كريم الزغيّر
تتهيأ سباباتُ إثنين ونصف مليون فلسطينيّ للانغماسِ في محبرةِ الاقتراع يوم الثاني والعشرين من شهر أيّار المقبل. سينتخبُ الفلسطينيّون، وستدفعُ الرياحُ شراعَ السفينةِ الفلسطينيّةِ، بالرغم من أنّ قانون الانتخابات الفلسطينيّ يحرمُ (880) ألف فلسطينيّ من الترشّحِ لانتخاباتِ المجلسِ التشريعيّ (لصغرِ السّن)، ويحرمُ (1.815) مليون فلسطينيّ من الترشّح للانتخاباتِ الرئاسيّة؛ إلّا ذلكَ لم يَحُلْ دون أَنْ يُقبلَ الفلسطينيّونَ على شهرِ أيَّار وربيعه.
التساؤلُ الذي يجبُ أَنْ نقدحه في الأذهانِ: هل الفلسطينيّون مقبلونَ على الانتخاباتِ (كضرورةٍ وطنيّةٍ) أمّ مقبلونَ على تسويةٍ مع مؤسّساتهم السياسيّة؟
لعلَّ الإجابةَ عن هذا التساؤلِ ليستْ بـ(نعم) أو (لا)؛ فمنذُ عام (2006) تغيّرتْ معطياتٌ وتبدّلتْ قناعاتٌ، فالفلسطينيونَ غيرُ مكترثينَ بأنْ يكونوا ضمن صيرورةِ الفعلِ الوطنيّ؛ لأنَّ الضروراتِ الاقتصاديّةِ (النفعيّة) تستحوذُ على أولوياتِ الإنسان الفلسطينيّ، وهذه الأولويّاتُ هي أداةُ قياسِ هذه الإنسان في علاقتهِ مع الفصائلِ أو المؤسّساتِ الوطنيّةِ؛ أيّ أنّ الإنسانَ الفلسطينيّ لا يستقبلُ التدفقّاتِ العاطفيةِ للخطابِ السياسيّ-الفصائليّ؛ لأنّ هذا الخطابَ لا يعبّرُ عن أزمتهِ الاقتصاديّةِ أو أولوياته الموضوعيّة.
(لقمةُ الأطفال) هي إحدى ديناميّاتِ الفعلِ السياسيّ الفلسطيني، والراتبُ هو المعيارُ الموضوعيُّ الذي يتوافقُ والأولوياتِ سالفة الذكر؛ ليسَ لأنّ الفلسطينيين أصبحوا بيولوجيين فقط؛ بل لسرابيّة الأفقِ الوطنيّ، يُضافُ إلى ذلك؛ أنّ المؤسّساتِ الفلسطينيّةِ جيّرت آلياتها ضمن لًعبةِ الاستيعابِ الخفيّ للإنسان الفلسطينيّ، والاستيعابُ الخفيُّ جعلَ هذا الإنسان لا يعبأ إلّا بما تجزله له هذه المؤسّساتُ مِنْ أُعطيات، وهذه المؤسّسات لا تعبأ إلّا بما يجزل له هذا الإنسانُ مِنْ اندماجٍ في خياراتها السياسيةِ والاقتصادية.
لا غضاضةَ إذن؛ أَنْ يُطالبَ موظفو السلطةِ الفلسطيينةِ في (غزّة)َ بإعادة رواتبهم، وأَنْ تُعادَ بـ(جرّة قلم) هذه الرواتب؛ لأنَّ الهياكلَ التنظيميّةِ لحركةِ (فتح) اِتعظتْ لما جرى في الانتخاباتِ الماضية عام (2006)، والّتي انتزعتها حركةُ (حماس) بأصواتِ الناقمين على (فتح) من مبتروي الرواتبِ والرُّتبِ.