ماكونيل غير مهم عندما يتعلق الأمر بترمب وحزبه. لماذا؟


الرئيس السابق يصب جام غضبه على حليفه السابق فيما تتقلص قائمة أصدقاء الأول في الحزب الجمهوري ما يؤثر على الطموحات السياسية المستقبلية

شون أوغرايدي مساعد رئيس التحرير @_SeanOGrady

قد ترى أن الأمر برمته يحدث لمجرد الرغبة في التغيير، حينما يختار دونالد ترمب الإشارة إلى حقيقة قديمة عفا عليها الزمن، عن خصم سياسي، إذ يورد الرئيس السابق أن “زميله” (يبدو تعبيراً فضفاضاً) في الحزب الجمهوري، ميتش ماكونيل، هو “متسلق سياسي، وحرون، ومتجهم”، ويمثل ذلك التوصيف نوعاً من التعبير السياسي الذي يكاد يلامس تبيان حقيقة علمية. بالطبع قد يكون ماكونيل شخصاً طريفاً للغاية في حياته الخاصة بعيداً عن الأضواء، ويكاد يكون أرنباً ينشر المتعة والطرافة في البيت، وشخصاً متألقاً يستقطب الاهتمام ويضج حضور قاعة ما بالترحيب به كلما دخلها. في المقابل، يبدو رتابته الأحادية النبرة أثناء ظهوره في المناسبات العامة، بعيدة عن ذلك.

وكي نكون منصفين حيال زعيم الكتلة الجمهورية في مجلس الشيوخ، ينبغي القول إن ماكونيل يتصرف فعلاً بشكل طبيعي من دون أن يدعي أنه غير متسلق سياسي وحرون ومتجهم أيضاً. وليس لديه خطط في الوصول إلى البيت الأبيض. ولعل مايك بنس يبدو شخصية مغناطيسية لفرط جاذبيتها بالمقارنة مع ماكونيل، الذي يبدو متكيفاً مع جلده المتجعد، خلافاً للرئيس السابق.

ومن الواضح أن إدانة ماكونيل المدمرة أخيراً لسلوك ترمب، قد وخزت جلد الرئيس المعروف بحساسيته البالغة. وإذا كان زعيم المحافظين في مجلس الشيوخ قد اعتقد أن التصويت لمصلحة تبرئة ترمب بغض النظر عن كل شيء، سيجعله جديراً بنيل إعجاب الرئيس السابق، فإنه مخطئ في ذلك. وقد فشلت بشكل ذريع محاولة ماكونيل للتوفيق بين التيار السائد في مؤسسة الحزب الجمهوري وبين قاعدة تأييد ترمب المتمردة في الحزب. وكذلك لم تعد عليه بالنفع، محاولته الصارخة لكسب ود الطرفين. وقد أدرك أن ثمة فرصة قد تسنح له على الأرجح بهدف وضع حد لصعود ترمب، ومنع وقوع هجوم آخر على البيت الأبيض في غضون أربع سنوات، غير أنه رفض استغلال تلك الفرصة، لكن على نحو متوقع، لم يقابل ترمب صنيعه بالشكر والامتنان. وإضافة إلى الاساءات الشخصية، حذر ترمب ماكونيل والحزب الجمهوري أنهم إذا “ظلوا معه [ماكونيل]، فإنهم لن يفوزوا مجدداً”.

حسناً، إن ماكونيل بوجهه الذي يشبه وسادة وقدرته على بث النعاس في أي جمهور يصغي إليه، ليس المرشح المفضل للانتخابات الرئاسية في 2024 بالنسبة لأي شخص، بيد أن ترمب يشكل المرشح الأول لدى كثيرين. وسواء شئنا أم أبينا، سيرشحه الجمهوريون الآن لولاية أخرى في البيت الأبيض في 2024. وفي هذا السياق، أظهر استطلاع أخير للرأي حصول ترمب على تأييد 53 في المئة من المشاركين الجمهوريين، مقابل 12في المئة لمايك بنس نائب الرئيس السابق، و6 في المئة لتيد كروز، بينما نال جوش هاولي، وهو الآخر من الموالين لترمب 1 في المئة من الدعم. واللافت أن دون جونيور الذي يفتقر إلى ميزات والده المثيرة للجدل، قد فاز بـ6 في المئة من تأييد الجمهوريين المشاركين في الاستطلاع. ولا حاجة بنا للقول إن ماكونيل لم يكن في عداد المتسابقين الذين طرحت أسماؤهم في هذا الاستعراض لانتخاب الأكثر جمالاً.

في ذلك الصدد، من المستطاع الجدال بأن فوز رئيس تقاعد أخيراً بصورة غير طوعية، بـ53 في المئة من التأييد يشكل تفوقاً متواضعاً إلى حد كبير، على الرغم من أنه متقدم على أي من منافسيه بأشواط طويلة. ويبدو أن لدى ترمب كثيراً من الطاقة، إضافة إلى الغضب، وكذلك يريد أن يكون صاحب الكلمة الأخيرة، وآخر من يضحك أيضاً، ولا سيما مع إشارته إلى أنه يجد الخسارة أمراً صعباً. قد يتبين في وقت لاحق أن إدارة بايدن أشبه بالكارثة التي حلت بالبلاد، ما يجبر أميركا على التوبة والتوسل إلى ترمب كي يعود ويجعل أميركا عظيمة من جديد.

في المقابل، تعد أربع سنوات فترة طويلة قد تشهد تغيرات كثيرة ليست في الحسبان. وربما يبدأ نفوذ ترمب بالاضمحلال فيما يتركز انتباه الجميع على الرئيس الجديد وفريقه. وترمب، الشخص العبقري والراسخ، وفق ما يصف نفسه، ليس محصناً ضد تأثير التقدم في السن. ولربما قرر الترشح كطرف ثالث (إلى جانب مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري) ممثلاً بامتياز تيار “ماغا” MAGA [إحدى تسميات تيار في اليمين الجمهوري المتطرف يضم أشخاصاً كستيف بانون، ويشمل طيفاً من المجموعات التي شاركت في اقتحام مبنى الكابيتول] إذا شعر أن الجمهوريين لم يعودوا يريدونه رئيساً للبلاد، إلا أنه لن يفوز في الانتخابات. ومن المحتمل أيضاً أن يقبل في الوقت المناسب بدور صانع الملك بدلاً من أن يكون الملك نفسه. ومن الصعب توقع تأييده أي مرشح من خارج عائلته بالذات، كي يحمل المشعل من بعده ويواصل حملته المفعمة بالحماس، ولا سيما أن السلالة مهمة للغاية بالنسبة له، كما أنه يعتبر أن السياسيين الآخرين عموماً أغبياء يبعثون على الملل، تماماً مثل ماكونيل. لذا، من الأفضل بالنسبة لكل من عضوي مجلس الشيوخ كروز وهاولي أن يبدآ بالابتسام.

© The Independent