مستثمرو السندات يتطلعون إلى انتعاش السوق مع تخصيص المليارات لحكومات الولايات
أحمد مصطفى صحافي متخصص في الشؤون الدولية
توقع بنك “جي بي مورغان” الاستثماري أن تؤدي خطة الدعم الاقتصادي التي أعلن عنها الرئيس المنتخب جو بايدن إلى زيادة النمو في الناتج المحلي الإجمالي، ربما بضعف النسبة التي كانت متوقعة مع حزمة الدعم الأخيرة نهاية العام الماضي.
وتوقع البنك أيضاً أن يتغير مسار رؤوس الأموال، التي زاد تدفقها على الأسواق الآسيوية وأسواق الاقتصادات الصاعدة في الشهرين الأخيرين، لتخرج من تلك الأسواق وتعاود التدفق على السوق الأميركية مرة أخرى.
وكان بنك “جي بي مورغان” توقع انكماشاً في الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنسبة 2 في المئة قبل الموافقة على حزمة الدعم الأخيرة بمقدار 900 مليار دولار في الأيام الأخيرة من العام الماضي 2020، معللاً ذلك بعدم وجود خطط دعم للاقتصاد لمواجهة تبعات أزمة وباء كورونا.
وحين أقر الكونغرس الحزمة الأخيرة نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عدّل البنك توقعاته مقدراً أن تؤدي الخطة إلى نمو الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 0.7 في المئة إضافية. ومع حزمة الدعم التي أعلنها بايدن بأكثر من ضعف الحزمة الأخيرة، عند 1.9 تريليون دولار، يتوقع أن تضيف ما يصل إلى نسبة 1.5 في المئة لمعدل نمو الناتج المحلي الاجمالي الأميركي.
عودة الصناديق
في مقابلة مع “سي أن بي سي”، قال جيمس سوليفان، مدير أبحاث الأسهم لآسيا في بنك “جي بي مورغان”، إنه يتوقع أن تؤدي حزمة الدعم الأخيرة، وخطط بايدن الاقتصادية، إلى عودة تدفق رأس المال إلى الولايات المتحدة بعد نحو شهرين من التدفق باتجاه أسواق آسيا.
أضاف سوليفان “شهدنا على مدى أكثر من 18 أسبوعاً تدفق استثمارات الصناديق إلى آسيا ما عدا اليابان، ومن المحتمل جداً أن تغير تدفقات الصناديق اتجاهها بشكل عكسي”، أي تخرج من الأسواق الصاعدة في آسيا وتعود للولايات المتحدة نتيجة بدء النمو الاقتصادي بسبب خطط الدعم والتحفيز.
وزاد المحلل في بنك “جي بي مورغان”، “كانت تدفقات أموال الصناديق إلى آسيا قوية جداً في الشهرين الماضيين… وأرى أننا ربما كنا في منتصف الطريق لاتجاهها العكسي عائدة إلى هنا”.
ويتوقع أن تكون الصين أكبر متضرر من تحول اتجاه استثمارات الصناديق نحو الولايات المتحدة، فقد أدت تلك التدفقات خلال العام الماضي 2020، مع نمو الاقتصاد الصيني بمعدلات أعلى من غيره في العالم، إلى ارتفاع الأسواق الصينية أيضاً.
ويشير محللون إلى أن سيطرة الحزب الديمقراطي على الكونغرس بمجلسيه، النواب والشيوخ، سيجعل من السهل على إدارة بايدن تمرير حزم الدعم الاقتصادي على الرغم مما تعنيه من زيادة عجز الموازنة وارتفاع معدل الاقتراض ونسبته إلى الناتج المحلي الاجمالي.
سوق السندات
في المقابل، تأمل إدارة بايدن، والفريق الاقتصادي الذي سيبدأ الكونغرس في تثبيت تعيينه فور تنصيب بايدن يوم الأربعاء المقبل (20 الحالي)، في أن يموّل النمو الاقتصادي المتوقع ذلك العجز.
كما أن الاستثمارات الكبيرة التي أعلن عنها بايدن في حملته الانتخابية يمكن أن توفر الوظائف وتحسن الأجور بما يجعل عائدات الخزينة من تحصيل الضرائب جيدة بما يكفي لسداد الدين العام.
وقد بدأت بالفعل صناديق الاستثمار في السندات التعويل على حزم الدعم والتحفيز الاقتصادي للإدارة الجديدة. وحتى قبل أن تنصب إدارة بايدن رسمياً أو تحصل على موافقة الكونغرس على حزمة الدعم بدأ المستثمرون في سوق السندات الدخول بكثافة في السندات البلدية التي تصدرها الحكومات المحلية للولايات في أميركا.
ومن بين نحو تريليوني دولار في حزمة الدعم الجديدة، خصصت إدارة بايدن نحو 350 مليار دولار لحكومات الولايات والمقاطعات المحلية لمواجهة تبعات أزمة وباء كورونا. إضافة إلى نصيب الولايات والمحليات من مخصصات الخطة لتمويل توزيع اللقاحات والتطعيم وأيضاً تأهيل المدارس في كافة أنحاء البلاد.
وبمجرد فوز الحزب الديمقراطي بمقعدي مجلس الشيوخ في ولاية جورجيا الأسبوع الماضي، وجه المستثمرون في أسواق السندات ما يزيد على 2.5 مليار دولار من استثماراتهم نحو السندات البلدية والمحلية التي تقترض من خلالها حكومات الولايات والمقاطعات. وهو ما يعد أكبر تدفق استثماري نحو السندات البلدية منذ أكثر من عشر سنوات.
ويتوقع أن يستمر هذا التوجه بعد موافقة الكونغرس على حزمة الدعم التي أعلنها جو بايدن. كذلك يقدر بعض المحللين والاقتصاديين أن يسارع الفريق الاقتصادي في إدارة بايدن إلى تقديم حزم دعم وتحفيز أخرى للكونغرس خلال المئة يوم الأولى من حكم الإدارة الجديدة. ومن شأن ذلك أن ينشط سوق السندات أيضاً لفترة.