قال وزير الزراعة محمد داودية ان توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني نبراس عملنا وخارطة طريقنا، مشيرا الى ان جلالته يعول كثيرا على قطاع الزراعة الذي اثبت خلال جائحة كورونا موجوديته وصلابته.
واضاف خلال استضافته في ستوديو الدستور ان لدينا قدرات ومؤهلات وبنية ممتازة لرد الفعل السريع لاغاثة الناس في الأقليم وخارجه ،ولقد أنجزنا في وزارة الزراعة وثيقة «المركز الإقليمي للأمن الغذائي» وهي بعهدة المختصين .
وفيما يتعلق بالخريطة الزراعية اكد انها ستنجز منتصف الشهر الحالي، وستمكننا من العمل في الضوء واتخاذ القرارات الدقيقة والصحيحة وستكون دليلا ومرشدا و GPS الزراعة. مبينا انها كشفت عن وجود 17 مليون دونم صالحة للزراعة ، وفق “الدستور ” .
وفيما يلي نص اللقاء.
س : كان هناك توجيهات ملكية بالاهتمام واستدامة القطاع الزراعي ، ما ابرز التطورات ؟
ج: جلالة الملك تحدث من أجل نهضة القطاع الزراعي، الذي يعول عليه تعويلاً كبيراً، فقد أثبتت جائحة كورونا التي ضربت العالم، أن بعض القطاعات تهشمت وتحطمت وبعض القطاعات أثبتت موجودية وصلابة.
لقد تأذى القطاع الزراعي، لكنه لم يتأذ كما تأذت قطاعات أخرى، مثل النقل والسياحة.
جلالة الملك عول تعويلاً كبيراً على ما هو موجود لدينا، وبالأخص الزراعة، التي يعمل فيها أكثر من نصف مليون عامل زراعي، عدا عن العمال الوافدين، وعدا عن القطاعات التي على هامش الزراعة. من هنا ركز الملك علىى الأمن الغذائي الذي تفرع إلى: الأمن الغذائي الوطني وهو تعزيز الإنتاج وتنظيم قطاع الزراعة ودعمه وحمايته وحماية ورعاية المزارعين ، والأمن الغذائي الإقليمي، الذي تحدث حوله جلالة الملك في أكثر من مناسبة، وآخرها مناسبة دعم لبنان مع الرئيس الفرنسي ماكرون، حيث تناول جلالته الانفجارات التي حدثت في مرفأ بيروت والأذى الذي لحق بلبنان واقليمنا، بلاد الشام، فجلالة الملك يولي الأمن الغذائي حقه الكامل.
ومن إجل إنجاز مسألة الأمن الغذائي، الوطني والإقليمي، تحركنا على أكثر من صعيد، وأنجزنا وثيقة المركز الإقليمي للأمن الغذائي، فكما قال جلالة الملك الأردن يتوسط ثلاث قارات، وقادر بحكم هذا الموقع الجيوسياسي أن يشكل رد فعل سريعا بحكم القرب وبحكم البنية اللوجستية الأردنية، وبحكم القدرات الزراعية والإدارية الأردنية. ومن هنا أنجزنا في وزارة الزراعة وثيقة المركز الإقليمي للأمن الغذائي، التي هي الآن في عهدة رئيس الوزراء الدكتور بشر هاني الخصاونة، وفي عهدة أيضاً وزارة الخارجية التي ستعممها على شركائنا في الإقليم، وعلى المنظمات أيضاً الشريكة لنا، المهتمة بالزراعة والأمن الغذائي والبيئة المقيمة في الأردن وخارج الأردن.
هذه الوثيقة مقدمة مهمة جداً لبناء أمن غذائي إقليمي مركزه الأردن، الذي بحكم الجوائح العديدة استمر ولم يتوقف عن إرسال مستشفيات ميدان على سبيل المثال حيثما دعت الحاجة الى غزة، والى لبنان أيضاً عندما حصلت كارثة المرفأ في بيروت وحيثما احتاج الأمر. ولله الحمد نحن لدينا قدرات ومؤهلات وبنية ممتازة لرد الفعل السريع لغوث الناس، ولإعالة أهلنا في الأقليم وخارج الإقليم.
