة. مشيراً إلى أن البرنامج الذي يستغرق أربعة أيام سيتضمن الذهاب إلى عدد من الكنائس في بغداد والموصل وأربيل، ويختتمها بإقامة قداس في ملعب أربيل.
وبحسب خوري، فإن الانطلاقة ستبدأ من عصر الجمعة المقبل من كنيسة سيدة النجاة في بغداد ولقاء رجال الإكليلوس المسيحي من الرهبان والراهبات والكهنة والأساقفة، وفي اليوم الثاني سيسافر إلى النجف لمقابلة آية الله السيد السيستاني، مبيناً أنه سيزور بعدها أور، وبعد ذلك يعود إلى كنيسة ماريوسف في بغداد ليقيم الذبيحة الإلهية، والأحد إلى أربيل ومنها إلى نينوى، ومن ثم يعود إلى أربيل مجدداً ليقيم القداس في ملعبها.
الترويج للسياحة
شددت لجنة السياحة والآثار في مجلس النواب على ضرورة الاستفادة من الزيارة، بالترويج للمواقع السياحية والأثرية، خصوصاً أور في محافظة ذي قار بحسب عضو اللجنة بشار الكيكي، الذي يشير إلى وجود خطة حكومية لصيانة المواقع الأثرية في العراق.
ويضيف الكيكي، “العمل يجري بين وزارة الثقافة ولجنة السياحة والآثار حول الاهتمام بصرح أور، باعتباره معلماً تاريخياً دينياً مهماً، وله أهمية للعالم أجمع والعالم المسيحي خصوصاً”، مؤكداً أن “زيارة البابا ستسلط الضوء مجدداً على العراق بشكل عام وأور بشكل خاص وكذلك المناطق التي يزورها البابا”.
ولفت إلى ضرورة أن تكثف الحكومة العراقية جهودها، لإدامة الدعم لهذه المواقع الأثرية، لا سيما أنه جرت تخصيصات مالية للصيانة ضمن موازنة 2021، مبيناً أن هناك تنسيقاً بين الجهات الدولية واليونسكو والبعثات الآثارية الدولية لصيانة تلك المواقع.
وبشأن إمكانية قدوم السياح الأجانب، لا سيما المسيحيين، إلى المواقع الأثرية خصوصاً في أور، يشير الكيكي إلى وجود مخاوف “بسبب الوضع الأمني”، داعياً الحكومة إلى “السيطرة على البلد”.
اعتراف دولي بدور النجف
وتمثل زيارة البابا للنجف ولقائه المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني رسالة واضحة إلى العالم والشرق الأوسط، بأن هذه المدينة تمثل “قلب التشيع المعتدل وعاصمته”، وليس حوزة قم، وما تعنيه من امتداد لحكم ولاية الفقيه في إيران وسياساته.
ويرى رئيس مركز موجة ياسر مكي أن زيارة البابا العراق عموماً والنجف خصوصاً ولقاءه السيستاني تدلل على أن “المرجعية الدينية في النجف هي القائد الفعلي للشيعة في العالم”.
ويضيف مكي أن “الزيارة تاريخية وممكن أن تُستثمر على مدى 20 عاماً مقبلة، إلا أن التحضيرات حتى الآن لم تكن بالمستوى المطلوب”، مشيراً إلى أنه “كان من المفترض أن تكون بصورة أكبر، لا سيما أنها الأولى للعراق، والمجتمع النجفي يترقبها، باعتبارها تمثل تقارباً بين المسلمين الشيعة والعالم المسيحي”.
ويلفت أن أهمية استفادة المجتمع الشيعي من الزيارة عالمياً، في ظل الصراع القائم بين الانفتاح والانغلاق، مؤكداً أن المجاميع المسلحة المرتبطة بإيران تدعو إلى انغلاق العراق والابتعاد عن المجتمع الدولي بعكس مرجعية السيستاني التي تمثل محور الاعتدال.