حسين الشيخ مقرب من عباس يؤدي مهمات صائب عريقات


انتقادات تشمل أسلوب تعامل الرئاسة الفلسطينية مع إدارة بايدن تقابلها إشادات باجراءاتها الإيجابية الأخيرة

خليل موسى مراسل 

يمارس رئيس هيئة الشؤون المدنية المعنية بالعلاقة مع إسرائيل، حسين الشيخ، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، من دون تكليف رسمي، مهمات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في “منظمة التحرير الفلسطينية” صائب عريقات، بعد نحو خمسة أشهر على وفاته.

وبقيت المناصب التي شغلها عريقات كأمانة سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورئاسة دائرة شؤون المفاوضات، شاغرة بانتظار عقد جلسة للمجلس المركزي الفلسطيني لسد الشواغر في عضوية اللجنة التنفيذية.

ويمارس الشيخ المقرب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يلتقيه يومياً، مهمة العلاقة مع إسرائيل، بالإضافة إلى جزء كبير من الاتصالات مع موسكو وواشنطن وعواصم الدول الأوروبية والعربية.

واصطحب الرئيس عباس، الشيخ خلال زياراته الأخيرة إلى العقبة والقاهرة والدوحة، كما يحضر عادةً معظم اجتماعات الرئيس الفلسطيني مع المسؤوليين العرب والأجانب.

نشاط دبلوماسي

وفي شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، أوفده عباس إلى العاصمة الروسية، موسكو، حيث التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف.

وفي دلالة على اسئتناف الاتصالات مع إدارة الرئيس الأميركي جون بايدن بعد توقفها في عهد الرئيس دونالد ترمب، بحث الشيخ مطلع شهر فبراير (شباط) الحالي مع مسؤول الملف الفلسطيني – الإسرائيلي في وزارة الخارجية الأميركية هادي عمرو “العلاقات الثنائية” والوضع السياسي.

كما التقى الشيخ مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام تور وينسلاند، وناقش معه دور “اللجنة الرباعية الدولية” في عملية السلام.

ولاحقاً، بحث الشيخ مع بوغدانوف اجتماع اللجنة الرباعية الدولية للسلام على مستوى المندوبين، وملف الانتخابات الفلسطينية ودعم موسكو لها وللحوار الوطني الفلسطيني.

شرح الموقف الفلسطيني

وعلق دبلوماسي فلسطيني قائلاً إن “الشيخ يعد من أفضل الشخصيات الفلسطينية في شرح وتقديم الموقف الفلسطيني للمسؤوليين الدوليين”. وأشار الدبلوماسي إلى أنه كان شاهداً على حوارات أجراها مسؤولون فلسطينيون، من ضمنهم الشيخ، مع نظرائهم الأجانب.
من جهة أخرى، قال منير الجاغوب، رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح، إن “الحركة ترغب من إدارة بايدن حل الصراع عبر إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وليس فحسب إدارته مع استئناف الدعم المالي والسياسي للسلطة الفلسطينية”، مضيفاً أن “الرئيس عباس جاهز للمفاوضات بشرط أن تكون بسقف زمني، وضمن آلية دولية، بعيداً عن تفرد واشنطن برعاية عملية السلام”.

وأوضح الجاغوب أن عباس يفصل بين اسئتناف العلاقات مع الإدارة الأميركية وبين مفاوضات عملية السلام.

امتعاض فتحاوي

لكن وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق، القيادي في “حركة فتح”، ناصر القدوة، هاجم أسلوب عمل وسياسة ومواقف الرئيس عباس في شأن التعامل مع إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، واصفاً إياها بـ”العك” أي العبثية، وبعدم إدراك ما يجري. وقال “لا أحد فاهم رأسه من رجليه”.

وصرح القدوة بأن إدارة بايدن “ستبقى مثل غيرها من الإدارات السابقة منحازةً لإسرائيل، لكنها لن تكون كارثية كإدارة ترمب التي كانت تهدف إلى القضاء على الوجود الوطني الفلسطيني”، مضيفاً أنه إذا “أحسنت القيادة الفلسطينية العمل معها ضمن استراتيجية مناسبة، فإنه يمكن التأثير على سياسات الإدارة الأميركية”.