هذه الوثيقة المعروضة للنقاش والاغناء والاكتمال ستكون مهمة لنتحرك على ضوئها، لقد انجزناها.
هذا فيما يتعلق بشق الأمن الغذائي الإقليمي، اما في موضوع الأمن الغذائي الأردني فقد اشتغلنا وفق سياسة حماية الإنتاج المحلي. فعندما نحمي الإنتاج المحلي ،وعلى سبيل المثال الحمضيات، فالذين يزرعون الحمضيات في العام القادم سيزيدون المساحة ، لأن زراعتهم لم تتلف ولم تنهر أسعار الحمضيات وأصبحت مجزية ومردودها مناسب، لذلك سيتوسعون فيها. وعندما يتوسع المزارعون سيتحقق مزيد من الأمن الغذائي الوطني.
والحماية لها شكلان، فعندما نتحدث عن الموز المستورد نحن نضع عليه رسما حتى لا ينافس الموز المحلي، أو نتخذ شكلا آخر من أشكال الحماية تتمثل في وقف ادخال الموز المستورد في ذروتيه الصغيرة في شهري 4و5 والكبيرة خلال اشهر 10و11و12 حتى لا يتضرر ولا يتأثر الموز الأردني. وحمينا الحمضيات وزيت الزيتون، فلم تدخل قطرة زيت زيتون واحدة على الأردن في هذا الموسم، لأن لدينا زيت زيتون مكدس من العام الماضي بسبب أخطاء جسيمة وقعت مما تسبب في اختناقات بالتسويق. أيضاً قمنا بحماية الدواجن، فقطاع الدواجن الأردني قصة نجاح، فنحن ننتج مليار و100 مليون بيضة، ومائدتنا عامرة بالبيض ولا يوجد شح. هذا القطاع الهائل الكبير به استثمارات هائلة، وهو يتحرك بـ75 بالمائة من طاقته. وهنا اؤكد ان مائدة الاردنيين لم تشهد خلال الجائحة شحاً لا في الخضار ولا في الفواكه ولا في البيض ولا في الدواجن ولا في اللحوم وهذا إنجاز كبير للزراعة. وقد أظهرت التجربة أن معظم القطاعات تضعضعت أو انهارت أو تدهورت باستثناء قطاع الزراعة، الذي عزز الأمن الغذائي الوطني.س: ما مدى اقبال الناس على المنتجات المحلية خصوصاً الموز المحلي؟
ج: الموز المحلي ممتاز، وذو جودة ممتازة.
وهنا اؤكد ان الزراعة الأردنية لم تخذل الناس وكانت موجودة وهناك احتمالات كبيرة بأن الجائحة كان ممكن أن تقطع تواصل العالم، فسلاسل التوريد العالمية توقفت، فالطيران توقف، والنقل البري توقف في أكثر الحالات، والنقل البحري انخفض، وانتاج السلع الغذائية في العالم كله انخفض، وعندما حصل الحظر في بعض الدول لاسبوعين وثلاثة، الناس لم تزرع ولم تحرث ولم تقطف لكننا لم نتأثر، ويجب أن نحسب حساب جائحة أخرى لا سمح الله من زلازل وفيضانات، حيث قد يتعذر الاستيراد من الخارج.
وهنا اشير الى ان الاسواق المركزية يصلها يومياً 4 آلاف طن من الخضار والفواكه، وهذه حاجته الكاملة ولا يوجد نقص ،لا بل لدينا فائض ، فنصدر يوميا ألفي طن من الخضار والفواكه إلى دول الجوار وأوروبا وهذه أيضاً قصة نجاح كبيرة جداً، ولدينا 22 محصولا زراعيا انتهينا من العجز فيها، وكمثال على ذلك البطاطا، والآن جاء دور الثوم والبصل.
