ميزانية 2021 مثقلة بأعباء مالية يفرضها كورونا على الأردنيين


انكماش الاقتصاد بنسبة 3 في المئة وتوقعات بانخفاض المنح الخارجية والإيرادات

طارق ديلواني صحافي


بعد عام كامل من الركود والتراجع الاقتصادي، وأمام مديونية مثقلة، وخزانة تعاني النقص، خرج وزير المالية الأردني، محمد العسعس، على المواطنين، ليعلمهم بعام جديد صعب مع استمرار تداعيات جائحة كورونا.

وقال خلال جلسة برلمانية مخصصة لنقاش ميزانية 2021، والبالغة 14 مليار دولار، إن “التعافي المتوقع لمعدل النمو هو 2.5 في المئة، وهو ما يعتمد على استمرار النشاط الاقتصادي خلال فترة الوباء من دون أي إغلاقات”.

يأتي ذلك، في وقت سجلت فيه أرقام البطالة ارتفاعاً ملحوظاً، وبنسبة 22 في المئة، وسط تكلفة اقتصادية كبيرة بسبب الجائحة العام الماضي.

ارتفاع العجز وانخفاض المنح

ويرى وزير المالية الأردني أن الهدف في العام الجديد هو الحافظ على الاستقرار المالي بميزانية هي الأصعب في تاريخ البلاد، متوقعاً انكماش الاقتصاد الأردني بنسبة 3 في المئة، وعجزاً قدرة 2.89 مليار دولار في ميزانية 2021 مقارنة بـ2.96 مليار دولار في عام 2020. كما توقع انخفاض المنح الخارجية إلى 813.5 مليون دولار، متعهداً بعدم فرض ضرائب جديدة في العام الحالي، لكنه أقر باستحالة خفض الضرائب لأنها تمثل غالبية الإيرادات.

ويأتي ذلك بالتزامن مع الأرقام التي كشف عنها وزير العمل، معن القطامين، والتي بينت أن عدد الأردنيين الباحثين عن العمل بلغ نحو نصف مليون.

الاقتراض مستمر

وأعلن صندوق النقد الدولي، الأسبوع الماضي، موافقته على منح قرض فوري للأردن بمقدار 148 مليون دولار.

القرض الجديد يأتي في إطار برنامج أقره الصندوق عام 2020 بقيمة 1.3 مليار دولار وعلى مدى أربع سنوات، لمساعدة الأردن في مواجهة تداعيات الفيروس.

وقال صندوق النقد إن مدفوعاته للأردن العام الماضي ارتفعت إلى 689 مليون دولار، بعد إضافة المبلغ الجديد.

استمرار كورونا مدمر

من جهته، اعتبر الكاتب الاقتصادي سلامة الدرعاوي أن أكثر ما هو مقلق في هذا العام هو استمرار حالة التفشي الوبائي لكورونا وتطور سلالته، لأن ذلك يعني تطورات وانعكاسات سلبية على المشهد الاقتصادي والقطاعين العام والخاص.

ويرى الدرعاوي أن استمرار الوباء يعني تراجعاً جديداً لإيرادات الخزانة، وانحسار قدرة القطاع الخاص على التصدير، واستمرار إجراءات الحماية للمنتج الوطني، ما سيزيد من تعقيدات انسياب السلع بشكله الطبيعي المعتاد عليه، وفق اتفاقيات التجارة الحرة المعمول بها. وهذا يعني أيضاً، وفق الدرعاوي، أن الحاجة ستكون ملحة أكثر لتوفير تسهيلات تمويلية جديدة للقطاعات المتضررة وغير القادرة على الصمود وجدولة كثير من مديونيات الأفراد والقطاع الخاص، فضلاً عن إجراءات التسريح التي ستطال كثيرين، وعودة بعض المغتربين وارتفاع معدلات البطالة .

نمو متواضع

ويقول الدرعاوي إن نسبة النمو المقدرة في قانون الموازنة، والبالغة 2.5 في المئة، منخفضة ومتواضعة ولا تتناسب مع احتياجات التنمية الأساسية في البلاد من تشغيل وتوظيف واستثمار، وغيرها.

وتابع أن القدرة على جلب استثمارات خارجية ستكون هي الأخرى صعبة في حال تأخرت السيطرة على انتشار “كوفيد-19” محلياً وعالمياً، ووقتها سيتم اللجوء لمزيد من الاقتراض الداخلي والخارجي معاً، وهو ما سيجعل المديونية ترتفع إلى مستويات قياسية تهدد الاستقرار الاقتصادي.

هيكلة الاقتصاد

بدوره، اعتبر الاقتصادي ورجل الأعمال موسى الساكت، حديث وزير المالية عن أن حجم الانكماش للاقتصاد الأردني لعام 2020 ضمن المستويات الأقل عالمياً، بأنه “غير دقيق”.

وكشف عن أن خسارة القطاع السياحي وحده في 2020، والذي يسهم في 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كفيلة بأن تصل بالانكماش إلى أكثر من هذا الرقم، ناهيك بتراجع الإنتاج في القطاعات الاقتصادية كافة بنسب مختلفة، داعياً الحكومة إلى الكشف عن الحقائق.

‏وفي ما يتعلق بأرقام البطالة، يقول الساكت، إن تحفيز القطاع الخاص وتخفيض كلف الإنتاج عليه، سيكونان كفيلين بتوفير فرص عمل، وهذه من مهمات الحكومة.

ويرى الساكت أن النمو لن يتحقق إلا بإعادة هيكلة الاقتصاد، ومن خلال السياسة المالية وتخفيض الضرائب وكلف ممارسة الأعمال، إلى جانب السياسة النقدية وتخفيض الفوائد ونسب الربح.

اندبندنت