ولخص القدوة الاستراتيجية المناسبة برأيه؛ بمطالبة إدارة بايدن بالتراجع عن سياسة وإجراءات إدارة ترمب، وتوسيع اللجنة الرباعية للسلام لتصبح بمستويين، أي “أربعة زائد ستة”، بعد إضافة السعودية ومصر والأردن وبريطانيا دولاً أخرى إليها مع اقتراح بعض الأفكار التنفيذية لتفعيل اللجنة.

كما تنص تلك الاستراتيجية التي اقترحها القدوة “على الدفع باتجاه اعتماد مجموعة مبادئ لحل الصراع”، بالإضافة إلى العودة إلى “المفاوضات على أرضية موافقة إسرائيل المسبقة لوجود دولة فلسطينية على حدود 1967، وعدم التفاوض من أجل التفاوض”.

وانتقد القدوة الخطاب الرسمي الفلسطيني حول المطالبة بإقامة دولة فلسطينية، مشيراً إلى أن الدولة “قائمة أصلاً بحكم الحق الطبيعي والتاريخي للشعب الفلسطيني، وهي تحت الاحتلال الإسرائيلي”، مشيراً إلى أن “التفاوض كدولة مع إسرائيل يجب أن يكون في شأن بعض الأمور التفصيلية، وليس على حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة لهم”.

وشدد القدوة على أن المطلوب هو “إنجاز الاستقلال الوطني في دولة فلسطينة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس”، متسائلاً “كيف تطلب من العالم الاعتراف بدولة غير موجودة أصلاً؟!”.

لا مؤسسات بل أشخاص

من جهة أخرى، رأى رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي، أن “حسين الشيخ يتحرك دولياً وإسرائيلياً مسنوداً من الرئيس عباس”، مضيفاً أن الشيخ “وفي أوج تجميد العلاقة مع تل أبيب كان يتواصل معها لمعرفة مدى التزامها بالاتفاقات الموقعة معها”. وأضاف الشوبكي أن فلسطين لا يوجد فيها دولة مؤسسات، لكنها تدار من مجموعة أشخاص على رأسهم عباس”، مشيراً إلى أن هوية هؤلاء الأشخاص تؤثر كثيراً على المخرجات السياسية”.

وتابع قائلاً إن “المرحلة المقبلة ستشهد استئناف المفاوضات من أجل المفاوضات”، مشيراً إلى أن الرئيس عباس “سيبحث عن مبرر لاستمرار ذات نهجه السلمي بهدف ضمان بقاء السلطة الفلسطينية، ومنح إسرائيل مزيداً من الوقت لفرض أمر واقع يجهض إمكانية إقامة دولة فلسطينية”.

مواقف عباس

في المقابل، اعتبر الباحث السياسي محمد هواش أن مواقف الرئيس عباس “ساهمت في إجهاض خطة ترمب للسلام، بسبب رفضه المبكر لها حتى قبل إعلانها، على الرغم من الضغوط الهائلة عليه، لأنها كانت تهدف إلى تصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية”.

وأوضح هواش أن عباس “قرأ الخارطة السياسية بشكل واضح ومبكر بعد فوز بادين، وما سيعينه ذلك من مقاربة أميركية جديدة مختلفة عن موقف ترمب”، مضيفاً أن الرئيس الفلسطيني “سارع إلى اتخاذ خطوات كإعادة العلاقات مع إسرائيل، واستنئاف الاتصالات مع واشنطن كي لا يُلقى عليه اللوم بأنه يعيق يعيق السلام وغير مستعد  للمفاوضات”. وأضاف هواش أن “الاتحاد الأوربي وروسيا متمسكان بحل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينة تعيش إلى جانب إسرائيل”، مشيراً إلى أن “الرئيس عباس يريد استثمار ذلك عبر الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام”.