يوم_العدالة_الإجتماعية

#العدالة_اجتماعية

عماد المالحي

أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها يوم 26/11/2007 اعلان يوم “20 شباط” من كل عام يوما عالميا للعدالة الاجتماعية.وكان الهدف من ذلك تحفيز الحكومات على التصدي للظلم الإجتماعي الذى يتجسد في صور مختلفة، منها الإستبداد والإستعباد والتهميش، والإقصاء والقهر الاجتماعيين والحرمان والفقر. ولا تنحصر العدالة الاجتماعية في توزيع الحقوق والفرص والموارد بين الأجيال الحاضرة فحسب، بل وتضمن حقوق الأجيال المقبلة في موارد البلد.فالعدالة الاجتماعية قيمة عليا وفلسفة تنبع منها منظومة كاملة تجسد الكرامة الإنسانية، لكن هناك من يعاديها ويشوها، ويلجأ المتحكمون بثروات الشعوب إلى وسائل شتى لمحاربتها،ومن هذه الوسائل “غسل الأدمغة” عندالشعوب وكأنها عائق امام تسريع النمو الاقتصادي وحاجزة للتطور والتمدن والحضارة! وهناك من يشيع فهما خاطئا للعدالة الاجتماعية مدعيا انها “الإحسان ا والصدقات” التي يتكرم بها البعض من الميسورين على الفقراء. وهناك ايضا من يحصر المفهوم بحدود تقليص الفجوة المعيشية بين طبقات المجتمع. اما الاتجاه الفكري “اليساري” فله فهمه الخاص(اذ يعدها نظاما اقتصاديا واجتماعيا يهدف إلى إزالة الفوارق بين طبقات المجتمع).ويثير مفهوم العدالة الاجتماعية خلافا متوقعا بين المفكرين إنطلاقا من الاتجاه الفكري والانتماء السياسي لكل منهم. وقد تمكن مفكرو اليسار من “تفكيك” هذا المفهوم الى قضايا محددة، منها المساوة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص والضمان الاجتماعي والتوزيع العادل للموارد والثروة . كما رسموا طريقا واضحة من اجل تطبيقها، ومنهاجا كفاحيا لتشريع القوانين ذات العلاقة، مطالبين الحكومات بوضع سياسات عملية لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين وحفظ كرامتهم عبر تحقيق الامن الاجتماعي، الذي يعتبر أحد الأركان الأساسية للعدالة الاجتماعية. فهو يشمل الحق في الحصول على دعما ماليا للمواطنين الأكثر إحتياجا في المجتمع، ويضمن رعاية صحية جيدة وكفالة التعليم الفعال وتوفير العمل اللائق.وقد برز مطلب العدالة الاجتماعية بقوة في الشعارات التي رفعتها حركات الاحتجاج من أحزاب، عمال، طلاب، مرأة…. الخ، ليس عن إدراك فطري لدى المحتجين لما لهذا المطلب من مساس بمعيشة المواطنين وحسب، بل تعبيرا عن وعي متقدم بالحق في”عيش كريم” الى جانب أمور أخرى منها تعرية المتنفذين ومساءلتهم عن الأموال العامة التي نهبوها والموارد الوطنية التي بددوها.وحين نذكر بيوم العدالة الاجتماعية فانما نهدف الى الإشارة للاوضاع الاقتصاديةوالاجتماعية في بلادنا، حيث الارتفاع المخيف لمعدلات الفقر بسبب غياب برامج التنمية المستدامة وبسبب سياسات الخصخصة المؤدية للفساد، والمنهج الاقتصادي والسياسي، الذي أغرق البلاد في التبعية والارتهان للمؤسسات المالية الدولية.هذه السياسات أدت إلى تفشي الفساد، وسهولة التطاول على المال العام.اما الانعكاسات لهذا الفساد، فقد أدى إلى إستئثار شرائح بعينها على مقدرات البلد، مماأدى الي إتساع الفرز الطبقي،بين فئاته، فئة متنفذة تمتلك القرار والمال،وهي القلة واكثرية لم تعد تستطيع توفير قوت يومها،وهي فئة الفقراء والمهمشين، والتي وصلت سوء اوضاعها الي مستويات غير مسبوقة.إن ارتفاع نسبة الفقر، نتيجة السياسات المتخطبة والمرتهنة لقرارات صندوق النقد والبنك الدوليين،لمسنا اثارهما من خلال ارتفاع البطالة إلى 24٪حسب أرقام الحكومة،ونسبة الشباب العاطلين عن العاطلين وصلت 53٪ وارتفاع نسبة الفقر الى أكثر من27٪. هذه الأرقام الغير المسبوقة، تؤشر على حجم الأزمة وخطورتها. كما تؤكد على إنسحاب الدولة من إلتزاماتها تجاه جماهيرها. ان غياب العدالة الاجتماعية، وماستولدة من كوارث اجتماعية واهتزازات مجتمعيةويعزز الانقسام المجتمعي ويضر بالوضع الاجتماعي. فعلى أصحاب القرار، أن يعوا تماما بأن سياسات الافقار وتحميل المواطن مسؤولية ثمن التخبط والفشل والفساد المالي والإداري، سيزيد الأمر تعقيدا، وأزمات متلاحقة وتهديدا للأمن الاجتماعي. “العدالة الاجتماعية” ليس شعار فارغا من محتواه بل هو الشعار الأكثر أهمية، والذي “نناضل” من أجل تحقيقه، لأنه يزيل الفوارق الطبقية، ويحافظ على التوازن في المجتمع. ومن أجل تحقيق هذا الشعار يتطلب وجود حرية وإرادة سياسية،تعمل على إزالة كل التشوهات التي حصلت في بنية المجتمع،وفهم مختلف وجذري في مفهوم الاصلاح السياسي، بعيدا عن المراوغة وتدوير الزوايا. حيث أن جوهر الأزمة في بلادنا سياسي، وسياسي باميتاز.#خبز_حرية_عدالة_اجتماعية.