أعلن العضو البارز في اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، الدكتور ناصر القدوة، وهو ابن شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات، اعتزامه خوض الانتخابات التشريعية الفلسطينية خارج قائمة فتح، التي يقودها الرئيس محمود عباس.
يأتي ذلك بالتزامن مع قيام عدد من أعضاء الحركة وكوادرها، من بينهم أسرى محررون ومسؤولون سابقون، بتشكيل قوائم موازية لخوض الانتخابات، بعضهم بدافع الاحتجاج، وبعضهم الآخر مدفوعاً بعدم توفر فرصة له على قائمة الحركة.
وأكدت مصادر لـ”الشرق” أن الرئيس محمود عباس عقد لقاءً ليلة الجمعة مع ناصر القدوة، لبحث الخلاف بشأن الانتخابات، لكنه لم يسفر عن أي تقدم، مضيفةً أن ” القدوة أكد أنه عاقد العزم على تشكيل قائمة مستقلة لخوض الانتخابات بهدف العمل إحداث تغيير سياسي”.
نظام سياسي جديد
وقال القدوة، في محاضرة مغلقة احتضنتها جامعة “بيرزيت”، الخميس، عبر تقنية الفيديو، إنه يسعى لتغيير النظام السياسي الفلسطيني، مشدداً على أنه سيعتزل السياسية في حال فشله.
وجرى تسريب كلمة القدوة خلال المحاضرة في وسائل الإعلام الفلسطينية، الجمعة، فيما أكد القدوة لـ”الشرق” صحة ما جاء في التسريبات.
وقال ناصر القدوة في المحاضرة، إن النظام السياسي الفلسطيني “يجب تغييره، وليس إصلاحه، لأنه من الصعب إصلاح جزء بمعزل عن الأجزاء الأخرى، ولابد من وجود رؤية متكاملة”.
وأعلن القدوة، تأييده لترشيح الأسير مروان البرغوثي لمنصب الرئيس، داعياً إياه إلى دعم التوجه الجاري لخوض الانتخابات في قائمة تحمل شعار “التغيير السياسي”.
وتظهر استطلاعات الرأي العام، أن البرغوثي هو صاحب الشعبية الأكبر في الشارع الفلسطيني منذ اعتقاله في عام 2002، ما يجعله بمثابة “حصان رابح” للحركة في أي انتخابات مقبلة.
تفاهمات فتح وحماس
وأشار عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، إلى أنه “ضد التفاهم بين حركتي فتح وحماس”، التي تحكم قطاع غزة، معتبراً ذلك “صفقة للحفاظ على بعض المصالح الفردية على حساب المصالح الوطنية”.
وبشأن الحديث عن “اتفاق بين فتح وحماس على القائمة المشتركة”، قال القيادي الفلسطيني إن “حجم المعارضة الداخلية لدى الحركتين قد يجبر الأطراف المعنية على تغيير الشكل، والإبقاء على الجوهر”.
وأضاف: “الجميع مع إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، وقاتلنا من أجل ذلك، لكن المنطق يقول إن إعادة قطاع غزة إلى النظام السياسي مقابل شراكة فلسطينية كاملة في السلطة، والمنظمة على أرضية سياسية”.
وأوضح القدوة، أنه “لا توجد أرضية سياسية، وقطاع غزة كما هو، ويقال لهم تعالوا شرفوا على النظام السياسي الفلسطيني في المجلس التشريعي، ومنظمة التحرير، معرباً عن رفضه لذلك الأمر الغريب”، وفق وصفه.
وحول الخروج من هذه الثنائية، بيّن القدوة، أنه يمكن ذلك عن طريق أخذ تنظيم “فتح” إلى مكانه الطبيعي “من خلال موقف سياسي محترم مفهوم، ومقبول من الشارع، والانفتاح على القوى الفلسطينية”، خاصة المستقلين، واليسار السابق، ورجال الأعمال، والمجتمع المدني.
ودعا القدوة من خلال هذه الخطوة إلى “العمل سوياً، والتفاهم خلال لقاء سياسي على أرضية سياسية جدية بالمفهوم الواسع، تعالج مناحي الحياة المختلفة للشعب الفلسطيني، ومن ثم نتفق على الانتخابات، والقائمة ومن نختار”.
بوادر تصدع
القدوة ليس إلا مثالاً على بوادر التصدع الذي تشهده الحركة، في وقت بدا أن التيار الذي يقوده المسؤول السابق في الحركة محمد دحلان، الذي يحظى بشعبية ملموسة في قطاع غزة، يعد مثالاً آخر لما سبق.
وزير الإعلام الأسبق، وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير، نبيل عمرو، قال في مقطع فيديو نشره في صفحته على فيسبوك قبل أيام، إن وحدة “فتح” هي التحدي الأكبر الذي تواجهه الحركة في هذه الانتخابات.
وأضاف: “على الحركة أن تبدأ ورشة عمل لتوحيد صفوفها وأنصارها والمراهنين على دورها”، منتقداً قيادة فتح نتيجة ما وصفه بـ”عدم وجود جهد جدي متقن، بعد، لتوحيد الحركة”.
وكان عدد من قادة وأنصار “فتح” خاضوا الانتخابات ضد بعضهم البعض في الانتخابات السابقة التي أجريت في عام 2006، ما ساهم في إضعافها وهزيمتها أمام حركة “حماس”.
قيادة “فتح”، تخشى من أن تؤدي هذه الظاهرة إلى ضياع كثير من الأصوات المحسوبة عليها، مؤكدة أنها ستسعى لتوحيد معسكراتها وتشكيل قائمة واحدة في الأسابيع القليلة المقبلة، قبل انتهاء موعد تسجيل القوائم نهاية الشهر المقبل.
رئيس وفد “فتح” للحوار الوطني، جبريل الرجوب، قال لـ”الشرق”، إن الحركة “ستخوض الانتخابات موحدة”. وأضاف: “دائماً تظهر أصوات هنا وهناك، لكن فتح قادرة على توحيد قواها وقيادة الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال”.