نشرت صحيفة “بياتريس ديلي سان” الأمريكية تقريرا بينت فيه كيفية تأثير الصحة النفسية على قراراتنا المالية، وكيف يمكن تفادي ذلك.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته “عربي21“، إن “صحتك النفسية خاصة خلال الفترات العصيبة، مثل جائحة كورونا، يمكن أن تلعب دورا مهما في القرارات المالية التي تتخذها. لذلك، ترى الخبيرة المالية تارا تاسينغ أنفرزات أن مجرد التعرف على المشاكل النفسية التي تمر بها من شأنه أن يساعد على الحد من تأثيرها عليك”.
قد تؤدي بعض مشاكل الصحة النفسية إلى عواقب مالية خطيرة. وفيما يلي، ثلاثة سيناريوهات يجب أخذها بعين الاعتبار لتفادي الوقوع في هذا المأزق، وبعض النصائح التي يمكنك اتباعها للحفاظ على صحتك النفسية وضمان اتخاذ خيارات مالية حكيمة.
– عندما يصبح الإسراف في إنفاق المال إدمانا
قد يكون التباهي ممتعا أحيانا، وقد نشعر بالتحسن عندما نشتري أشياء لسنا بحاجة إليها بالفعل. وتؤكد المتخصصة في المعالجة المالية ميغان ماكوي أن “هناك نقطة نحتاج فيها إلى الموازنة بين أهدافنا المالية والحاجة إلى الإشباع الفوري”.
وأشارت الصحيفة إلى أن هوس الشراء يقوم على الرغبة القهرية في التسوق، وعادة ما يكون مصحوبا بالتوتر قبل إجراء عملية شراء وشعور قصير المدى بالتحرّر بعد ذلك. وفي حال اكتشفت أنك تُسرف في الشراء لإدارة اضطراباتك العاطفية، فهناك بعض الأمور التي يمكنك تجربتها حتى تتدارك هذا الوضع، ومن بينها:
● تجربة التسوق عبر الإنترنت، والاحتفاظ بالعناصر التي انتقيتها في عربة التسوق لمدة 24 ساعة على الأقل، والتحقق منها لاحقا لتقرر ما إذا كنت لا تزال تريد شراء هذه المنتجات أم لا.
● اتباع بعض الحيل لجعل إنفاق المال عسيرا عليك. فعلى سبيل المثال، تتيح بعض البنوك خيار إغلاق بطاقات المدين والائتمان، ما يضيف خطوة أخرى إلى عملية التسوق الخاصة بك. وبدلا من ذلك، يمكنك اللجوء إلى الدفع نقدا في المتاجر.
● وضع بعض القواعد لقائمة مشترياتك، مثل تحديد نطاق نفقاتك. أما بالنسبة للمشتريات باهظة التكلفة، فاحرص على التثبت من رصيدك المصرفي قبل التسوق.
– عندما يؤدي القلق بشأن الوضع المالي إلى المبالغة في التقشف
أوضحت الصحيفة أن القلق والخوف آليات دفاعية تحذرنا من التهديدات التي تترصد بنا وتساعدنا على تخطي العقبات التي تعترضنا، ولكن هذه العواطف يمكن أن تنعكس علينا سلبا عندما نفرط في استحضارها. ويمكنها أن تلعب دورا كبيرا في كيفية إدارتنا للأموال.
ونقلت الصحيفة عن ماكوي إنه “عند امتلاك ثروة كبيرة، يستحوذ علينا الخوف الشديد من فقدانها”. ويتعلق هذا الشعور بفكرة الاقتصاد السلوكي المتمثلة في النفور من الخسارة، نظرا لأن تأثير الخسارة على نفسيتنا يكون أكبر مقارنة بكسب المبلغ ذاته تقريبا. وحتى لو لم تكن غنيا، يمكنك اختبار هذا الشعور أيضا.
