أين أموال المواطن بـ”الضمان”؟

كتب محمود الخطاطبة
سياسة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، التي هي بمثابة «خزنة» الأردنيين، بالإضافة إلى السياسة الحكومية تجاه هذه المؤسسة، تتسم بالتجرؤ والتطاول على أموال الأردنيين الموجودة في تلك المؤسسة، بلا أدنى أي مسؤولية، أو لنقل مثلًا نتيجة سياسات وقرارات وإجراءات، تشي بالتخبط في كثير من اللحيان.
في القتال والمعارك، يُقال بأن فلانًا مقاتل همام أو فارس مقدام.. ويُقال عن ذلك الشخص الذي يتحمل كثيرًا، بأنه قوي يتحمل الضربات، سواء أكانت بيد أو بضربة سيف أو بطعنة رمح أو برمية سهم.
إن الجزء الثاني من هذه الكلمات، ينطبق تمامًا على مؤسسة الضمان، لكن من ناحية سلبية وليس إيجابية.. فتارة تستدين الحكومة من هذه المؤسسة، بلا أي ضمانات، وتارة ثانية تفرض قرارات تُجبرها على دفع ملايين الدنانير، ومن ناحية أخرى المؤسسة نفسها تتخذ قرارات وتقر قوانين، حتمًا لا تعود بأي فوائد على المواطن، وإن كان هناك فوائد فهي قليلة، لا تكاد تذكر.
من قوانين «الضمان»، التي لا يستفيد منها المواطن، لا بل بالعكس «تجور» عليه بطريقة أو أخرى، هي اشتراكات أو إدخارات المشتركين.. فالأصل أن يتم السماح لأي مواطن أردني بسحب اشتراكاته أو إدخاراته من مؤسسة الضمان الاجتماعي، مع بقاء إمكانية السماح له بإعادة الشمول بمظلة هذه الحماية الاجتماعية متى شاء.
إن الهدف الأساسي من الاشتراك بالضمان، هو الحصول على راتب تقاعدي عند بلوغ سن الشيخوخة أو التقاعد، فضلًا عن حصول مساعدة أو علاج عند حدوث طارئ له، وذلك من خلال ما تتقاضاه المؤسسة، بدل اشتراكات، والتي تُعتبر مرتفعة جدًا، إذا ما تم مقارنتها بما يحصل عليه المواطن، بعد بلوغه سن الشيخوخة.
نتيجة لعدم انضباط وشفافية قوانين العمل، وخصوصًا في ظل أزمة كورونا المستجد، فإنه يُلاحظ بأن الكثير من المسجلين بـ»الضمان»، ممن فقدموا وظائفهم أو أُجبروا على ذلك، هم الآن وأسرهم، يلهثون وراء تأمين لقمة عيش لهم.
نسبة ليست بسيطة، من هؤلاء، «معلقون»، بمعنى أنهم لا يستطيعون العمل بعدما فقدوا وظائفهم، وفي الوقت نفسه، لديهم مدخرات مالية في مؤسسة الضمان، لا يقدرون الحصول عليها، بسبب قوانين وضعها أناس، لا يُعيرون أي اهتمام للمواطن الأردني، وخصوصًا الضعيف.
الغريب، وما يجعل في الحلق غُصة، هو أن الكثير من أولئك، مطالبون بمبالغ مالية، إما لبنوك جراء قروض سكنية أو شراء مركبة، أو بدل إيجار بيت، تراكم عليهم لعدة أشهر… أي أنهم «غارمون»، وقد يكون هؤلاء لديهم مستحقات مالية في مؤسسة الضمان، تفوق وبكثير ما هو مطلوب منهم ماديًا، والذي قد يُعرضهم لدخول السجن.
على سبيل المثال، لو كان هناك عامل أو موظف، فقد وظيفته لأي سبب كان، ولديه 120 اشتراكًا بمؤسسة الضمان.. فهو بهذه الحالة لا يستطيع إكمال الاشتراك حتى يصل إلى التقاعد، سواء المبكر أو العادي، وبنفس الوقت لا يقدر تحصيل قيمة تلك الاشتراكات، أو حتى الحصول على مساعدة.. وذلك ينطبق أيضًا على موظف القطاع العام، الذي لا يستطيع الحصول على تعويض تأمين التعطل عن العمل، باعتباره كان يعمل في مؤسسة حكومية.
وللعلم، أموال أولئك الأردنيين، الذي انقطعوا عن العمل، ولهم اشتراكات في «الضمان»، تقوم الأخيرة باستثمارها أو التجارة بها، أو وضعها في بنوك، خارجية أو داخلية، كوديعة.. ولا يحصل المواطن على نسبة بسيطة من الأرباح التي تجنيها المؤسسة جراء ذلك.
عشرات المئات من ملايين الدنانير، تحصلت عليها المؤسسة، منذ بدء سريان العمل بقانون الضمان الاجتماعي، وبالتحديد إذا ما علمنا بأن عدد مشتركي الضمان يبلغ أكثر من مليون و163 ألف مشترك ومشتركة، منهم نحو 600 ألف في القطاع الخاص، و136 ألفا غير أردنيين، وهؤلاء لهم حسبة مختلفة تمامًا.
مؤسسة الضمان، لا تكشف بشكل شفاف تماما ما تتقاضاه من أموال شهريًا من المواطن الأردني، وإلى حين تكشف ذلك سنظل ندق ناقوس الخطر.
جفرا