قيود كورونا تهدد بتراجع التوظيف في منطقة الشرق الأوسط


مؤشر مديري المشتريات: القطاع الخاص غير النفطي ينمو في السعودية والإمارات وينكمش في مصر

خالد المنشاوي صحافي


أظهر القطاع الخاص غير النفطي في السعودية نمواً كبيراً، مسجلاً أعلى مستوى له منذ 15 شهراً، بعد ما بلغ 57.1 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي، ارتفاعاً من 57 نقطة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وفقاً لتقرير مؤشر مديري المشتريات الصادر عن شركة “آي إتش أس ماركيت”.

كما أظهر القطاع الخاص غير النفطي في الإمارات نمواً طفيفاً مسجلاً 51.2 نقطة، من دون تغيير عن ديسمبر، في ظل ارتفاع طلبات التصدير.

أما في مصر، فاستمر القطاع الخاص غير النفطي في منطقة الانكماش للشهر الثاني على التوالي، ولكن بوتيرة أقل مقارنة بديسمبر، مع تباطؤ التراجع في الإنتاج والطلبيات الجديدة.

النشاط التجاري في السعودية
وظل نمو الاقتصاد غير المنتج للنفط في السعودية، قوياً خلال الشهر الأول من عام 2021، حيث ارتفع النشاط التجاري في ظل زيادة مستويات الأعمال الجديدة وتحسن مبيعات الصادرات بشكل أسرع.

وأدى التوسع إلى زيادة حادة في النشاط الشرائي، إلا أن حجم العمالة استمر في الانخفاض، حيث شهدت بعض الشركات فائضاً في الطاقة الاستيعابية فوق مستوى الطلب. وظلت الشركات تأمل أيضاً في حدوث انتعاش اقتصادي كبير خلال العام المقبل.

وسجل مؤشر مديري المشتريات في السعودية، 57.1 نقطة في يناير الماضي، مسجلاً زيادة هامشية من 57 نقطة في ديسمبر 2020، وليسجل أعلى قراءة له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، مشيراً إلى تحسن ملحوظ في ظروف العمل على مستوى اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط.

وارتفع المؤشر الرئيس من خلال أسرع زيادة في مستويات الإنتاج في بداية العام، حيث كان معدل الزيادة هو الأسرع في 15 شهراً. علاوةً على ذلك، كان معدل نمو الإنتاج متسقاً بشكل عام مع الاتجاه السائد طوال تاريخ الدراسة الممتد 11 سنة، حيث تعافى الاقتصاد بشكل أكبر من تفشي فيروس كورونا.

وساعد على التوسع في النشاط التجاري، الارتفاع الحاد في الطلبات الجديدة خلال يناير، على الرغم من تراجع وتيرة النمو بشكل طفيف عن مستوى ديسمبر الذي كان الأعلى. وأدى تحسن ظروف السوق وزيادة المبيعات عبر الإنترنت وزيادة الطلب على الصادرات إلى دعم هذا الارتفاع. جدير بالذكر، أن الطلبات الجديدة من العملاء الأجانب ارتفعت إلى أعلى مستوياتها خلال أربع سنوات تقريباً.

التوظيف كان ضعيفاً

وعلى الرغم من النمو القوي في كل من الإنتاج والأعمال الجديدة، ظل التوظيف في الاقتصاد السعودي غير المنتج للنفط ضعيفاً، حيث انخفض للمرة العاشرة في 11 شهراً. وأشار أعضاء اللجنة إلى أنهم ما زالوا يتمتعون بطاقة استيعابية فائضة على الرغم من الطلب المتزايد، كما يتضح من الانخفاض الجديد في أعباء الأعمال غير المنجزة.

ومع ذلك، فقد كان الانخفاض الأخير في الأعمال المتراكمة هو الأضعف منذ سبتمبر (أيلول) 2020 مع انخفاض أعداد الموظفين أيضاً بشكل هامشي في يناير.

وأدت زيادة الطلبات الجديدة إلى زيادة أسرع في نشاط الشراء خلال يناير، مع تسارع معدل التراكم إلى أعلى مستوى في 13 شهراً. ونتيجة لذلك، كان تراكم المخزون ملحوظاً مرة أخرى، على الرغم من أن بعض الشركات أفادت بتأخير طلباتها لتطلعها إلى السحب من المخزون الحالي. في الوقت ذاته، ساعد تحسن الطاقة الاستيعابية لدى الموردين في انخفاض مواعيد التسليم بشكل عام لأول مرة منذ بداية عام 2020.

