حاولت هذا الأسبوع أن أشرح بأن استمرار الاحتلال وتحوله من وضع معقد إلى وضع دائم، مع محو الخط الأخضر (لليهود)، أوجد وضعاً جديداً. لم يعد بالإمكان الحديث عن “أبرتهايد في المناطق”. ومصير أكثر من ستة ملايين فلسطيني (إسرائيليون، سكان شرقي القدس، الضفة والقطاع) هو تحت الحكومة اليهودية في القدس وهيئة الأركان اليهودية في تل أبيب.
ديمقراطية لليهود فقط هي بالطبع نكتة الديمقراطية. لذلك، إذا كانت إسرائيل ديكتاتورية في جزء من أراضيها ومع جزء من رعاياها – فكلها ديكتاتورية.
النظام المتبع تجاههم هو بلا شك نظام تمييز وقمع واضطهاد وسلب وفصل على خلفية قومية، لهذا هو نظام أبرتهايد. ديمقراطية لليهود فقط هي بالطبع نكتة الديمقراطية. لذلك، إذا كانت إسرائيل ديكتاتورية في جزء من أراضيها ومع جزء من رعاياها – فكلها ديكتاتورية. وإذا وجد فيها أبرتهايد في جزء من المنطقة ومع جزء من السكان فهي دولة أبرتهايد. لا توجد ديمقراطية فيها استبداد مناطقي أو أبرتهايد إقليمي.
عندما كنت هذا الأسبوع في القرية الفلسطينية رأس كركر، المحاطة بالمستوطنات من كل الجهات، لم يكن بالإمكان أن لا أفكر بالأبرتهايد. من شرفة البيت الذي زرته يرون البحر في يوم صاف، بينما لا يسمح لغير اليهود الوصول إليه. انتخابات الكنيست التي تحسم مصير هذه القرية، هي لليهود فقط. القرى المجاورة في أحدها كامل الحقوق وفي الأخرى تخلو من أي حق – أبرتهايد. حتى التطعيمات التي تتفاخر بها إسرائيل، تعطى هنا لليهود فقط. إحدى القرى محصنة وأخرى مجاورة لها غير محصنة، حسب معيار قومي. كيف لا يكون هذا أبرتهايد؟ التطوير والبناء والمياه والأراضي، كلها بتفوق يهودي واضح: جهاز قضاء مختلف، ونظام قوانين مختلف، وعقوبة مختلفة على نفس الأفعال لليهود والعرب. ماذا يعني هذا إذا لم يكن أبرتهايد؟
يتشكل الأبرتهايد بأيدي الإسرائيليين اليهود. وحدهم يقررون بشأنه، بصورة غير ديمقراطية بالطبع. لذلك، فإن دولتهم (دولتنا) دولة أبرتهايد، حتى لو اعتقد تسفي برئيل أنه ليس أبرتهايد (“هآرتس”، 20/1).
ليس تلاعباً بالكلمات. فمن هذا التعريف القاسي تظهر نتائج عملية، صعبة ومؤلمة بدرجة لا تقل عن ذلك. إذا كانت هذه دولة أبرتهايد، فعندها المجتمع الدولي ملزم بالتعامل معها مثلما تعامل مع سابقتها. إسرائيل التي اعتادت التذمر من العلاقة المميزة ضدها والكيل بمكيالين ومن النفاق، ولا نريد القول اللاسامية، هي دولة مدللة على الكرة الأرضية. دولة أغدق العالم عليها من موارد كبيرة ودعم كبير خلال عشرات السنين، بل وتحظى بتسامح لا يصدق تجاهها. دولة الأبرتهايد كدولة عزيزة على الغرب، هي وليدة دلاله، والتي لم يطلب منها يوماً ما تحمل مسؤولية حقيقية عن أفعالها ودفع ثمن جرائمها.
إن تعريف إسرائيل الجديد كدولة أبرتهايد قد يجبر العالم على تغيير معاملته، والتخلي عن التسامح وغض النظر، وإيمانه بأن الاحتلال أمر عابر، وأن هناك “عملية سلمية” في حالة جمود بانتظار “الشريك الفلسطيني”، وأن وراء الزاوية حلاً ينتظر الوقت المناسب.
لن يستيقظ الإسرائيليون ذات صباح ويروا أن الاحتلال سيئ وغير عادل ويجب إنهاؤه، كلا لن يحدث هذا. ولم يحدث خلال 53 سنة، وليس هناك سبب لحدوثه. هذا السبب يمكن للمجتمع الدولي فقط أن يوفره: دعوة لتحمل المسؤولية والعقاب. هذا من حق المجتمع الدولي ومن واجبه.
يزداد الواجب بأضعاف عندما لا يعود الحديث يدور عن خرق مؤقت للقانون الدولي، أو جرائم حرب عابرة، أو عن احتلال عسكري مثل أي احتلال. عندما تحول الاحتلال إلى أبرتهايد وأصبح يحدد هوية الدولة وصورتها، فالمطلوب عمل دولي، أجل بالضبط مثلما في جنوب إفريقيا. ما نجح هناك قد ينجح هنا أيضاً. هيا نرى ما سيحدث عندما يبدأ الإسرائيليون بدفع ثمن أخطاء دولتهم. يجب على كل وطني حقيقي أن يتمنى هذا اليوم. هذا هو سبب أهمية النقاش حول إسرائيل كدولة أبرتهايد.
بقلم: جدعون ليفي
هآرتس 21/1/2021