كتب رئيس هيئة الاستثمار الاسبق د. خالد أبو ربيع
منذ أن تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاتة الدستورية وجه الحكومات المتعاقبة الى ضرورة وضع خطط وتصور واضح للتنمية الاقتصادية في كافة مناطق المملكة وعدم التركيز على المدن الكبرى وهذا تطلب إيجاد طريق خلاقة لتوزيع مكتسبات التنمية ليشعر بها كافة المواطنين حيثما يقطنون ومن هذا المنطلق كان من الأهمية بمكان استقطاب الاستثمارات إلى المحافظات البعيدة عن العاصمة عمان و الزرقاء التي تتمركز فيها معظم الصناعات والمشاريع الاقتصادية بسبب توفر الخدمات والبنيه التحتيه المناسبه لهذه القطاعات. من هنا بدأت استراتيجية جلالة الملك الاقتصادية والتنموية بالتوجيه السامي بإنشاء المناطق التنموية و التي تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال توزيع مكتسبات التنمية والمشاريع الاستثمارية على محافظات ومناطق المملكة كافة وإيجاد نواة للانشطة الاقتصادية من خلال البناء على الميزات التنافسية والتفاضلية في كل منطقة وإيجاد حلقات تنموية متكاملة بالإضافة إلى خلق فرص العمل والحد من الفقر وتحقيق النمو الاقتصادي، إلى جانب تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية والمستوى المعيشي للمواطنين.وهدف جلالة الملك من المناطق التنموية ان تكون وسيلة لتحفيز الاستمارات المحلية والأجنبية المباشرة وهذا يؤدي إلى خلق فرص العمل وتطوير الصناعات والخدمات والتنوع الاقتصادي مما ينعكس إيجابا على النمو الاقتصادي والتنمية المحليه. وكانت الانطلاقة بتوجيه جلالة الملك بإنشاء منطقة معان التنموية وكذلك المفرق التنموية عام 2006 بحيث يتم فيها توفير البنية التحتية وتحديثها اضافة لكافة المتطلبات التي تحتاجها الاستثمارات وكذلك وضع اطار قانوني تمثل في قانون المناطق التنموية ثم لاحقا قانون الاستثمار الذي وفر الاساس القانوني لتقديم الحوافز والتسهيلات التي تقدم للاستثمارات التي تقام في حدود هذه المناطق التنموية .ثم انتشرت المناطق التنموية في كافة مناطق المملكة و اخذت المناطق التنموية بالتغير حسب انماطها لتشمل المناطق التنموية الصناعية التي اسست في معظم محافظات المملكة وهدفها تشجيع التنمية الصناعية والتشغيل، وايضا المناطق التنموية ( مجمع الأعمال) المخصص للريادة والابتكار وتكنولوجيا المعلومات والبحث والتطوير. والمناطق التنموية التي تقدم الخدمات السياحية من خلال استقطاب الاستثمارات السياحية النوعية في البحر الميت وعجلون.
واليوم ونحن على أبواب المئوية الثانية للدولة الاردنيه فان المملكه أصبح فيها مختلف أنماط المناطق التنموية وهذا يتطلب من الجهات التنفيذية متابعة استراتيجية جلالة الملك والاستمرار في مواكبة السياسات والممارسات العالمية الفضلى في انشاء مناطق جديدة وكذلك إمكانية التوسع في انشاء مناطق تنموية متخصصة قطاعيا ، مع تطوير الإطار التشريعي الذي يسرع اجراءات الاستثمار في تلك المناطق ضمن الحاكمية الرشيدة التي تحفظ حقوق المستثمرين وتحقق مكتسبات تنمية المجتمع المحلي وهذا سوف يعمل على الحد من هجرة أبناء تلك المناطق إلى العاصمة بحثا عن فرص العمل.ونشير هنا الى ان المناطق التنموية الاقتصادية قد بلغ مجموعها عالميا 6100 منطقة تتواجد في 147 دولة وهناك توسع وبشكل متسارع في انشاء المناطق التنموية في دول العالم وهذا يعكس التنافس الكبير بين مختلف دول العالم من أجل انشاء منصات لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.أن استراتيجية جلالة الملك خلال العقدين الماضيين قد مهدت وهيئة الأردن اقتصاديا وتنمويا لدخول المئوية الثانية على أسس قادرة على دخول المنافسة في المنطقة.