التحركات في رام الله وغزة يحاصرها إرث من الشقاق والشكوك في النوايا
خليل موسى مراسل
من دون انتخابات، بقي المجلس الوطني الفلسطيني منذ تأسيسه عام 1964، إذ جرت العادة على تعيين أعضاء المجلس الذي يشكّل أعلى جسم تمثيلي لجميع الفلسطينيين عبر التوافق، على الرغم من أن النظام الأساسي له يقضي بانتخاب أعضائه بالاقتراع المباشر.
ويتولى المجلس بحسب نظامه الأساسي “وضع السياسات والمخططات والبرامج لمنظمة التحرير الفلسطينية وأجهزتها وانتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية”.
وعند تأسيسه، أقرّ المجلس “الميثاق الوطني الفلسطيني والنظام الأساسي لمنظمة التحرير”.
وعلى الرغم من أن النظام ينص على أن تعقد جلسة سنوية ودورة كل أربعة أعوام تتولى تجديد الأعضاء، لكن ذلك لم يطبق وبقيت اجتماعاته مرهونة بالظروف السياسية وحاجة القيادة السياسية إلى استدعائه لإقرار بعض التعديلات أو إكمال نصاب اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
ويُعيّن أعضاء المجلس الوطني استناداً إلى نظام الحصص، موزعة على الفصائل الفلسطينية والاتحادات الشعبية والنقابات والجهاز العسكري، إضافة إلى المستقلين.
ويضم المجلس أكثر من 12 فصيلاً فلسطينياً، أكبرها حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لكن من دون مشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي اللتين بقيتا خارج منظمة التحرير.
وحافظت حركة فتح باعتبارها الفصيل الأكبر داخل منظمة التحرير على هيمنتها على عملية صناعة القرار في المجلس الوطني.
وعلى الرغم من أنه تم الاتفاق عام 2005 على انضمام حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى منظمة التحرير لكن ذلك لم يُنفذ في ظل تشكيك الحركتين بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، ودعوتهما إلى ضرورة إعادة بنائها وتفعيلها.
لكن اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في سبتمبر (أيلول) بمشاركة حماس والجهاد الإسلامي قرر تشكيل لجنة تضم “شخصيات وطنية تقدم رؤية استراتيجية لإنهاء الانقسام، والشراكة في ظل منظمة التحرير، على اعتبار أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني” وهو ما لم يتحقق حتى الآن. ولم يرَ النور من تلك القرارات إلا بدء التحضير لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني.
ونص المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس الفلسطيني محمود عباس على أن “تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي في الثلاثين من يوليو (تموز) المقبل، “المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني، على أن يتم استكمال المجلس في نهاية شهر أغسطس (آب) المقبل، وفق النظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاهمات الوطنية بحيث تجرى انتخابات المجلس الوطني حيثما أمكن”.
وينص قانون الانتخابات الفلسطيني على أن أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني الـ132 يصبحون تلقائياً أعضاء في المجلس الوطني الذي تم تقليص عدد أعضائه إلى 350.
ردود فعل
وقال أمين سر المجلس الوطني الفلسطيني محمد صبيح إن اختيار بقية أعضاء المجلس الوطني المئتين سيتم بالتوافق بين الفصائل، وذلك “بسبب الصعوبات التي تحول دون إجراء الانتخابات في معظم دول العالم التي ينتشر فيها الفلسطينيون”.
بدوره، أشار المتحدث باسم لجنة الانتخابات المركزية فريد طعم الله إلى أن اللجنة “غير مسؤولة قانونياً عن تنظيم الانتخابات خارج فلسطين”.
وعلمت “اندبندنت عربية” أن القيادة الفلسطينية لم تطلب من أي دولة عربية أو أجنية المساعدة في إجراء انتخابات للمجلس الوطني على أراضيها، كما أنها لم تشرع بإعداد قاعدة بيانات الناخبين، إذ إن نصف الشعب الفلسطيني موجود في الخارج.
وقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش لـ”اندبندنت عربية” إن الحركة تطالب بإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير، مضيفاً أنها لا تمانع دخولها مع المحافظة على الميثاق الوطني الفلسطيني.
ودعا البطش إلى الفصل بين المجلسين التشريعي والوطني وذلك “لاختلاف مرجعياتهما السياسية وتمثيلهما”، مضيفاً أن المجلس التشريعي “يستند إلى اتفاق أوسلو ولا يمثل سوى الفلسطينيين في الداخل”، في حين يستند المجلس الوطني إلى الميثاق الوطني، ويمثل الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده.
أما مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي، فيرى أن “دخول حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى المجلس الوطني مرهون بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بشكل سلس”، مردفاً أنه لا توجد إرادة للقيادة الفلسطينية بإجراء انتخابات المجلس الوطني، والاستعاضة عن ذلك بالتوافق مع الفصائل.
وأوضح أن ليست هناك معايير لاختيار أعضاء المجلس الوطني، مشيراً إلى أن ذلك “يتم بعيداً من الكفاءة وبناءً على العلاقات الشخصية”.
وشدد الرنتاوي على أنه جرى “تهميش المجلس وإضعافه خلال العقود الماضية ولم يقُم بدوره كأعلى سلطة للشعب الفلسطيني”، مضيفاً أن القيادة السياسية “تستدعيه حين حاجتها إليه لإقرار بعض التعديلات أو استكمال النصاب في اللجنة التنفيذية”.
وبسؤاله عن أهمية دخول حركتي حماس والجهاد في المجلس الوطني، قال إن ذلك إذا حصل، سينهي تشكيكهما المتكرر في اعتبار منظمة التحرير “الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”.