الزراعة اليوم مرعية ولذلك سيتشجع المزارعون للعمل والتوسع فيها.
وبالنسبة للاستزراع السمكي، فقد اثبت انه ذو جودة عالية جداً، بسبب المياه المتجددة ،وهناك إقبال متزايد على تناول السمك ولدينا انتاج محلي بين 28 – 30 % ، ولدينا نقص في العسل والانتاج المحلي بحدود 20 بالمائة
ويشكل تنظيم الأسواق المركزية واحدا من همومنا، وقد ادرك الوزراء الثغرات والحلقات الطُفيلية العلقية سنتخلص منها.
لقد وجهنا جلالةُ الملك لبناء الخريطة الزراعية وهذه مهمة كبيرة جداً، حيث تشكّلت لجنة توجيهية عليا برئاسة دولة رئيس الوزراء الدكتور بشر هاني الخصاونة، تضم الوزارات المختصة.
وشكل دولة رئيس الوزراء لجنة فنية برئاستي عقدنا اجتماعها الأول يوم الخميس الماضي، ونحن على وشك أن نستكمل متطلبات هذه الخريطة وهي GBS الزراعة، فلا يمكن أن نأخذ قرارات دقيقة وصحيحة وعميقة في مسألة الزراعة بدون أن نحدد ونوفر البيانات اللازمة لنرى ولنتحرك في الضوء وليس في العتمة.
وهنا اؤكد ان الخريطة الزراعية التي ستنجز قبل منتصف هذا الشهر ستكون متاحة أمام الرأي العام، كما وجه جلالة الملك.
ثمة فريق وطني فني متخصص يعمل على هذه الخريطة ويستكمل متطلباتها.
هذه الخريطة هي دليل ومرشد ومستودع بيانات الزراعة كاملة، من مناخ وبيئة ومياه واراض صالحة للزراعة ومياه جوفية وابار ومحميات وكل ما هو ضروري ليعرف متخذو القرارات ماذا سنزرع. ان اكتمال هذه الخريطة سيقدم لنا 17 مليون دونم من الأراضي الصالحة للزراعة ستكون متاحة لإستئجار ابنائنا العاطلين عن العمل، وللأهالي المجاورين وللجمعيات التعاونية الزراعية لتستثمر حسب رزنامة زراعية. وأيضاً توجيه الزراعات التي من الممكن أن تكون زراعات تعاقدية، بحيث لا يكون هناك اختناقات زراعية في المستقبل.
إذن الجائحة تركت آثارا عميقة على مجتمعنا، لكن الوجه الآخر لها مردود إيجابي على الزراعة على وجه التحديد.
ونحن باختصار لدينا قصص نجاح كثيرة جداً، منها الدواجن، وأيضاً التمر المجهول الذي حصتنا منه 13 بالمائة من تمر العالم المجهول.
هذا كله لم يأت من فراغ ولن يمضي إلى فراغ، فالزراعة موضع اهتمام عميق ودائم ومتصل من جلالة الملك ودولة الرئيس والحكومة.
س: مؤخراً كان هناك اجتماع بينكم وبين وزارة الصناعة بشأن تعزيز التكامل بين القطاعين، حدثنا عن أبرز التطورات في هذا الجانب؟
ج: الاجتماعات متلاحقة ومتواصلة، زارنا وزير العمل قبل أيام، والتقى بمجلس الشراكة وهو مجلس مهم يتكون في معظمه من القطاع الخاص وناقش معهم مسألة العمالة الزراعية، وتصاريحها التي يشكو منها المزارعون وهي شكوى محقة. ولدينا لقاءات متواصلة واتصالات واجتماعات مكثفة، فلا يوجد ركون ولا بيروقراطية. نناقش مشكلاتنا وسنذهب إلى كل مكان يحتاج إلى وزير أو وزيرين أو ثلاثة لاتخاذ القرارات، فنحن حكومة قرارات ولسنا حكومة بروتوكولات.
