مراقبون يرون فيه رسالة ضد التدخلين الإيراني والتركي في المنطقة العربية
طارق ديلواني صحافي
خريطة تحالفات سياسية – اقتصادية، بدأت ملامحها تتضح، فيما يتبلور في الأثناء “محور أردني- مصري- عراقي”، ترجم على أرض الواقع بزيارات متبادلة ومكثفة بين مسؤولي البلدان الثلاثة.
وتتصدر مشروعات الطاقة والربط الكهربائي قائمة المصالح الاقتصادية بين الدول الثلاث، بينما تدعم كل من بغداد والقاهرة الدور الأردني في المنطقة لمحاربة الإرهاب.
ويجمع بين الدول الثلاث سياسياً التمسك بمبادرة السلام العربية لحل القضية الفلسطينية، والرغبة في إعادة العراق إلى محيطه العربي.
تشبيك مصالح
يصف الكاتب فهد الخيطان ما يحدث من تقارب أردني- مصري- عراقي بتشبيك المصالح، ويرى فيه عنواناً لنهج جديد في العلاقات العربية.
ويشير الخيطان إلى عدة مشاريع ترجمت العلاقة الأردنية- المصرية- العراقية إلى خطوات عملية على أرض الواقع، من قبيل تنفيذ مشروع المدينة الاقتصادية المشتركة بين العراق والأردن، وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين، ومشروع أنبوب النفط الذي يربط البصرة بالعقبة، إضافة إلى مشاريع وملفات مشتركة تخص قضايا الطاقة والغاز والتجارة بين الأردن ومصر.
ويحلو للخيطان إطلاق اسم المحور الأردني- المصري- العراقي على هذا التحالف، الذي سيحقق مصالح استراتيجية ويعيد الاعتبار لقوة العلاقات العربية بعد سنوات طويلة من الخلافات السياسية.
صراعات المنطقة
وكانت القاهرة استضافت اجتماعاً ثلاثياً لوزراء الخارجية في كل من الأردن ومصر والعراق، ركز على الموقف من التطورات السياسية في القضية الفلسطينية واليمن وسوريا ولبنان، وكان لافتاً الحديث للمرة الأولى في هذا الاجتماع عن التحديات التي تواجه الحقوق المائية للدول العربية.
وبدا حجم وكثافة اللقاءات المشتركة بين زعماء الدول الثلاث واضحاً، حيث عقدت عمان والقاهرة وبغداد ثلاث قمم، أولها بمصر في مارس (آذار) 2019، والثانية في سبتمبر (أيلول) من العام ذاته، والثالثة في عمان أغسطس (آب) 2020 جمعت بين الملك الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
مكاسب اقتصادية
وحقق الأردن مكاسب اقتصادية جيدة من علاقته المتجددة بمصر والعراق، كان أبرزها تمديد بغداد اتفاقية بيع النفط لعمان، مع استمرار اعتماد المملكة على النفط العراقي كمصدر رئيس للتزود والتكرير.
وتشكل إعادة استيراد نحو 10 آلاف برميل يومياً من العراق، ما نسبته 7 في المئة من حاجات الأردن، وهو بمثابة طوق نجاة في قطاع الطاقة، بعد توقف هذه الإمدادات لنحو خمس سنوات إثر سيطرة تنظيم “داعش” على المنطقة الحدودية بين البلدين. ويصدر العراق منذ عام 2012 النفط للأردن بأسعار تفضيلية.
حماس شعبي
على الصعيد الشعبي ووفقاً لاستطلاعات رأي صدرت عام 2019، فإن 91 في المئة من الأردنيين يصفون العلاقات السياسية بين الأردن والعراق بأنها جيدة، ويرغب 60 في المئة بتقويتها، كما يرغب 51 في المئة بتعزيز العلاقات العسكرية والأمنية مع بغداد.
وتعكس حماسة الرأي العام الأردني رغبة النظام الأردني بتعزيز حدوده مع العراق من خطر الإرهاب سواء كان من طرف “داعش” أو من جهة الميليشيات الإيرانية الشيعية، كما يرى الأردن في علاقاته مع العراق تحصيناً له من أي تمدد ونفوذ لـ”حزب الله” اللبناني وإيران في جنوب سوريا المحاذي لحدوده.
عودة النقل البري مع مصر
من جهة ثانية، كان من نتائج تحسن العلاقات المصرية- الأردنية عودة الشحن النقل البري بين الأردن ومصر عن طريق مدينتي نويبع والعقبة، إضافة إلى ملفات اقتصادية أخرى.
ويرى وزير الإعلام الأردني السابق محمد المومني أن علاقة الأردن والعراق ومصر مرشحة لتشكيل نواة تعاون إقليمي هام يعزز التكامل الاقتصادي الذي سيخلق حتماً تنسيقاً وتكاملاً سياسياً وأمنياً.
يضيف المومني “الدول الثلاث فيها ما يقارب من 150 مليون نسمة وهي بذلك تشكل سوقاً كبيرة لتبادل عناصر الإنتاج من طاقة وعمالة. وللعراق مصلحة كبيرة بمرور خط أنبوب تصدير النفط عبر المتوسط من خلال الأردن ومصر، ولمصر مصلحة بتشغيل عمالتها في السوق العراقية والتصدير لها، وللأردن مصلحة بأن يكون مكاناً للعمليات اللوجستية”.
ويشير المومني إلى أن إيران لن تألوا جهداً لتثبيط هذا العمل العربي المشترك، حيث أن من بين الأهداف السياسية لهذا المحور، إدانة التدخل الخارجي بشؤون الدول العربية، في إشارة إلى النفوذين الإيراني والتركي في المنطقة.