مع بدء الدورة غير العادية لمجلس الأمة الأردني الخميس؛ تسعى حكومة بشر الخصاونة لتوفير مناخ مناسب لكسب ثقة مجلس النواب، الذي يرى مراقبون أن توجهاته ما زالت غامضة، كونه يشهد تواجد 100 وجه جديد من أصل 130 عضوا، أكثرهم من رؤوس الأموال والعشائريين.
ويتحدث بعض المحللين عن صعوبة اختبار الثقة على الحكومة، متوقعين أن تلجأ إلى تعديل وزاري قريب، واتخاذ قرارات اقتصادية من شأنها أن تخفف الأعباء التي فرضتها أزمة كورونا على المواطنين، وتكسبها ثقة النواب التي يفترض أن يصوت عليها المجلس في غضون شهر على أكثر تقدير؛ هي مدة دورته غير العادية.
ويرى الخبير في الشؤون البرلمانية، وليد حسني، أن معالم مجلس النواب غير واضحة، “وبالتالي فإن الحديث عن صعوبة اختبار الثقة على الحكومة لا يستند إلى مقدمات علمية صحيحة”.
وقال لـ”عربي21″ إن تشكل غالب المجلس من متقاعدين عسكريين وعشائريين ومناطقيين وشباب “يعد نقطة وسط بينه وبين الحكومة، ولا يمكن أن يُتكأ عليه للقول بأن ذلك سيصعب على الحكومة الحصول على ثقة المجلس”.
وأضاف حسني أن رئيس الحكومة لن يلجأ إلى إعادة تشكيلها أو إجراء تعديل عليها لإحداث مزيد من التناغم بين أعضائها، أو تقليل حقائبها الوزارية البالغة 32 حقيبة لتقليص النفقات تجنبا لانتقادات النواب، مرجحا أن يتم التعديل الوزاري بعد جلسة الثقة لا قبلها.
وأكد أن الحكومة ستحصل بأريحية على ثقة مجلس النواب، لافتا إلى أنه “منذ عام 1989 حتى اليوم لم يحدث أن حُجبت الثقة عن أية حكومة”.
واستبعد أن يلجأ النواب إلى إثبات أنفسهم أمام ناخبيهم من خلال حجب الثقة عن الحكومة، قائلا إن “الأعمال تؤخذ بنتائجها وخواتيمها، وفي الأخير سيذهب الأكثرية إلى التصويت بثقة وثقة ونصف”.
وحول توقعاته حول إقدام الحكومة على اتخاذ قرارات اقتصادية واجتماعية تخفف على المواطنين وتسترضي النواب لتحصل منهم على الثقة؛ قال حسني إن “موضوع الثقة تمت هندسته وانتهى الموضوع، وإذا أقدمت الحكومة على قرارات كهذه فسيكون ذلك مرتبطا بتراجع جائحة كورونا، لأنها لن تضحي بالجانب الصحي كي تأخذ ثقة هي ستحصل عليها في كل الأحوال”.
ورفض حسني القول بأن ملفي كورونا والموازنة سيؤثران على كسب الحكومة ثقة النواب، مؤكدا أن هناك مفاصل لا يمكن للدولة أن تسمح فيها لمجلس النواب بأن يكون حرا طليقا، كموضوعي الثقة والموازنة، وغيرهما من الملفات الضاغطة، كالعلاقة مع “إسرائيل” واتفاقيتي وادي عربة والغاز المبرمتين معها.
من جهته؛ رأى النائب ينال فريحات أن اختبار الثقة الذي ستخوضه حكومة الخصاونة “سيكون مختلفا هذه المرة”.
وعلل ذلك بوصول 100 نائب جديد إلى البرلمان، 15 منهم من الشباب، “ولدى أكثر هؤلاء النواب رغبة في تغيير الصورة النمطية للمجلس”، لافتا إلى أن “سبب عدم ثقة عموم الشعب الأردني بمجلس النواب أنه كان طيّعا ولينا في تعامله مع الحكومة”.
وقال فريحات لـ”عربي21″ إن التحدي المطلوب من النواب الجدد على وجه الخصوص؛ هو أن يحملوا روح التغيير، مؤكدا أن المؤشر الشعبي للرضا عن المجلس متعلق بكيفية حصول الحكومة على الثقة.
وأقر بأن “من الصعوبة بمكان عدم حصول حكومة الخصاونة على الثقة”، متمنيا أن يكون الفارق بين مانحي الثقة وحاجبيها قليلا، “ما سيكون له انعكاسه على العمل السياسي في الأردن، والعلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية”.
وتابع فريحات: “في حال حصلت الحكومة على الثقة بفارق قليل؛ فإنها ستكون متخوفة من إقدام المجلس مستقبلا على إعادة طرح الثقة، وهذا سيجعلها أكثر حذرا في اتخاذ القرارات”.
وازدادت الانتقادات الموجهة للحكومة مع ارتفاع عدد الوفيات والإصابات بفيروس كورونا بالمملكة، وإقرار مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2021 تمهيدا لإحالته إلى مجلس الأمّة لاستكمال الإجراءات الدستورية بخصوصه، والذي بلغ تقدير العجز فيه 2.05 مليار دينار، وهو ضعف ما قُدر في مشروع قانون موازنة 2020.
وأكد الصحفي المختص بالشأن البرلماني، جهاد المنسي، أن “الحكومة ستصطدم خلال مناقشة بيان الثقة الوزاري بقضايا الموازنة، والوضع الوبائي، والحد الأدنى للأجور، وقانون الدفاع، والحريات العامة”.
وأضاف لـ”عربي21″ إن “هذه القضايا ستحفز النواب على توجيه انتقادات لاذعة للحكومة، وقد يحجب بعضهم الثقة عنها بسببها، ولكن الأغلبية في النهاية ستمنحها الثقة”.
وقال المنسي إن صعوبة اختبار الثقة بالنسبة للحكومة؛ تكمن في وجود تمثيل حقيقي للأحزاب السياسية في مجلس النواب، “وهذا ما يفتقده المجلس الحالي”، لافتا إلى أن تشكيلة “النواب” يغلب عليها ذوو النفوذ والعشائريون وأصحاب المال الأسود، “وهذا الخليط لن يقف حائلا دون حصول الحكومة على ثقة مريحة”.
ورجّح أن تتخذ الحكومة قرارات اقتصادية واجتماعية من شأنها التخفيف على المواطنين من تبعات أزمة كورونا، وخصوصا العمال والموظفين، بهدف استرضاء النواب والشعب معا، وتمهيد الطريق لكسب ثقة المجلس النيابي.
ولفت المنسي إلى أن المجالس النيابية المتعاقبة في الأردن يكون صوتها عاليا في البداية، وتتردد فيها الخطابات الرنانة المعارضة للحكومة، حتى إذا ما عقدت جلسة التصويت على الحكومة؛ منح أغلبهم الثقة لها، لينطبق عليهم المثل القائل “أسمع جعجعة ولا أرى طحنا”.
وكان وزير الشؤون السياسية والبرلمانية الأردني، موسى المعايطة، أعلن في تصريحات إعلامية الأربعاء أن الأولوية في الدورة غير العادية لمجلس الأمة ستكون لمناقشة مشروع قانون الموازنة، ثم انتخاب لجان البرلمان ومكتبه الدائم، ليتبعها تقديم بيان الثقة من قبل الحكومة.