س: ماذا عن أحوال المزارعين بشكل عام، وما هي سبل تحسين أوضاعهم؟
قمنا مؤخراً في مجلس إدارة مؤسسة الإقراض الزراعي وبتوجيه من دولة الدكتور بشر الخصاونة رئيس الوزراء، لتأجيل استيفاء القروض الزراعية لمؤسسة الإقراض الزراعي لثلاثة شهور: هي الشهر الحالي وشهرا 1+ 2 من العام القادم ، وهذا جاء في فترة احتياج كبيرة جداً للسيولة.
لقد اثقلت الجائحة على المزارعين وعطلت وأغلقت في أحيان كثيرة وأربكت الإنتاج وأربكت التسويق، ولذلك مؤسسة الإقراض الزراعي أوقفت استيفاء شهري 4 و5 وأوقفت استيفاء القروض أيضاً لاشهر 7 و8 و9، والآن أوقفت استيفاء أشهر 12و 1 + 2. أي في أقل من سنة تم إيقاف استيفاء أقساط القروض الزراعية ثمانية أشهر، وهذا رعاية وحماية ودعم أيضاً. نحن نعمل على معضلة التسويق الزراعي بحثا عن الحل الأنسب. ونحن على وشك أن نعقد المجلس الزراعي الأعلى الذي يترأسه دولة الرئيس.
لقد ذهبت إلى وادي الأردن والزرقاء والضليل والحلابات، والتقيت بالمزارعين، هناك منشآت واستثمارات كبيرة جداً بمئات الملايين، تمثل قصة نجاح كبيرة جداً، وهذا يدعونا إلى أن نعيد النظر إلى القطاع الزراعي، ليأخذ المزيد من الدعم والاحترام والاهتمام والرعاية والحماية.
وفي باب دعم المزارعين فإننا سنعدل قانون صندوق المخاطر الزراعية ليشمل الأضرار الزراعية كافة وليس الصقيع فقط. فهناك أضرار أخرى تمس القطاع الزراعي يجب أن نغطيها، كالعواصف والفيضانات والانجرافات وحرائق الغابات التي تمتد إلى الأملاك الخاصة.
وزارة الزراعة ورشة كبيرة وهائلة جداً، ومن هنا من الضروري أن يكون لها أمين عام ثان.
لقد بدأنا في العمل على نقل مقر الوزارة من مكانها الحالي إلى أرض جديدة على شارع الأردن، فنحن ندفع أكثر من 400 ألف دينار اجرة سنوية للمبنى الذي تم استئجاره في في ايلول عام 1988، وتم دفع أجرة لهذا المبنى حتى الآن أكثر من 8 ملايين دينار. وأيضاً هناك اتجاه أن نخرج من كل الأبنية الحكومية المستأجرة. فلا توجد إمكانية لأن تستمر الأبنية الحكومية المستأجرة عندما نعلم أن الأراضي متوفرة، فأراضي الخزينة لكل الوزارات المستأجرة متوفرة. ونتامل ان يضم مبنى وزارة الزراعة الجديد كل دوائرها ومؤسسة الإقراض الزراعي والمؤسسة التعاونية واتحاد المزارعين ونقابة المزارعين وأيضاً مبنى للهيئات الدولية والإقليمية الراغبة التي لها اتصال بالزراعة والغذاء والمياه والبيئة.
اما بالنسبة لاستعداداتنا لفصل الشتاء فسنحتفل في 15 كانون الثاني بعيد الشجرة، وهذا احتفال وطني عالمي يرعاه جلالة الملك في موقع من مواقع الغراس، حيث ان وزارة الزراعة تنتج الآن حوالي 3 ملايين غرسة حرجية وأيضاً مثمرة، سيتم توزيعها على كل الجهات التي لديها استعداد ورغبة ولديها إمكانيات لزراعة الغراس الحرجية.
ويجب من الان الاستعدادا لشهر رمضان المبارك، لضمان توفر السلع الزراعية باسعار مناسبة واعني الدجاج والبيض والخضروات والفواكه واللحوم.