من دفاتر العاصمة «الطلياني».. أقدم مستشفيات الأردن

 كتب محمود كريشان


.. «المستشفى الإيطالي خدمات صحية وإنسانية دون توقف أو انقطاع ضمن رسالته متميزة منذ فجر التأسيس، وهو تناغم حقيقي ما بين أصالة الماضي وحضارة المستقبل».. بهذه العبارات بدأ المدير الإداري للمستشفى الإيطالي الدكتور نسيم سماوي حديثه لـ»الدستور» عن هذا الصرح الانساني الطبي في قلب عمان النابض بالمحبة والتسامح والوحدة.
في غضون ذلك فان شارع الطلياني يتضمن وجود اقدم واعرق مستشفيات الأردن على الاطلاق المستشفى الإيطالي أو الطلياني كما يطلق عليه، حيث تشير المعلومات الى ان تاريخ بناء المُستشفى الإيطالي في عمّان يعود إلى العام 1927 من قبل مُنظّمة ANSMI الإيطالية المُختصّة بالصحة و ذلك كأول مُستشفى في تاريخ العاصمة عمّان، وقد قامت مجموعة راهبات الكومبوني بالاعتناء بالمُستشفى والإشراف عليه مُنذ العام 1939.
ويؤكد من واكب تلك الحقبة الزمنية من عمر المدينة ان هذا المُستشفى قد ساهم كثيراً في بناء التاريخ العمّاني الحديث، حيثُ وفّر للسُكّان ملاذاً للتعافي و التشافي؛ ما ساهم في تزايُد أعداد السُكّان ورغبتهم بالسكن قريباً من المُستشفى، حتى عندما بدأت المدينة بالاتساع شيئاً فشيئاً فإن البناء كان يحدُث بالقُرب من المُستشفى و حولها، حيثُ كان أغلب سُكّان عمّان يعتمدون على هذا المكان للعلاج في ظل توافُر أعداد قليلة من الأطبّاء في العاصمة حينها، وكان سُكّان العاصمة يُحبون أول طبيب في المُستشفى و هو الإيطالي تيسيو و الذي كان قادراً على التواصُل مع المرضى رُغم عدم المعرفة باللُغة العربية واللهجة الأردنية والتقاليد والعادات في الأردن.
د. عميش وتاريخ الطلياني
وعلى صلة.. كان المرحوم الدكتور عميش يوسف عميش قد قال: قمت بعدة زيارات إلى المستشفى الايطالي والذي اعتدنا تسميته الطلياني وحصلت على معلومات عن تاريخه من الصديق د. عدنان الصعيدي أقدم أطبائه، و المدير العام د. خالد شماس و المدير الإداري نسيم سماوي. وتبين ان المستشفى يقع في وادي السرور بين شارع سقف السيل غرباً و يحتضنه الجزء الأسفل من الاشرفية شرقاً، وانه قبل عام 1926 كانت الخدمات الطبية في عمان شبه معدومة، وجاءت الجمعية الوطنية الايطالية الخيرية لمساعدة المرسلين الايطاليين وتسمى رهبنة الكمبيونيات، فاشترت من الحكومة أرض المستشفى (11) دونما، و اختير المكان كونه قريبا من نبع ماء بجانب السيل كان مصدر تزويد المستشفى.
سماوي: نخبة الأطباء
امام ذلك.. أكد المدير الإداري للمستشفى الدكتور نسيم سماوي أن المستشفى، الذي أنشئ في عمان عام 1927، كأول مستشفى في إمارة شرق الأردن آنذاك، ما زال يواصل تقديم الخدمات الصحية والإنسانية دون توقف أو انقطاع ضمن رسالته القائمة على تقديم خدمات صحية وطبية متميزة للمرضى.
وأضاف أن الإدارة سعت إلى تحقيق رؤية المستشفى المتمثلة بالوصول إلى مراتب الريادة بالعمل الطبي والخيري حيث دأبت على إيجاد المتطوعين لخدمة هذا الصرح الطبي العريق والسعي لتامين تمويل برامج ومشاريع المستشفى الخيرية التي تهدف لتقديم الرعاية الطبية لأبناء المجتمع الأردني واللاجئين الذين أجبرتهم الظروف على ترك أوطانهم واللجوء إلى الأردن لينعموا بالأمن والطمأنينة.