إذا كنت تشعر بأنك تلهث وراء الصفقات الشرائية أو تتبع أسلوب حياة مقتصد أكثر من اللازم، فقد تجد نفسك عالقا في دائرة تكديس المدخرات لا غير. لكن يمكنك معالجة قلقك بشأن خسارة المال عن طريق:
● إنشاء ميزانية جديدة بالاستعانة بمستحقات آخر شهرين.
● اكتشف من أين تأتي هذه العواطف بشأن المال. مثلا استحضر ذكرياتك التي تتمحور حول المال وكيف تعاملت عائلتك مع المال، أو مع نقصه.
● تخصيص حساب ادخار للرعاية الذاتية. في حال كنت تواجه مشكلة في إنفاق الأموال على نفسك، فافتح حسابا جديدا، وقم بعمليات تحويل شهرية لمبلغ محدد. وهذا من شأنه أن يساعدك على تقسيم مدخراتك لتحقيق غايات مختلفة.
– عندما يؤدي الاكتئاب إلى نقص مدخرات المعاش التقاعدي
أوردت الصحيفة أن الاضطرابات النفسية التي يمكن أن تتجلى في شكل قلق واكتئاب، تؤثر على مقدار ما يدخره الناس للتقاعد، وذلك وفقًا لدراسة نُشرت سنة 2017 من قبل فيكي بوجان، الأستاذة المشاركة الخبيرة في البحوث السلوكية في جامعة كورنيل، وأنجيلا فيرتيج، الخبيرة الاقتصادية والمحققة البحثية في معهد ميديكا للبحوث.
وقد خلصت هذه الدراسة إلى أن الاضطرابات النفسية يمكن أن تجعل الشخص أقل ميلا لإنشاء حساب تقاعدي بنسبة 24 بالمئة، وتجعله تدريجيًا أقل استعدادا للمجازفة بالاستثمار. وبالتالي، قد تؤدي هذه السلوكيات إلى الادخار بشكل أقل.
وإذا كنت تجد صعوبة في تحفيز نفسك على الادخار للتقاعد:
● تقبل ما تشعر به.
● قسّم هدفك إلى مهام أصغر، ففي حال لم تكن تملك الكثير من المدخرات وترغب في إنشاء خطة ادخار، فقد يتعيّن عليك أولا التحقق من أرصدتك البنكية.
● الحصول على المساعدة إذا كنت في حاجة إليها. فعلى سبيل المثال، يمكن للمعالج المالي مساعدتك على التعامل مع التحديات واستنباط استراتيجيات لمواجهة أنماط التفكير المضرة. وبالنسبة للاكتئاب الشديد، يمكنك الاستعانة بطبيب نفسي الذي سينصحك ببعض الأدوية إذا لزم الأمر.
– كيف تدير عواطفك وأموالك؟
إذا كنت تشعر بالضيق بسبب الوباء أو البطالة أو أي أزمة أخرى، فقد يكون تخطي هذا الوضع أمرا صعبا. ومن أجل رعاية نفسك، يمكنك ممارسة التأمل والرياضة بانتظام والحصول على قسط كافٍ من النوم. وتوصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالنوم لسبع ساعات على الأقل يوميا للشعور بالراحة، وهذا من شأنه أن يقلل من التوتر.
وأوصت الصحيفة باستشارة معالج أو مخطط مالي إذا ساء وضعك واستمر شعورك بالضيق. وتقول أنفرزات إن “المعالج المالي سيشعرك بالارتياح من خلال التحدث معك عن المال والعواطف وتقاطع هذين الأمرين”. والوصول إلى الجذور العاطفية لسلوكك المالي يعدّ بمثابة الهدف الذي ينبغي تحقيقه.
وخلصت الصحيفة إلى أنه مهما كان ما تقرر القيام به، تذكر أنه لا بأس إذا لم تشعر دائما بأنك على ما يرام. وترى ماكوي أنه “ينبغي علينا التركيز في الوقت الراهن على صحتنا النفسية خاصة في ظل الظروف التي يمر بها العالم”.
عربي ٢١