أكد اقتصاديون وممثلو قطاعات تجارية وصناعية، أن الحصول على تمويل مالي بشروط ميسرة، وفوائد مخفضة، وفترات زمنية طويلة، من أهم متطلبات تسهيل إنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وطالبوا، باستحداث منتجات في المؤسسات التمويلية، تتناسب وطبيعة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بمعايير واضحة وشفافة، تدعم الأفكار الريادية لدى الشباب وتشجعهم على الانخراط في سوق العمل.
كما طالبوا بضرورة تطوير إطار موحّد يجمع التشريعات القانونية والتنظيمية للشركات الصغيرة والمتوسطة، لتسهيل اجراءات إنشاء وتسجيل المشاريع والرقابة عليها، والحد من البيروقراطية، مشددين على ضرورة منح اعفاءات خاصة بهذه المشاريع، من خلال تخفيض الضرائب والرسوم وتكاليف الطاقة والتشغيل.
وتحظى المشاريع الصغيرة والمتوسطة باهتمام من جلالة الملك عبدالله الثاني، لدورها في التنمية وتوفير فرص العمل.
وحسب بيانات للبنك المركزي الأردني، تشكل المشاريع الصغيرة والمتوسطة نحو 96 بالمئة من المشاريع القائمة بالمملكة وتسهم في توفير 70 بالمئة من فرص العمل، و40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ووفقا لوزارة الصناعة والتجارة والتموين، فإن المشاريع التي يعمل فيها 4 عمال فما دون هي مشاريع صغرى، وما بين 5 و 19 عاملاً هي مشاريع صغيرة، وما بين 20 و 99 عاملا مشاريع متوسطة، وما فوق ذلك مشروعات كبيرة.
وقال الخبير الاقتصادي المهندس موسى الساكت إن التمويل يعد من أهم متطلبات تسهيل إنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مبينا أن أكثر من 95 بالمئة من الشركات الأردنية هي شركات صغيرة ومتوسطة، والقليل منها يحصل على تمويل متواضع.
وأضاف أن البنوك في الأردن هي بنوك تجارية تركز على الضمانات، وهو ما قد يصعب على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحصول على التمويل اللازم لتطوير أو استمرار نشاطها، داعياً إلى ضرورة استحداث بنك للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، يمنحها قروضا طويلة الأمد، ويعتمد على الجدوى الاقتصادية للمشاريع.
ورأى المهندس الساكت أن البيروقراطية والتأخر بإصدار التراخيص اللازمة للمشاريع تعد عائقا أمام العديد منها، إضافة لارتفاع أسعار الأراضي في المدن الصناعية والمناطق التنموية، على الرغم من أن هذه المناطق تمنح ميزات جيدة ولكنها ليست جاذبة بالقدر الكافي أمام ارتفاع الأسعار، وتكاليف ممارسة الأعمال عموماً كالطاقة.
من جانبها اعتبرت نائب رئيس مجلس أعمال السيدات الصناعيات في غرفة صناعة عمان الدكتورة ريم البغدادي، أن الحصول على التمويل من أكبر التحديات التي تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وأكدت ضرورة تطوير منتجات مصممة وحجم هذه المشاريع في البنوك والمؤسسات المالية، من خلال تقديمها للتمويل الميسر بسرعة وبفائدة مخفضة، وفق معايير واضحة وشفافة، تشمل الشباب في المحافظات كافة.
وطالبت البغدادي بضرورة إعادة تصنيف المشاريع الصغيرة والمتوسطة، من حيث عدد العمال، وقيمة المبيعات، وحجم رأس المال، بما يتناسب وإمكانيات الشباب والمؤسسات التمويلية على حد سواء. ودعت إلى إعادة النظر في التشريعات المنظمة لعمل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والحد من تعدد الجهات الحكومية المرتبطة بإنشاء ومراقبة هذه المشاريع، مع منع التداخل في صلاحيات هذه الجهات.
وطالبت الجهات المعنية بضرورة تطوير إطار موحد يجمع التشريعات القانونية والتنظيمية للشركات الصغيرة والمتوسطة، بما يسهل من الإجراءات المتخذة عند إنشاء وتسجيل المشاريع والرقابة عليها، مشيرة إلى ضرورة تخفيض الرسوم، ومنح إعفاءات ضريبية خلال فترة زمنية محددة، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تمر بها البلاد جراء جائحة فيروس كورونا، بما يقلل المصاريف التشغيلية الأولية للمشاريع.
وبينت أنه لا بد من تقوية البنية التعليمية والتدريبية، بما يركز في مخرجاتها على الإبداع والريادة، وتوجيه الشباب نحو التعليم المهني والتقني، وإرشاد أصحاب المشاريع القائمة نحو الاهتمام بالجودة التي تساهم في رفع كفاءة منتجاتهم.
