تعرف على تأثير دورة القمر على الإنسان وجودة نومه

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن تفاصيل دراسة جديدة حول تأثيرات القمر على دورة نوم الإنسان.

وقالت الصحيفة، في تقريرها”، إنه من المعروف أن النوم وإيقاعات الساعة البيولوجية تتأثر مباشرة بالشمس، ولكن برزت في السنوات الأخيرة العديد من الدراسات التي تبحث في التأثيرات المحتملة للقمر أيضًا.

توصل بحث نُشر هذا الأسبوع في مجلة “ساينس أدفانسيس” أن الناس يجدون صعوبة في النوم في الأيام التي تسبق اكتمال القمر. وأوضح الباحثون أن أنماط النوم لدى 98 مشاركًا في الدراسة شهدت تقلبًا على مدار الدورة القمرية التي تبلغ 29 يومًا، مع ظهور تغيّرات في مواعيد النوم وأقل قدر من الراحة في ليالي ما قبل وصول القمر لطور البدر بثلاثة إلى خمسة أيام.

وأشارت الصحيفة إلى أن الباحثين وجدوا نمطًا مشابهًا في بيانات النوم التابعة لمجموعة أخرى تضم أكثر من 460 شخصًا. وحسب لياندرو كاسيراجي، المؤلف الرئيسي للدراسة، فإن المشاركين احتاجوا في الأيام التي سبقت اكتمال القمر لما معدله 30 دقيقة إضافية للخلود إلى النوم، بدروة نوم تقل مدتها عن خمسين دقيقة.


أظهرت الدراسات السابقة التي تناولت تأثير القمر على النوم نتائج متناقضة. وقد أوضح كاسيراجي أن النتائج التي توصلت إليها دراسته تدعم وجود تأثير، لكنه أشار إلى أن العمل الذي قام به هو وزملاؤه يختلف عن الدراسات السابقة اختلافا جوهريا في منهجية البحث.

ففي حين ركزت الدراسات الأخرى على التحليلات الرجعية لبيانات التجارب التي أجريت على أشخاص في مختبرات النوم والذين تم تقييمهم لأغراض بحثية مختلفة، قال كاسيراجي إن دراسته راقبت المشاركين على مدار الدورات القمرية دون المساس بحياتهم الواقعية.

تفاصيل البحث
تضمنت الدراسة تحليل أنماط النوم لثلاثة من مجتمعات توبا الأصلية في شمال شرق الأرجنتين: أحدها ريفي يعيش دون كهرباء، والثاني يتمتع بوصول محدود للكهرباء، والثالث في بيئة حضرية يتوفر فيها الكهرباء.

ونقلت الصحيفة عن الأستاذ هوراسيو دي لا إغليسيا، أحد المؤلفين المشاركين في الدراسة، أن المجتمعات كانت “مثالية” للدراسة لأنها “متجانسة عرقيًا واجتماعيًا وثقافيًا، لذا فقد شكلت فرصة مميزة لمعالجة القضايا المتعلقة بالنوم في ظل مستويات مختلفة من التحضر دون عوامل التباس”.

لتتبع أنماط النوم، تم تجهيز المشاركين بأساور الرصد التي تقوم بتسجيل النشاط البدني، ومن خلالها تم جمع المعلومات على مدار فترة تتراوح من دورة إلى دورتين قمريتين.

في البداية، افترض الباحثون أن أكبر تأثير قد يظهر في ليلة البدر حيث يبلغ ضوء القمر أعلى درجاته، لأنه من المعروف أن التعرض للضوء له تأثير سلبي على النوم. لكن البيانات التي تم جمعها من المجموعات الثلاث شهدت أكبر تأثير سلبي في الليالي التي سبقت اكتمال القمر.


ومع أنه لم يكن جزءًا من الخطة الأصلية للدراسة، قام العلماء أيضًا بتقييم بيانات أنماط النوم التي تم جمعها لأبحاث أخرى من 464 طالبًا جامعيًا في منطقة سياتل، وكانت النتائج مماثلة لما سبق.

وأوردت الصحيفة أن البيانات لم تستطع تفسير آثار دورة القمر على نوم الإنسان، ولكن بعض الباحثين وضعوا نظرية تتعلق بالتغيرات في معدلات التعرض لضوء القمر خلال مختلف مراحله. وقد اتضح أن القمر في طور الأحدب المتزايد لا يزداد سطوعًا مع اقترابه من طور البدر فحسب، بل يبدأ بالظهور في فترة ما بعد الظهر أو في وقت مبكر من المساء، مما قد يعرض الناس لمزيد من الضوء.

من جهته، جادل أستاذ علم الأعصاب في جامعة جونز هوبكنز مارك وو بأن تلك النظرية تفشل عند تطبيقها على الأشخاص الذين يعيشون في بيئات حضرية ويتعرضون ليلا للضوء الاصطناعي، الذي غالبا ما يكون أكثر شدة من ضوء القمر.

وأضاف وو أن مجموعة المستقبلات الضوئية في العين البشرية التي يُعتقد أن لها “دورا في تحديد دورات الإيقاع البيولوجي في الدماغ” تلتقط أنوارا أشد من ضوء القمر بكثير.

في المقابل، أوضح دي لا إغليسيا أن النتائج المسجلة لدى سكان المدن دفعت باحثي الدراسة إلى تضمين فرضية تشير إلى أن نمط النوم قد يكون مرتبطًا بالتغيرات في قوة جاذبية القمر، مشيرا إلى أنه من الممكن أن تؤدي قوة الجذب من القمر إلى جعل الناس أكثر حساسية للضوء في المساء، سواء كان مصدره اصطناعيا أو طبيعيا مثل القمر.

وذكرت الصحيفة أن الباحثين سيستمرون في السعي نحو معرفة السبب الحقيقي وراء تأثيرات القمر على دورة النوم. ويرى دي لا إغليسيا أنه “بإمكاننا الاستفادة من النتائج” الأولية؛ حيث قد تساهم معرفة أن جودة النوم تكون أسوأ في الأيام التي تسبق اكتمال القمر في معرفة الليالي التي يجب أن يحظى فيها المرء بقسط كافي من النوم.

وعموما، غالبًا ما يوصي خبراء النوم بتقليل التعرض للضوء في الليل، وخاصة أطياف الضوء الأزرق، لأن ذلك ينشط الدماغ ويسبب تأخيرًا في النوم وتعجيلا في الاستيقاظ.

عربي ٢١ لايت