تظاهر مئات اليمنيين في محافظة تعز، للمطالبة بإنقاذ العملة المحلية التي سجلت هبوطا تاريخيا أمام العملات الأجنبية.
واحتشد المتظاهرون في ساحة الحرية بالمدينة، رافعين لافتات تطالب بإيقاف انهيار العملة، وما تشكله من خطر على حياة اليمنيين.
كما حمل المحتشدون التحالف الذي تقوده الرياض، المسؤولية عن تدهور العملة اليمنية، بسبب تعطيله وسيطرته على موانئ البلاد.
كما هتفوا بهتافات عدة منها “هبتنا هبة جياع يا حكومة الضياع.. وهبتنا هبة شعبية لأجل العملة اليمنية”.
وسجل الريال اليمني هبوطا تاريخيا مقابل الدولار الأمريكي، وتخطت العملة اليمنية خلال اليومين الماضيين، حاجز الـ900 ريال للمرة الأولى مقابل العملة الأمريكية.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، أعلنت “جمعية الصرافين بعدن”، إيقاف النشاط المصرفي في المحافظة، وإغلاق محلات الصرافة احتجاجا على انهيار العملة المحلية.
“موارد مجففة”
وفي هذا السياق، يقول الصحفي الاقتصادي اليمني، محمد الجماعي إن هذا النقص الحاد في قيمة الريال “نتيجة طبيعية ومتوقعة في بلد جففت موارده الغنية”.
وأضاف في تصريح خاص لـ”عربي21″: “لم يعد يصل إلى خزينته دولار واحد، بل إن حساباته لدى المؤسسات المالية الدولية مغلقة، ولا تستطيع استقبال أي دعم أو قرض أو مساعدة”
.
وأشار الجماعي إلى أن الحكومة اليمنية ليست سوى حكومة تصريف أعمال، لا تتعامل معها المؤسسات الدولية وفق المتعارف عليه، بل وتتعرض لضغوط إقليمية وتمردات داخلية، وتخوض مع كل ذلك حربا ضروسا في أكثر من عشر جبهات، ويسيطر على قرارها تحالف عربي قادر على حل المشكلة بفتات من الدولارات، لكنه لا يفعل ذلك.
وحسب الصحفي الاقتصادي اليمني فإن تحويلات المغتربين اليمنيين تراجعت متأثرة بفيروس كورونا، كما تراجعت أيضا الصادرات الزراعية والسمكية (٣٧٠ مليون دولار إلى ١٠- ٢٠ مليون دولار).
كما أوضح أن الحوثيين يسيطرون على أكبر الأوعية الضريبية والخدمية للمالية العامة، فيما تذهب إليهم بشكل أو بآخر عائدات الاتصالات، فضلا عن توقف تصدير الغاز الطبيعي المورد المالي الأكبر لليمن.
ويمكن القول، وفقا للصحفي الجماعي إن عدم عودة الحكومة إلى الداخل أثر على الأداء الوظيفي، وأن تأخر تشكيلها يؤثر بشكل أكبر كذلك.
واستدرك قائلا: لكن تحميل الحكومة وحدها هذه النتائج الكارثية هو من باب الضرب في الميت، وتحميل الطرف الضحية وزر ذهاب معظم عمليات المضاربة الحوثية بالعملة إلى مناطق الشرعية وليس إلى مناطق الخضوع بسبب شحة السيولة هناك.
ويلفت الجماعي إلى أن صورة الأداء الحكومي ومحاولاته الحثيثة للإبقاء على الاقتصاد قيد الإنعاش، ناتج عن افتقارها إلى الإسناد الإعلامي، وأقصد هنا منظومة الشرعية برمتها، وليست الأسماء الوزارية والقيادات المالية، مؤكدا أن السهام الإعلامية المحلية والخارجية توجهت نحوها، أي الحكومة، إما نقدا لتراخي أدائها وهذا مقبول، وإما وفقا لرغبة الممول وهذا مرفوض حتى مهنيا، لأنه خدمة للمتسبب الرئيس في ذلك وهو مليشيا الانقلاب الحوثي.
ودعا إلى إسناد الحكومة، في استعادة استقرار العملة الوطنية وعدم خذلانها في مواجهة الضغوط التي لا يجهلها أحد، مشدد على أن إضعاف عملة البلد ليست هي المغزى، بل سيادته وكرامة مواطنيه.
وتابع: “وأي تفكير خارج هذا السياق يعد خذلانا للمشروع الوطني وحلم أبناء الشعب في عودة بلادهم إلى أفضل مما كانت عليه”.
وأثر الانهيار المتسارع للريال اليمني، أمام العملات الأجنبية، بشكل كبير على بيع السلع والمواد الغذائية، وفق سكان محليين.
وأفادوا بأن انهيار الريال تسبب في ارتفاع جنوني في أسعار المواد الأساسية، فيما دفع هذا الأمر، أصحاب معامل الرغيف في محافظة تعز، إلى الإغلاق احتجاجا على تدهور العملة.
ويوم الاثنين، طالب رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك، المجتمع الدولي بمساعدة عاجلة لوقف انهيار اقتصاد البلاد.
وفقد الريال اليمني 250 بالمئة من قيمته منذ بدء الحرب عام 2015، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسبة 140 بالمئة، حسبما ذكره برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في اليمن، الأسبوع الماضي.
وللعام السادس على التوالي، يشهد اليمن حربا بين القوات الموالية للحكومة، ومسلحي الحوثي المتهمين بتلقي دعم إيراني، والمسيطرين على محافظات بينها صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
ومنذ مارس/ آذار 2015، يدعم تحالف عسكري عربي تقوده السعودية، القوات الحكومية في مواجهة الحوثيين، في حرب خلفت “أزمة إنسانية حادة هي الأسوأ في العالم”، وفقا للأمم المتحدة.