الكاتب الدرعاوي … يدعو الحكومة ان تكون زيادة رواتب الموظفين السنوية وفق الأداء والتقييم فقط

كتب – سلامة الدرعاوي

في القطاع العام هناك زيادات في الرواتب تسمى زيادات طبيعية، وهذه عادة ما تكون مرتبطة بالتضخم ومعدلاته السنوية، وسواء كان الموظف مميزاً او لا فإنه يستحق هذه الزيادة، وهذا أمر لا يعمل به سوى في دول العالم الثالث، فالجميع متساوون في الزيادات طالما انهم تحت مظلة القطاع العام، بمعنى أنهم محصنون بالأمان الوظيفي البعيد كُل البعد عن معايير الأداء.هذا النظام المعمول به في القطاع العام يستطيع الموظف الحكومي في حال استمر في عمله (وهو الغالب)، ان يترقى في السلم الوظيفي وتتبعه الزيادات الملحقة بهذا المستوى الإداري إلى ما شاء الله.هذا النمط من الزيادات تسلل إلى الشركات المساهمة العامة وغيرها من المؤسسات العاملة في القطاع الخاص، فهناك الكثير من العاملين ينتظرون زيادتهم السنويّة لمجرد انهم قضوا شهورا في العمل، لذلك وجب الاستحقاق.

طبعاً هنا من سيقول ان رواتب العاملين في القطاعين العام والخاص قليلة، وبالتالي فإن هذه الزيادات واجبة على الحكومة وأرباب القطاع الخاص، وانا شخصيا أتفهم هذه النقطة وحساسيتها، ولكن يجب ان نفرق بين الزيادات الطبيعيّة للرواتب في القطاعين العام والخاص، وبين الزيادات الخاصة للعاملين والموظفين والتي يجب ان تكون وفق معايير الأداء، والتقييم الفعلي للموظف، فالموظف الكفؤ يستوجب على أرباب العمل ومسؤوليه مكافأته بشكل مميز عن غيره ممن ينتظر نهاية العام حتى تأتيه الزيادة السنويّة.

للأسف ان غالبية الزيادات في الرواتب وتحسين الاجور التي حدثت في الأعوام الأخيرة في القطاعين باستثناء بعض الشركات الكبرى كانت من باب الاعطيات وبعيدة كُلّ البعد عن التقييم الفعلي والحقيقي لأداء الموظف، وهي بالتالي ساوت بين من يعمل وبين من لا يعمل، وهذا أمر فيه غبن وعدم عدالة للموظفين المتميزين.

نعم للتميز بين الموظفين والعاملين في القطاعين العام والخاص على أسس التميز العملي والاداء فقط، بعيداً عن مفهوم الاعطيات الشاملة التي يتساوى فيها الصالح والطالح معاً، فلم نعد نفرق بينهما للأسف.طبعا نظام الخدمة المدنية يمنح الأمان الوظيفي للعاملين في القطاع العام، ويعطيهم حصانة من التسريح، واجراءات محاسبتهم معقدة جداً، وقانون العمل ايضا يمنح حصانة هو الآخر للعاملين في القطاع الخاص من إعادة الهيكلة بحجج مختلفة اهمها عدم المساهمة في زيادة مُعدّلات البطالة، وغيرها من الحجج والمبررات التي منعت الشركات من حق إعادة الهيكلة للحفاظ على استمراريته.

الأمان الوظيفي لا يعني الترهل في العمل والواجبات الوظيفية، ولو كان هناك رقابة مع عقاب رادع لما تكررت عشرات الأخطاء في اعمال القطاع العام كما أظهرها ديوان المحاسبة، فالرقابة لا تكفي دون إجراء بعد كشف الأخطاء.والامر لا يختلف في القطاع الخاص للأسف، فالكثير من النقابات العماليّة كان لها دور سلبيّ في استنزاف موارد الشركات والضغط عليها تحت شعبويات مكّنتها للاسف من الحصول على امتيازات بعضها كان غريباً عجيباً لا يتناسب حتى مع أوضاع الشركات الماليّة التي بدأ بعضها يدخل في منحنى الخسائر الفادحة كما هو الحال في شركات التعدين.قد يقول قائل ان بعض هذه الشركات كانت إدارتها تتمتع بامتيازات كبيرة لا تتناسب ايضا مع أوضاع الشركة، وهذا الكلام صحيح لا غبار عليه، والحل يكون بالرجوع للقوانين المعمول بها في قانون الشركات وغيرها لمعالجة الاختلالات والأخطاء المختلفة وإعادة الأمور إلى نصابها، لا ان يتم الضغط عليها من جهات أخرى بحجة ان الادارة تحصل والعمال والموظفون يحصلون.

الاصل ان تكون عمليات الزيادة في الرواتب لكافة العاملين من مديرين وموظفين وأعضاء مجالس إدارة مقرونة بنشاط الشركة وتطوراتها الماليّة، وفي حال نموّ الأرباح، فالشركة الرشيدة هي التي تقرر زيادة موظفيها الزيادة السنويّة، واخرى للمتميزين والمبدعين في أعمالهم وكذلك الأمر بالنسبة للقطاع العام، مستندين لمعايير الاداء والتميز