المعاملات الرقمية أولوية وبنوك عالمية تنافس في الشرق الأوسط وأفريقيا


إتجاه إلى تقليص “الكاش” وكورونا يسرّع الانتقال إلى عمليات الدفع الإلكتروني

خالد المنشاوي صحافي


كشف تقرير حديث أن بنك “إتش أس بي سي” يتطلع إلى مزيد من فرص النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويعطي الأولوية للمدفوعات والمعاملات الرقمية، كما سيمنح أولوية لطلبات المستثمرين الدوليين للانفتاح على الأصول المصرية، إلى جانب دعم المبادرات الحكومية لإتاحة طرق مستدامة للقيام بالأعمال.

وأشار البنك إلى أنه يملك خططاً طموحة لتنمية أعماله في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يرى أن عودة الانتعاش للناتج المحلي الإجمالي والتجارة الدولية لدول المنطقة، سيجعلها واحدة من أسرع المناطق نمواً في العالم خلال السنوات العشر المقبلة.

يأتي ذلك في الوقت الذي تستعد حكومات العالم إلى الاعتماد على الرقمنة والشمول المالي والتخلص من الكاش، فيما حددت بعض الحكومات أوقاتاً معيّنة لإلغاء التعامل بالنقود أو الـ”كاش”، في إطار تعزيز عمليات الدفع الإلكتروني. وربما يعزز التحوّل في فيروس كورونا من إقدام العديد من الحكومات على هذه الخطوة في ظل تحذيرات من تسبب أوراق النقد في انتشار الفيروس القاتل.

والشهر الماضي، أعلنت السويد أنها في طريقها نحو التخلص من النقود حتى لو لم يكن بنكها المركزي جاهزاً لذلك. لكن على الرغم من أهمية هذه الخطوة، إلا أنها محفوفة بالمخاطر في حال حدوث أي خلل في شبكة الإنترنت، كما أن أي هجمة إلكترونية يمكن أن تؤدي إلى مشاكل خطيرة في النظام النقدي للبلاد، ما يعني وجوب طباعة ما يكفي من النقود الحقيقية كشبكة أمان.

وتسبب الوباء في تسريع الانتقال إلى المعاملات الرقمية، ويدرس البنك المركزي السويدي التواجد في الصورة، وفي الوقت نفسه ضمان تمكين المواطنين من الحصول على أموال حقيقية حين يحتاجون إليها. وربما يحتاج هذا إلى إعادة تعريف المناقصات القانونية، ويتطلب من البنوك والشركات “الحفاظ على شكل من أشكال الحد الأدنى من القدرة” من أجل التعامل مع الأوراق النقدية الحقيقية. واضطرت الحكومة السويدية إلى التطور بشكل سريع لإدخال عملتها الجديدة “الكرونة الإلكترونية” لمواكبة التغييرات، لكن المؤكد أن الجيل القادم من السويديين، ربما لا يشهد بعينه أي عملات نقدية سواء ورقية أو معدنية.

11 شركة سعودية تعمل في المدفوعات الإلكترونية

عربياً، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كشفت بيانات رسمية عن جاهزية البنوك للدفع الإلكتروني، ما يخفض نسبة الـ”كاش” في السعودية بنسبة 70 في المئة نهاية 2030، لكن لن يتم إلغاء التعامل بـ”الكاش” نهائياً، بينما توجد خطة للتدرج بتقليص التعامل بالنقد لدى الأفراد.

وكشفت البنوك السعودية وفق بيان، أن لديها برنامجاً لتطوير القطاع المالي، فيما يأتي التحويل تدريجاً من مجتمع نقدي إلى غير نقدي ضمن مستهدفاته، لافتة إلى أن التحول “مدروس” لا سيما أن البنوك حققت قفزات في ما يتعلق بثقافة التعاملات الإلكترونية. وأوضحت أن تعاملات نقاط البيع خلال الأعوام الثلاثة المقبلة ستتضاعف ليتجاوز عددها ما يلبي احتياجات حوالى 400 ألف جهة ومؤسسة.

وكانت مؤسسة النقد العربي السعودي “ساما”، أعلنت عن الترخيص لثلاث شركات تقنية مالية جديدة في مجال المدفوعات الإلكترونية، ليصل إجمالي عدد شركات المدفوعات المرخص لها في قطاع التقنية المالية إحدى عشرة شركة حتى الآن.

وذكرت “ساما” أن هذه الشركات هي، شركة “سكاي باند” المالية لتقديم خدمات المدفوعات من خلال أجهزة نقاط البيع، وشركة مدفوعات “نون باي” الرقمية، وشركة اللون الرقمي لتقنية المعلومات “فوديكس”. وأوضحت أن هذه الخطوة تأتي استكمالاً لجهودها في إطار تعزيز نشاط قطاع التقنية المالية والدفع نحو الارتقاء بالخدمات المقدمة في القطاع المالي.

