تقدم الفلسطينيون خطوة إلى الأمام باتجاه انهاء انقسامهم المتواصل منذ 2007، بعد إصدار رئيس السلطة محمود عباس، الجمعة، المرسوم الخاص بتحديد موعد الانتخابات العامة المعطلة منذ سنوات.
ويرى سياسيون فلسطينيون، أن تحديد مواعيد الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني (برلمان منظمة التحرير الفلسطينية) خطوة جيدة تبعث على التفاؤل، لكنها “غير كافية” ويجب أن يتبعها خطوات أخرى في الطريق قبل الوصول إلى الوحدة.
مواعيد الانتخابات
وحدد عباس موعد إجراء الانتخابات التشريعية في 22 أيار/ مايو، والرئاسية في 31 تموز/ يوليو، والمجلس الوطني في 31 آب/ أغسطس من العام الجاري.
والاثنين، أصدر الرئيس الفلسطيني تعديلا على قانون الانتخابات رقم (1) لسنة 2007، يسمح بإجرائها بشكل متتال، وليس بالتزامن، كما نص القانون قبل التعديل.
وتخلت حركة “حماس”، مطلع كانون الثاني/ يناير الجاري، عن شرط تمسكت به طوال الحوار مع حركة “فتح”، وهو “التزامن” في إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، وقالت الحركة إنها تلقت ضمانات من عدة دول عربية ودولية بعقد انتخابات بالتتابع خلال ستة أشهر.
ومنذ 2007، يسود انقسام بين حركتي حماس التي تسيطر على قطاع غزة، وفتح التي تحكم الضفة الغربية، وأسفرت وساطات وعدة اتفاقيات على مدى سنوات عن توافق فلسطيني هذا الشهر، على إجراء انتخابات عامة متتالية تشارك فيها حماس.
مدخل لإنهاء الانقسام
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف، أعرب عن تفاؤله بتحديد الرئيس عباس مواعيد الانتخابات، كخطوة مهمة باتجاه تحقيق الوحدة الفلسطينية.
وقال أبو يوسف “لا بد أن نمضي قدما من أجل إنجاح الانتخابات التي ربما تشكل مدخلا لإنهاء الانقسام، عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات”.
وشدد على أنه بعد هذه الخطوة يجب تحقيق التوافق الوطني الشامل في “مواجهة التحديات والمخاطر الناتجة عن الاحتلال أو التطبيع أو الانحياز الأمريكي لإسرائيل”، مضيفا أن “الخطوة التالية بعد صدور مراسيم تحديد مواعيد الانتخابات هي إجراء مشاورات وطنية حول كيفية بناء حوار فلسطيني شامل لإنجاح الانتخابات، وترتيب الوضع الداخلي”.
اختراق لحالة الانقسام
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية بالضفة الغربية المحتلة أيمن يوسف، إن “مرسوم إجراء الانتخابات اختراق جيد، بعد انقسام طويل في المشهد الفلسطيني”.
لكن يوسف، اعتبر في حديثه لوكالة الأناضول، أن “عقد الانتخابات لا يعني نهاية الانقسام، لكنه بداية لعمل شاق لحل كل نقاط الخلاف بين الطرفين (فتح وحماس)”، معربا عن أمله أن يتم تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية في نهاية المطاف.
ونوه الأكاديمي الفلسطيني إلى “ضرورة وضع آليات تضمن عدم تكرار المشهد السابق من الانقسام بعد الانتخابات”، معتبرا أن المرسوم الرئاسي ترجمة للجهود التي بذلت من دول إقليمية أبرزها قطر، ومصر، وتركيا، أقنعت الجانبين بأن لا بديل عن تجديد الشرعية الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام.
ورأى أن “الانتخابات تطور إيجابي لتجديد المؤسسات وضخ دماء جديدة بالقيادة الفلسطينية”، مستدركا أن “عقبات وصعاب ربما تواجه المشهد السياسي في مرحلة ما بعد الانتخابات، مثل طبيعة الحكومة التي ستتشكل إن كانت حكومة وحدة أو تكنوقراط أو يشكلها حزب واحد، إضافة لإشكاليات المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي”.
وذكر أن إسرائيل ستكون معيقا رئيسيا أمام النظام السياسي الفلسطيني الجديد، لافتا إلى أن الحكومة الجديدة بعد الانتخابات، ربما تواجه صعوبات في اعتراف العالم بها وتعامله معها.
استجابة لمطالب دولية
ولدى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي وجهة نظر مختلفة، حول إعلان مواعيد الانتخابات الفلسطينية وظروف هذا الإعلان.
وأعرب الشوبكي، في حديثه للأناضول، عن خشيته من أن تكون الانتخابات “استجابة لمطالبة دولية” بهدف التعامل مع قيادة منتخبة “دون أن ترتبط بترتيب البيت الداخلي”.
لا يستبعد المحلل السياسي أن “تكون الانتخابات مرتبطة بالحاجة إلى شرعنة النخبة السياسية الحاكمة، خلال مرحلة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، الذي قال إنه لن يتعامل مع أنظمة سلطوية”.
ومن ناحية أخرى، رأى الشوبكي، أن “إصدار المراسيم لا يعني بالضرورة إجراء الانتخابات بصورة كاملة”، مستدركا: “حتى لو جرت الانتخابات التشريعية، فهذا لا يعني بالضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية”.
وتابع: “حتى لو جرت الانتخابات، فإنها لا يمكن أن تكون جزء من عملية ديمقراطية، لأنه لم يسبقها إصلاحات في الضفة وغزة، على مستوى الأفراد والجماعات”، متسائلا حول إمكانية قبول نتائج الانتخابات إقليميا وعربيا ودولية، إن كانت ستقف إسرائيل مكتوفة الأيدي أمام تشكيل قوائم انتخابية محظورة من قبلها، في إشارة لحركة “حماس”.
وأُجريت آخر انتخابات فلسطينية للمجلس التشريعي مطلع 2006، وأسفرت عن فوز “حماس” بالأغلبية، فيما كان قد سبق ذلك بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها عباس.