كشفت مصادر لـ«القدس العربي» عن طلب ضباط روس من لجان درعا المركزية الثلاث التي تمثل المنطقة الغربية، ودرعا البلد، والمنطقة الشرقية، التهدئة وتجنب العمليات الاستفزازية، مقابل وعود بإطلاق سراح المعتقلين من سجون النظام السوري.
وأرجعت المصادر الطلب الروسي، الذي تم قبل أيام، إلى محاولة تهيئة الأجواء وتوفير البيئة الآمنة للانتخابات التي يعتزم النظام السوري إجراءها في منتصف العام الجاري، مؤكداً أن التوتر الذي يخيم على الجنوب دفع الروس إلى انتهاج سياسة التهدئة في الجنوب.
ويرى الأمين العام لـ»المجلس السوري للتغيير» المحامي حسان الأسود، أن النظام يحتاج فعلاً للتهدئة من أجل إنجاز الانتخابات، لكن ليس الهدف منها إرضاء السوريين في مناطق سيطرته، بل لتصدير صورة مغايرة للواقع الذي يعيشونه على الصعد الأمنية والمعيشية، للدول الغربية التي رفضت الانتخابات بشكل مسبق. وأضاف لـ«القدس العربي» وهو من درعا، أن الهدف الرئيس من هذه التهدئة هو الظهور أمام المجتمع الدولي بمظهر المسيطر على الأرض والمتحكم بمفاصل الدولة، مما يعطيه شرعية شعبية مفترضة.
وبسؤال الأسود عن حاجة النظام للتهدئة، وهو الذي أجرى انتخابات في العام 2014 في مناطق سيطرة أضيق مساحة من الوقت الحاضر، أجاب: «لم يكترث النظام لهذا الأمر سابقاً في مرحلة كان فيها وضعه العسكري سيئاً للغاية، إلا أنه الآن في حاجة لتغيير الصورة وتسويق نفسه على أنه انتصر في معركته التي يعرفها بمواجهة الإرهاب، وهي في الحقيقة بمواجهة الشعب السوري المطالب بحقوقه المشروعة بالكرامة والحرية والعدالة». ومتفقاً مع الأسود، قال الباحث في مركز «عمران للدراسات» منير الفقير، إن الانتخابات المقبلة تختلف عن انتخابات العام 2014 باختلاف الظروف السابقة، فالنظام وروسيا يريدان القول بأن الحرب قد انتهت، وموسكو تحديداً تريد توظيف هذه الانتخابات في عملية الانتقال السياسي.
وأشار في حديثه لـ«القدس العربي» إلى أن روسيا تعتقد أن الانتخابات ستعيد شرعية الأسد من جديد، وكل ذلك يتطلب إجراء انتخابات في بيئة هادئة وسلسة وآمنة، مرجحاً أن تقوم روسيا بإصدار الأوامر للأجهزة الأمنية في كل المناطق التي استعاد النظام السيطرة عليها، بالعمل على التهدئة وعدم القيام بعمليات استفزازية.
يترك الفقير كل ما سبق جانباً، ليشير إلى ضرورة تحرك المعارضة لنزع «الشرعية» التي تحاول روسيا وسم الانتخابات بها، داعياً المعارضة للانسحاب من المسار السياسي الذي ترعاه روسيا. وفي هذا الصدد، عبّر حسان الأسود عن أسفه لعدم تسجيل أي تحرك فاعل من قبل المؤسسات الرسمية للمعارضة وهي (هيئة التفاوض والائتلاف والمنصات الأخرى) يستبق الانتخابات بنزع الشرعية عنها، معتبراً أن «الحاضنة الثورية عامة فقدت ثقتها بهذه الهيئات منذ فترة بعيدة».
ومن هنا، حسب الأسود، تقع المسؤولية بشكل مباشر على القوى والكيانات السورية السياسية والمدنية لإنجاز هذه المهمة، مشيراً إلى إطلاق «المجلس السوري للتغيير» مبادرة لنزع شرعية هذا الانتخابات قبل أيام، تحت عنوان «لا شرعية لانتخابات الأسد».
وحول المبادرة، قال: «سياسياً، يرى المجلس أنّه لخوض انتخابات حقيقية في سوريا، لا بدّ من تشكيل هيئة حكم انتقالي واسعة الصلاحيات وشاملة الجميع وغير طائفية، وتوفير أسس البيئة الآمنة والمحايدة التي هي من مهام هذه الهيئة الانتقالية، كما يجب أن يتم اعتماد دستور سوري حقيقي، مكتوب بإرادة سورية حرة، ومتوافق مع القيم الإنسانية العليا والمعايير الدولية المعتمدة، وانتهاج مسار متكامل للعدالة الانتقالية وفي المقدمة من أعماله محاسبة مرتكبي الجـرائم والانـتهاكـات بحق السـوريين».
وأكمل في هذا الخصوص: «أما المسار الدبلوماسي فسيكون وسيلة لإيصال هذه الرسائل للمجتمع الدولي عن طريق مخاطبة الأمم المتحدة وهيئاتها ومخاطبة الدول عن طريق خارجياتها وبرلماناتها ومخاطبة الأحزاب والمنظمات الحقوقية المختلفة، وعلى الصعيد القانوني سيكون هناك شرح مفصّل لعدم شرعية هذه الانتخابات من خلال مناقشة الدستور وقانون الانتخابات رقم 5 لعام 2014 وغيرها من الأسباب القانونية مثل استحالة مشاركة جميع السوريين بحرية». من المؤكد، أن روسيا تولي الجنوب السوري أهمية خاصة، لحسابات كثيرة، ولذلك بدأت بالإعداد باكراً لتهيئة الأجواء للانتخابات فيه، وهو أمر قد يكون صعب المنال، والجنوب لا زال يرقد على صفيح ساخن رغم توقـيع اتفاق التسـوية منذ صـيف الـعام 2018.