وبين أن المستشفى، الذي يضم 85 سريرا، يعمل على تقديم الخدمات الطبية الشاملة بأعلى معايير الجودة من خلال كوادر متميزة وذات خبرة عالية وباستخدام أحدث التقنيات، وإنشاء أبنية حديثة بحيث أصبحت تشكل تناغما حقيقيا ما بين أصالة الماضي وحضارة المستقبل.
د. تيزيو في عمان
وهنا يأتي دور الدكتور المشهور فاوستو تيزيو 1898-1973 الذي كان قد حضر من تورينو في ايطاليا للعمل كطبيب متطوع في المستشفى الانجليزي في السلط من 1923- 1926 وفي عام 1926 جاء د. تيزو لعمان وعمل بمساعدة الجمعية الايطالية على تأسيس و إدارة مستوصف طبي كانت بداية للمستشفى، حيث واصل المستشفى التوسع بدعم الجمعية ومركزها روما بالإضافة للتبرعات. بدأ المستشفى بـ(26) سريرا و (40) من كوادر التمريض وطبيبين وعشر راهبات و كانت موارد المستشفى تصرف على المرضى و المحتاجين وإدامة عمل المستشفى، و تعامل المستشفى مع جمعيات مثل البعثة البابوية والكاريتاس وغيرها لتحويل المرضى للمستشفى، حيث ظلت رسالة المستشفى للآن مساعدة المحتاجين كمركز خيري بأقل كلفة.ثم تتطور المستشفى وأصبح عدد الأطباء الدائمين (10) و الكوادر (110) من الأردن و الفلبين و مصر و بقي (5) راهبات فقط، و زاد عدد الأسرة إلى (68)، أما مدير و مؤسس المستشفى د. تيزيو فانضم اليه د. انريكو ماركيس عام 1953 مساعدا له حتى 1965 عندما انهى د. تيزيو عمله وغادر إلى ايطاليا و وأصبح د. ماركيس مديرا، وفي عام (2008) حلت جمعية رهبنة الدومنيكان لتقدمة العذراء الفرنسية كمشرفة للمستشفى مكان الجمعية الايطالية الخيرية للمرسلين.*أهلا وسهلا بالفقراءويؤم العيادات 100 مريض يوميا و تغطي المؤسسات الخيرية علاج معظمهم مجانا، و يدعم المستشفى مشاريع خيرية للحصول على تمويل داخلي مثل مشروع حليب الأطفال الذي يقدم معظمه مجانا ومشروع مساعدة المرضى المحتاجين، أما التوليد فأوجد المستشفى رزمة متكاملة تتضمن أجور عملية التوليد و الإقامة و العلاجات واتعاب اختصاصيي الأطفال، و ثمن الحليب و جميعها تساوي 130 دينارا فقط.وقد استمر تطور المستشفى، فأقيم قسم المعالجة الحثيثة، و التصوير الطبقى، و وحدة التنظير و تم تحديث الأسرة والغرف والتحديث مستمر حسب الإمكانات، ونذكر هنا أن المستشفى الايطالي في الكرك انشىء من قبل مؤسسة رهبنة الكمبيونيات عام 1936 و يحتوي على 35 سريرا، وقد خدم فيه بعض مشاهير الأطباء مثل جميل التوتنجي، نبيه معمر، نديم حبش، ناورز شقم، كريم العجلوني، خليل صويص.وسام ملكي رفيعويذكر أن جلالة الملك عبدالله الثاني كان قد أنعم على المستشفى الإيطالي، بوسام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتميز من الدرجة الأولى، وتم تسليمه إلى رئيس الجمعية الوطنية الإيطالية المهندس ماوريتسيو ساليتو، خلال حفل المستشفى الإيطالي في عمان بمناسبة مرور 90 عاما على تأسيسه وذلك في نيسان عام 2017، تقديرا لمسيرة الإنجاز التي حققها المستشفى، ومرور 90 عاما على تأسيسه والمساهمة في رفع مستوى وجودة الخدمات الصحية في المملكة.وقال رئيس الجمعية الوطنية الإيطالية المهندس ماوريتسيو ساليتو، في كلمته خلال الحفل، إن المستشفى الإيطالي ما كان أن يستمر في تقديم خدماته الطبية لولا الاهتمام والدعم الكبيرين اللذين قدمتهما القيادة الهاشمية والشعب الأردني عبر السنوات الطويلة الماضية، وكان لهما الوقع الكبير في نجاحه واستمراريته.