شكل آخر من الابتزاز

كتب عصام قضماني
هذا النوع من الابتزاز نراه ونسمعه ونقرأ عنه كل يوم في الإعلام وفي الشارع وفي المؤسسات، بينما لم تعد الحكومة ومؤسساتها ووزاراتها ووزراؤها المرجعية، بدأ رجال السياسة والمخاتير الجدد يقصدون أبواب الشركات والمصانع مباشرة وبين يديهم كل وسائل الضغط المجتمعي والعشائري والمنصب والتمثيل, وليس في أجندتهم المؤسسية ولا القانون ولا المرجعيات.
الأردن يمر بأوضاع مالية واقتصادية صعبة يجب أن توقظ الحس الوطني المسؤول لا أن ننتهز الظروف لتحقيق شعبويات لا تسمن ولا تغني من جوع.
ربما يظن البعض مخطئا أن المؤسسات الراعية للقوانين ضعفت وتراجعت هيبتها، ورضوخها وسكوتها على الابتزاز السياسي والاقتصادي والاجتماعي حاصل تحصيل لم لا فالأردن في أزمة إسمها كورونا وتحت هذه المظلة كل شيء مباح!.
المشكلة ليست فقط فيمن يمارس هذه السلوكيات وهو مقتنع بها بل في جماعات النفاق السياسي والإجتماعي الجاهزة لتأييده فلا عجب إذا ترضح الحكومة إذا كان مبتغاها الشعبوية, لكن كاتب هذا العمود يظن كل الظن أن هذه الحكومة لا تضع الشعبوية هدفا لها.
إذن المطلوب من الحكومة أن تتدخل فوراً ليس لمصلحة رأس المال, إنما لمصلحة الاقتصاد الوطني ولمصلحة الاستثمار الوطني, فليس من رسالة سيئة للمستثمرين أبلغ من تجاهل إتخاذ الحلول, فثمة فرق كبير بين التفاهم والشراكة مع القطاع الخاص لتلبية الطلب على الوظائف أو دعم ومساندة المسؤولية الاجتماعية وبين فرضها بالتهديد والوعيد فالأولى عادلة ضمن الأطر القانونية, أما الثانية فهي الإضرار بمصالح الناس قبل الشركات كهدف يخلق فوضى تضيع في صخبه حقوق أصحاب المطالب العادلة الفعليين.
لا فرق هنا بين استثمار صغير او كبير محلي أو عربي أو أجنبي فالاستثمار الذي أقصده يبدأ بمشروع صغير ومتوسط وكبير لا فرق بين بقالة ومصنع لإنتاج الغذاء ولا حقل زراعي صغير ومزارع بآلاف الدونمات, ولا فرق بين أن يكون المستثمر الذي يملك المشروع ويديره مواطن أردني أم عربي أم أجنبي، والخطر أو السلوك ومهددات لا تفرق بينهم في السلوك فعندما ترتفع المخاطر يهربون جميعاً.
الأردن بحاجة إلى استثمارات محلية قبل العربية والأجنبية، وعلينا أن نطمئن المستثمر لا أن نثير شكوكه ومخاوفه بشعارات غير مسؤولة حتى لو غلفت بأهداف يظن أصحابها أنها وطنية.
ما هكذا تخلق الوظائف وما هكذا تحمى حقوق العمال والموظفين, القانون هو سيد الموقف وهو الفصل, وتشديد المساءلة والمحاسبة على كل سلوك لا يجب أن يفرق بين صاحب نفوذ أو بلطجي يجول الأسواق بعصاه ليسرق ديناراً من هنا أو من هناك.