دراسة حديثة تكشف أن الهرمونات البشرية تتغير بتغير فصول السنة

أظهرت مراجعة لملايين اختبارات الدم لمجموعة من الهرمونات البشرية أنها  تتبع أنماط موسمية واضحة، على الرغم من أنها تغييرات صغيرة.

وتم العثور على هرمونات الغدة النخامية، والتي تساعد في التحكم في عملية التكاثر، والتمثيل الغذائي والإجهاد والرضاعة- في ذروتها في أواخر الصيف.

كما أظهرت الأعضاء المحيطية الخاضعة لسيطرة الغدة النخامية، مثل تلك التي تنتج هرموناتنا الجنسية أو هرمون الغدة الدرقية أنها تبلغ ذروتها في الشتاء. 

وعلى سبيل المثالة وصلت التستوستيرون والإستراديول والبروسترون إلى ذروتها في أواخر الشتاء مع بداية الربيع.

وتقدم النتائج أقوى دليل حتى الآن على أن البشر يمتلكون ساعة موسمية داخلية، والتي تؤثر بطريقة ما على هرموناتنا بشكل يتماشى مع فصول السنة.


وكتب مؤلفو الدراسة: “إلى جانب وجود تاريخ طويل من الدراسات حول ذروة وظائف الإنسان ونموه في فصلي الشتاء والربيع، تشير نتائجنا إلى موسمية الهرمونات، ومثل الحيوانات الأخرى قد يكون لدى البشر موسم ذروة فسيولوجي للوظائف البيولوجية الأساسية”.

ولا تزال الآلية الأساسية التي تحرك هذه الساعة غير معروفة، لكن المؤلفين يقترحون أن هناك دائرة تغذية مرتدة طبيعية على مدار العام بين الغدة النخامية والغدد المحيطية في الجسم.

ويمكن لهرمونات الغدة النخامية، التي يتم ضبطها بشكل فريد مع ضوء الشمس، أن تغذي الأعضاء الأخرى على مدار العام، مما يسمح لها بالنمو في كتلة وظيفية بطريقة تتماشى مع فصول السنة.

وكتب المؤلفون: “وهكذا قد يظهر البشر نقاط ضبط موسمية منسقة مع ذروة الشتاء والربيع في محاور النمو والتوتر والتمثيل الغذائي والتكاثر”.


وتشير الورقة إلى أن الأمر لا يختلف كثيراً عما نجده في الثدييات الأخرى، حيث تؤدي التقلبات في هرمونات معينة إلى تغييرات موسمية في تكاثر الحيوان أو نشاطه أو نموه أو هجرته.

وعلى سبيل المثال، تظهر الثدييات مثل حيوان الرنة، انخفاضاً في هرمون يسمى اللبتين عندما تصبح أيام الشتاء أقصر، وهذا يساعد على خفض استهلاكها للطاقة، وخفض درجة حرارة جسمها، وتثبيط قدرتها على التكاثر.

وحتى القرود التي تعيش بالقرب من خط الاستواء تظهر حساسية تجاه التغيرات الموسمية الطفيفة. ولا يزال من غير الواضح تماماً ما إذا كانت الهرمونات البشرية تتقلب مع الفصول أم لا.

ومعظم مجموعات البيانات التي تم تحليلها حتى الآن ليست كبيرة جداً ولا تغطي جميع الهرمونات البشرية، مما يجعل استخلاص النتائج أمراً صعباً للغاية. حيث أن العديد من الدراسات قامت بفحص الهرمونات الجنسية فقط وبعضها ركزت على الإجهاد وهرمونات التمثيل الغذائي. كانت النتائج متنوعة ومتباينة.

وخلصت دراسات أخرى إلى أن المواسم وتقلب الفصول ليس مصدر ذو أهمية للتكاثر.

وفي الوقت نفسه، وجدت الأبحاث التي أجريت على مستويات الكورتيزول اللعابي المعروف أيضاً باسم هرمون التوتر إلى أن هناك بعض التقلبات الموسمية. ووجد دراسة بيانات ضخمة عن هرمون الغدة الدرقية أن أعلى مستويات يمكن أن يصل لها هذا الهرمون هما في فصل الصيف والشتاء.

البحث الجديد هو الأكبر في مجموعة الأبحاث ويتضمن بيانات ضخمة من سجلات صحية تغطي 46 مليون شخص ويقوم بتحليل جميع الهرمونات البشرية.


ومن خلال التحكم في التغييرات وجد الباحثون أن البشر يظهرون أنماطاً موسمية في مستويات هرموناتهم وإن لم تكن بنفس قوة الثدييات الأخرى.

ولا تزال الآثار الفسيولوجية لهذه التحولات الهرمونية غير واضحة لكن بعض التغيرات في هرمون الغدة الدرقية، والكورتيزول وهرمون الإجهاد تتوافق مع النتائج السابقة.

وسيتعين إجراء المزيد من الدراسات على نطاق أوسع وفي أجزاء مختلفة من العالم، للتحقق من النتائج بشكل أكبر. لكن النتائج الأولية تشير إلى أننا لا نختلف كثيراً عن الثدييات الأخرى. وإذا كانت هرموناتنا تتدهور حقاً مع تغير المواسم وحتى لو بشكل قليل فإن معرفة ذلك يعد أمراً مهماً لصحتنا.