وظلت وطأة التكلفة محدودة بشكل كبير في فترة الدراسة الأخيرة، حيث ارتفعت أسعار المشتريات بشكل طفيف وانخفضت أجور الموظفين للشهر الثاني على التوالي.

وفي الحالات التي شهدت زيادة في التكاليف، ربط أعضاء اللجنة بين ذلك وارتفاع أسعار المواد الخام بسبب زيادة الطلب على مستلزمات الإنتاج. ونتيجة لذلك مررت الشركات زيادات التكلفة إلى العمال، حيث ارتفعت أسعار المنتجات أيضاً بشكل هامشي.

وكانت توقعات الشركات للأشهر الـ12 المقبلة متفائلة في يناير، ما يعكس التفاؤل بشأن الانتشار العالمي للقاحات كورونا والتأثير الإيجابي المتوقع على الانتعاش الاقتصادي. وفي حين أن درجة التفاؤل تراجعت عن ديسمبر، إلا أنها لا تزال عند ثاني أقوى معدل في فترة عام.

تدهور مستمر في ظروف الأعمال

في مصر، ارتفع المؤشر قليلاً إلى 48.7 نقطة في يناير مقارنةً بـ48.2 نقطة في ديسمبر، ليبقى للشهر الثاني على التوالي من دون مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش. ويعكس ذلك “تدهوراً متوسطاً في ظروف الأعمال”، إذ ارتفع الإنتاج والطلبيات الجديدة ومؤشرات التوظيف مقارنةً بديسمبر.

وتوقف نمو نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر منذ ديسمبر الماضي، بعد ثلاثة أشهر من النمو، نتيجة ارتفاع حالات الإصابة بـ”كوفيد-19″ مجدداً خلال الشهرين الماضيين، ما أثر على الطلب ومعنويات أصحاب الأعمال. وساعد نمو الصادرات على دعم الإنتاج، الذي استمر على الرغم من ذلك في التراجع خلال يناير بسبب تراجع الطلبيات الجديدة، وانخفاض إنفاق العملاء، والاضطرابات المتعلقة بـالفيروس.

وانخفض حجم مستلزمات الإنتاج التي اشترتها الشركات بأعلى حدة منذ أربع سنوات، باستثناء ما سجل خلال ذروة الجائحة، ما أسفر عن انخفاض مستويات المخزون لدى الشركات مجدداً. وزادت مدد التسليم من جانب الموردين على نحو طفيف بسبب صعوبة توفير المواد الخام التي تعاني من نقص المعروض. وأدى تعطل توافر بعض السلع إلى ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، بما في ذلك المعادن والقطن والدقيق.

وكان ارتفاع أسعار المبيعات هامشياً، بسبب جهود إبقاء أسعار السوق منخفضة، على الرغم من الضغوط الناجمة عن ضعف العرض العالمي في العام الجديد، الذي أدى إلى ارتفاع قوي في تكاليف المشتريات، بحسب ما ذكر الباحث الاقتصادي بمجموعة “آي إتش أس ماركيت” ديفيد أوين في تعليقه على نتائج المؤشر. وكان ارتفاع متوسط الأسعار هو الأبطأ منذ أغسطس (آب) 2020.

وانخفض معدل التوظيف في الشركات المصرية هامشياً، وفق ما أفادت الشركات المشاركة في المسح الذي أعده المؤشر. وكان ذلك الانخفاض الأضعف خلال الـ15 شهراً الماضية، مع عمل بعض الشركات على زيادة التوظيف لتوسيع طاقتها الإنتاجية، وهو ما ساعد أيضاً على تقليل الأعمال المتراكمة، وذلك للمرة الأولى منذ أبريل (نيسان) 2020، وفقاً للتقرير.

على الجانب الإيجابي، تحسنت التوقعات بشأن النشاط المستقبلي إلى أعلى مستوى منذ 6 أشهر، ما يعكس آمالاً بتحسن ظروف الأعمال خلال 2021 عندما تنتشر برامج التطعيم ضد “كوفيد-19” على نطاق واسع محلياً وعالمياً. وتوقع نحو 40 في المئة من الشركات زيادة الإنتاج في العام الجديد، مقارنةً بـ1 في المئة فقط توقعوا تدهور الأوضاع.