بدوره، أشار الخبير الاقتصادي مازن إرشيد إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تشكل نحو 90 بالمئة من مشاريع مختلف دول العالم، موضحا أن هذه المشاريع تعثرت خلال الجائحة في الأردن كباقي العالم، ما يتطلب إزالة العراقيل أمام المستثمرين، كارتفاع تكاليف الطاقة والتشغيل.
وأكد إرشيد ضرورة إعفاء المشاريع من الضرائب والرسوم الجمركية، ولو لفترات زمنية محددة، مع تسهيل إدخال المواد الخام للمشاريع الصناعية، داعيا الى إعطاء المستثمرين بقطاعي النقل والطاقة المتجددة، مزايا استثمارية خاصة، كونها قطاعات حيوية، إلى جانب تقديم تمويل ميسّر بفائدة متدنية لفترات طويلة.
واوضح ممثل قطاع الألبسة والمجوهرات في غرفة تجارة الأردن أسعد قواسمي أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تأثرت خلال جائحة كورونا على نحو كبير، الامر الذي يستدعي دعمها من خلال تخفيف الأعباء الضريبية، واعتماد ضريبة المبيعات ما بعد البيع وليس على البيانات الجمركية، وإعفاءها من الرسوم المختلفة، كالمسقفات، ودعم فواتير الطاقة، وتخفيض اشتراكات الضمان الاجتماعي، وتقسيط الرسوم الجمركية. وأكد أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تشغل أيد عاملة أردنية كقطاعات الألبسة والمجوهرات، ولاسيما فئة الشباب التي ما زالت على مقاعد الدراسة في الجامعات، وتعمل لسد احتياجاتها، يجب دعمها على نحو خاص من خلال دفع وزارة العمل لجزء من رواتبهم لتأهيلهم بما يعزز عمل المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
من جانبه، اعتبر ممثل قطاع الصناعات الكيماوية ومستحضرات التجميل في غرفة صناعة الأردن المهندس أحمد البس، دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، مخرجا أمام المملكة لتطوير صناعتها، مشددا على ضرورة دعم مراكز التدريب والتأهيل المهني، بما يحقق مهارات تؤهل الشباب لابتكار صناعات صغيرة ومتوسطة، كالصناعات الكيماوية البسيطة والصناعات الغذائية، ضمن ضوابط محددة.
وأشار إلى أن لجان التراخيص الخاصة بالصناعات الصغيرة والمتوسطة، لا تطبق معايير محددة في منح التراخيص، موضحا أن نسبة المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي ترفض تصل لنحو 25 بالمئة من إجمالي المشروعات، دون أسباب مقنعة على حد تعبيره.
ولفت الى وجود العديد من العراقيل التي تواجه أصحاب الأفكار الريادية الصغيرة والمتوسطة من الشباب، داعياً إلى استحداث جهة رقابية تطلع على أسباب رفض إنشاء بعض المشاريع، وابدى استعداد غرفة صناعة الأردن لتكون تلك الجهة.
وطالب بتسريع إجراءات منح التراخيص، ومراعاة عدم التعقيد في الأنظمة والتعليمات والتشريعات ذات العلاقة.
بدوره، أكد نقيب تجار الألبسة والأقمشة والأحذية منير دية، ضرورة تسهيل إجراءات الحصول على تمويل لمختلف المشاريع، بأقل نسبة فائدة، وبأقل الضمانات والاشتراطات، بما يشجع إنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة، داعيا إلى ضرورة إعادة النظر في القوانين الناظمة لعمل مختلف المشاريع وتسهيل الحصول على التراخيص اللازمة لإنشائها، وتوجيه المستثمرين نحو القطاعات التي يحتاجها السوق، بما يحقق الإنتاجية والاستمرارية في عمل هذه المشروعات .
إلى ذلك، قال ممثل قطاع الأثاث والأدوات المنزلية في غرفة تجارة الأردن خالد حبنكة إن المشاريع الصغيرة تحتاج إلى دعم مالي من خلال قروض بنكية بشروط ميسرة، تساعد المستثمر أو صاحب المشروع الصغير على الاستمرارية.
ودعا إلى ضرورة تسهيل اجراءات التراخيص والرسوم المختلفة، والشروط التي يمكن الاستغناء عنها كاشتراطات مواقف السيارات والرسوم البديلة عنها، وإعفاء أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة من الضرائب لنحو خمس سنوات، حتى يؤكد المشروع نجاعته.
(بترا – عائشة عناني)