نمو قياسي في التسوق الإلكتروني

وكانت دراسة حديثة أجرتها “ماستركارد” العالمية، قد كشفت عن نمو سريع في التسوق عبر الإنترنت، إذ هناك حوالى 73 في المئة في دولة الإمارات عبر الإنترنت مقارنة بالفترة التي سبقت تفشي الوباء، مع استمرار جائحة فيروس كورونا في تحفيز التجارة الإلكترونية.

وكانت حكومة دبي أعلنت عن تشكيل فريق عمل “دبي اللانقدية”، يُعنى بوضع خطة عمل هدفها تحويل عمليات الدفع إلى طرق غير نقدية بشكل آمن وسهل، وبما يغطي قطاعات المدينة كافة، ليوحّد الفريق بذلك جهود الجهات الحكومية ذات الصلة، بما يضمن تسريع وتيرة تحوّل دبي الناجح والسلس نحو مجتمع غير نقدي. ويضم الفريق كلاً من: دائرة المالية، دائرة دبي الذكية، اللجنة العليا للتشريعات، اقتصادية دبي، شرطة دبي، غرفة دبي، مركز دبي للأمن الاقتصادي ودائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي.

وفي يوليو (تموز) الماضي، كشفت دراسة صادرة عن صندوق النقد العربي حول “التقنيات المالية في مجال الدفع الإلكتروني لقطاع التجزئة المصرفية”، أن مصر في المرتبة الأولى على مستوى خدمات الدفع الإلكتروني في ثماني دول عربية، بنحو 130 ألف منفذ، من إجمالي 178 ألفاً في هذه الدول، أي تستحوذ على 73 في المئة.

وأشارت الدراسة إلى أن عدد المعاملات السنوية التي نُفذت من خلال خدمات الدفع الإلكتروني لقطاع التجزئة في الدول العربية، وصل إلى 141 مليون معاملة خلال عام 2019، في ثماني دول عربية هي، مصر والبحرين والجزائر وسوريا والعراق ولبنان وليبيا والمغرب، موضحة أن استخدام المحافظ الرقمية في مجال الدفع الإلكتروني منتشر في مصر التي تتصدر بحوالى 15.3 مليون محفظة من إجمالي 21 مليوناً متوافرة في هذه الدول، تليها البحرين بأربعة ملايين محفظة رقمية تقريباً ومليون محفظة في السعودية.

قابلية التشغيل البيني ما بين أنظمة الدفع الإلكتروني

وأوضح صندوق النقد العربي أن بعض الدول العربية تعتمد قابلية التشغيل البيني ما بين أنظمة الدفع الإلكتروني على مستوى الدولة، وعدد قليل منها يتّسم بقابلية التشغيل البيني على مستوى الدفع الرقمي عبر الحدود، بما يشمل كلاً من الأردن والإمارات ومصر والكويت، فيما لا تتسم نظم الدفع الإلكتروني بقابلية التشغيل البيني على مستوى التعاملات عبر الحدود في بقية الدول.

وذكر أن مصر هي إحدى أربع دول عربية توفر قابلية التشغيل البيني لأنظمة الدفع الإلكتروني بين القطاع المصرفي، وبين البنوك ومقدمي الخدمات المالية الآخرين، وكذلك بين مقدمي الخدمات من خارج القطاع المصرفي، كما تتيح التعاملات المالية العابرة للحدود، موضحة أن مصر تتيح قابلية التشغيل البيني من خلال حلول الطرف الثالث وليس من خلال الاتفاقيات الثنائية بين مزودي الخدمات.

وقالت الدراسة إن الخدمات المالية التي تقدمها شركات الدفع الإلكتروني لقطاع التجزئة في كل من مصر ولبنان والإمارات والكويت والجزائر وليبيا وسوريا، هي دفع الفواتير ورسوم الخدمات الحكومية والتحويلات المالية داخل حدود الدولة، والتجارة الإلكترونية ودعم التعاملات البنكية، والوكالة البنكية لبعض الخدمات، وأنظمة تحويل وحماية الرواتب.

وأكدت أن سوق التقنيات المالية الحديثة شهدت نمواً بارزاً خلال السنوات الأخيرة، لترتفع الاستثمارات في التقنيات المالية على مستوى العالم من 19 مليار دولار عام 2013 إلى ما يقارب 130 ملياراً خلال النصف الأول من العام الماضي، موضحة أن مجلس الاستقرار المالي يصنف التقنيات الحديثة في خمس مجموعات رئيسة تشمل، خدمات المدفوعات والمقاصة والتسوية، والثانية خدمات الإيداع والاقتراض وحشد التمويل، والثالثة خدمات التأمين، والرابعة خدمات إدارة الاستثمار، أما الخامسة فخدمات دعم السوق.