تحسن طفيف بظروف التشغيل

أما في الإمارات، فأشارت البيانات الأخيرة للمؤشر، إلى تحسن طفيف في ظروف التشغيل للقطاع غير المنتج للنفط في بداية عام 2021، حيث أسهمت التوسعات في كل من الإنتاج والطلبات الجديدة بحدوث زيادة متجددة في التوظيف. ومع ذلك، تراجعت وتيرة نمو الطلب منذ ديسمبر الماضي، في ظل زيادة عدم اليقين بشأن القيود المستقبلية الناتجة عن فيروس كورونا مع ارتفاع عدد الحالات محلياً وعالمياً.

في الوقت ذاته، ظلت التوقعات بشأن النشاط المستقبلي ضعيفة، على الرغم من تحسنها إلى أعلى مستوى في ثلاثة أشهر.

وسجل مؤشر مديري المشتريات مستوى 51.2 نقطة للشهر الثاني على التوالي في يناير 2021. وفي حين سجل المؤشر أعلى قراءة مكررة له منذ أغسطس (آب) 2019، إلا أنه عبر فقط عن تحسن هامشي في ظروف العمل منذ نهاية العام الماضي. كما ظل المؤشر أقل بكثير من متوسطه البالغ 54.2 نقطة.

وسجلت الشركات المنتمية إلى الاقتصاد غير المنتج للنفط توسعاً قوياً في النشاط، الأمر الذي جاء مرتبطاً بزيادة مبيعات العملاء واستئناف مشاريع البناء. وتراجع معدل نمو الإنتاج بشكل طفيف عن أعلى مستوى في خمسة أشهر سجله في ديسمبر، لكنه ظل ضمن أسرع المعدلات منذ الانكماش المرتبط بالوباء.

كما زاد حجم الأعمال الجديدة التي تلقتها الشركات الإماراتية في فترة الدراسة الأخيرة، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع مبيعات الصادرات حيث علقت الشركات المشاركة على ارتفاع الطلبات من منطقة الخليج. ومع ذلك، كانت وتيرة زيادة إجمالي المبيعات متواضعة وتراجعت منذ ديسمبر، ما دفع بعض الشركات إلى تركيز العمل على تلبية الطلبات المعلقة.

تشديد القيود مع موجة كورونا الثانية

وقلل الارتفاع المتراجع في المبيعات من توقعات الشركات للنشاط المستقبلي. وعلى الرغم من الانتشار السريع نسبياً للقاحات، فإن توقعات الشركات ارتفعت بشكل طفيف فقط منذ ديسمبر، وكانت ثالث أضعف توقعات في تاريخ السلسلة منذ أبريل 2012. وأشارت بعض الشركات إلى أن الارتفاع الأخير في حالات كورونا قد يؤدي إلى تشديد القيود على الشركات وتراجع الإنتاج على المدى القصير.

من ناحية إيجابية، سجل ارتفاع طفيف في التوظيف في يناير أنهى سلسلة طويلة من فقدان الوظائف. إضافة إلى ذلك، شجع النشاط المرتفع على التوسع في النشاط الشرائي، مع ارتفاع المخزون نتيجة لذلك.

في الوقت ذاته، انخفضت تكاليف مستلزمات الإنتاج بأسرع معدل لها منذ أبريل الماضي، بسبب انخفاض تكاليف التوظيف وانخفاض معدل تضخم أسعار المشتريات.

واستمر متوسط أسعار المنتجات والخدمات في القطاع غير المنتج للنفط بالانخفاض في بداية العام، على الرغم من أن معدل التخفيضات كان الأضعف في سلسلة التخفيض الحالية البالغة 28 شهراً. وبذلت بعض الشركات جهوداً لتحفيز الطلب، لكن البعض الآخر شجع على رفع الأسعار بسبب زيادة المبيعات.

وتحسن أداء الموردين للشهر الثالث على التوالي في يناير، على الرغم من بعض التقارير التي تفيد بنقص مستلزمات الإنتاج والتشديد على سلاسل التوريد العالمية. وعلقت الشركات أن الموردين تمكنوا بشكل عام من تسريع عمليات التسليم لتلبية الطلب المتزايد على مستلزمات الإنتاج.