الهند ترسل “الرزّ” إلى سوريا وسط انهيار اقتصادي


ينتقد المواطنون إجراءات الحكومة للتموين وسط شح جلي في الموارد

مصطفى رستم صحافي

على الرغم من الحصار الاقتصادي المفروض على سوريا بموجب “قانون قيصر”، وصلت من الهند سفن أفرغت ألف طن من الرز، في ميناء اللاذقية، غرب البلاد، يُفترض اتباعها بعد أسبوع بشحنة مماثلة.

الموائد الخاوية والقيود

وأمل عضو مجلس الشعب السوري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، بطرس مرجانة “التوصل مع دول صديقة كالهند إلى زيادة معدل التبادل التجاري بخاصة أنها من دول البريكس”، مشيداً بالعلاقات الجيدة التي تربط الحكومة السورية بنيودلهي.
وبات الرز الهندي وشيك الحضور على الموائد السورية إلى جانب رغيف الخبز المصنوع من الطحين الروسي، بينما يغيب الدجاج الإيراني المجمد، بعد خروجه مع قائمة المشتريات الباهظة الثمن كالفاكهة واللحوم الحمراء، وسط ارتفاع جنوني للأسعار، التي لا يستطيع محدودو الدخل أو حتى الطبقة الوسطى مواكبتها.

شحّ في المواد الأساسية

في غضون ذلك، ارتفع كيلو الرز في الأسواق من ألف ليرة سورية إلى ألفَين أخيراً، أي ما يعادل 75 سنتاً، إذ يشكل مادة أساسية بالنسبة للمواطنين، إلى جانب رغيف الخبز. ومثّلت المساعدة الهندية حلاً مسعفاً، أمام انهيار الأسواق السورية.
في المقابل، ينتقد المواطنون إجراءات التموين الحكومية ويعتبرونها “لا تقدم ولا تؤخر”، لا بل أنبأت عن شحّ جليّ في الموارد، منها توزيع مواد كالرز والسكر والخبز عبر بطاقة إلكترونية، بحسب عدد أفراد كل عائلة، ما دفع وزارة الزراعة إلى إعلان العام الحالي “عام القمح” وفرضت على المزارعين زراعته بنسبة 80 في المئة على امتداد الأراضي في البلاد.

وتعكف الحكومة على إيصال هذه المساعدات من الرز إلى الأكثر حاجة. ودعا وزير الإدارة المحلية والبيئة، حسين مخلوف إلى استكشاف فرص استثمارية مع الهند، والتطلع إلى دخول شركاتها في مرحلة إعادة الإعمار، في حفل استقبال أقامته السفارة الهندية والوزارة المختصة.

الحضور الهندي الجديد

رأى مراقبون أن حضور نيودلهي على الساحة السورية يأتي في توقيت مناسب، إذ تسعى الحكومة إلى فتح نافذة جديدة على العالم، بعد قطيعة طال أمدها، مع تحريك المياه الراكدة في سواحلها بسفن ليست إيرانية أو روسية، الأمر الذي يدعو إلى التفاؤل.
في المقابل، تدعم الجامعات في الهند بعثات دراسية وعلمية أعلنت عنها للطلاب السوريين، وأعادت قبل أيام، فتح أبواب مركز التميّز الهندي – السوري لتقنية المعلومات.
وعلى الرغم من توقف الحركة التجارية أو شبه انعدامها، إلا أن حكومتي البلدين تتوقان إلى بلوغ حجم تبادل تجاري يشبه ما وصل إليه قبل الحرب، بما يقارب نصف مليار دولار. ويُذكر أن الهند ساهمت باكتشاف النفط والغاز وإنتاجه وساهمت في تطوير تكنولوجيا المعلومات ومشاريع التعليم والزراعة.

في المقابل، تترقب نيودلهي لتعود بزخم، إلا أن الاستقرار النسبي لا يكفي كما يعتقد متابعون لحركة جلب الاستثمارات من الشركات الهندية، إذ لا تزال ظروف الحرب تخيم على المنطقة في الشمال السوري، علاوة على الحصار المطبق على البلاد.

وصرح السفير الهندي في دمشق، حفظ الرحمن، أن “المساعدة الغذائية تأتي بعيداً عن السياسة، وتحمل طابعاً إنسانياً للوقوف إلى جانب الشعب السوري”.


الغذاء والدواء المفقود

في المقابل، أعرب سوريون عن شكرهم دولة الهند التي تكبدت عناء ارسال شحنات الرز في أصعب وقت يعيشونه، مع ثقل المتطلبات الحياتية، حيث تتقطّع بهم السبل على وقع انهيارات عملة بلادهم (الليرة) المتلاحقة وتدني الإنتاج الزراعي والصناعي.

وتفرض واشنطن عبر قوانين أقرّها الكونغرس عقوبات على الحكومة السورية. كما تستهدف الأفراد والشركات وحتى الدول التي تساهم بالتعاون معها أو تمولها، بما فيها إيران وروسيا، وفق “قانون قيصر”.

ودعت المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، ألينا دوهان في 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلى “رفع العقوبات الأحادية المفروضة على سوريا التي قد تعيق إعادة إعمار البنى الأساسية المدنية المدمرة بسبب الصراع الأخير”.

وعلى وقع النداءات المحلية والدولية المطالِبة بتخفيف حدة العقوبات التي تأثر بها الشعب السوري مباشرة، يعيش الاقتصاد أسوأ أحواله لاسيما بعد خروج المصارف اللبنانية عن العمل قبل عام التي كانت نافذة التجارة الدولية بالنسبة للسوريين.